الفن الحقيقي لا يموت بل يبقى خالدا
محمد لحميسة
وهذا الخلود لايمنحه عشاق ذلك الفن ، بل المواضيع وعمق ما عُبِّر عنه هو الذي يصنع تلك الحالة السرمدية .
و أستطيع لمس ذلك الخلود في أغنية تعود للسبعينات لمجموعة ازنزارن الاسطورية وعنوانها “تيلاس” اي الظلام ، والعبارة الشهيرة في هذه القطعة الفنية هي ” أوريموت أولݣماض إسكا إكشم تيلاس ” ومعناها أن الثعبان لم يمت إنما دلف للظلام أو مختبئ في الظلام ، وحثما سيخرج طال الزمن أو قصر .
في البيت الموالي وضعت الاغنية السبب في اختباء الثعبان عندما قالت ” أ تافوكت ليغ أيݣمر أسول أوريلان ” أي أن غياب الشمس التي تضيء له ساحة نشاطه وقنصه هي من فرضت عليه الانزواء في الظلام ، بالتالي توفر الشمس والضوء الذي هو كناية عن الظروف المواتية ستجعل الثعبان يكشر عن أنيابه مرة أخرى .
ويمكن إسقاط هذه النعوت وماوراء هذه الابيات على ما يجري في الساحة السياسية منذ مطلع القرن الجديد بإنتقال السلطة وبداية ما سمي بالعهد الجديد ، الانصاف والمصالحة ، القطيعة مع ممارسات العهد القديم ، وانتهاءا بالحركات الاجتماعية (20 فبراير ، الريف ، جرادة ) والاحتقان الاجتماعي وشيوع فقدان الثقة في السياسيين ، ففي الأخير أدركنا أن الثعبان لم يمت ، وكان فقط يتحين الفرصة للخروج ويلتهم معارضيه بشتى الطرق ، وبالتالي صدق عبدالهادي ورفاقه ، ولا أريد أن أطنب في الشرح فكما يقال اللبيب بالإشارة يفهم ، ولست بالضرورة أقصد شخصا بعينه لكن الأزمة في رأيي عنوانها النسق الثقافي للسلطة .
تحمل الأغنية أيضا أبعادا أنطولوجية جميلة تلامس الانسان في كيانه وفي ديمومته وفي افكاره ، تجعله يسترق من الحياة بعض اللحظات ليفكر ، ليتساءل ، لينتقد ، وربما ستظل هذه النوعية من الأسئلة حبيسة النفس والذات والجواب عنها سابع المستحيلات.
الا ان الأهمية تكمن في السؤال (كغاية في ذاته) وفي اللحظة التي تعتزل فيها العالم لتناجي روحك ، يقول في مطلع الاغنية ” نكا بوتفالا نوضا نيلي غ أوغاراس كولو مايلان افود أرفلاتي تاكلن ” ومعناها حالتي تشبه الثعبان الواضح في الطريق وكل من يمشي يعفس علي ، وفي بيت آخر “السم إفغ ألݣماض إكشمك أيانواش ” أي السم خرج من ثغر الثعبان وأصبح في فم الحاسد .
التعليقات مغلقة.