..عبدالله بوشطارت..
يقودنا الحديث عن الانتخابات الجماعية والجهوية القادمة، إلى الكلام عن التجارب الحالية التي تعيش آخر لحظاتها، وهي مجالس جماعية أفرزتها انتخابات سنة 2009. والحق يقال، وإنصافا للتاريخ، فإن كل المجالس المنتخبة على جغرافية ايت باعمران في الفترة الأخيرة، هي مجالس مفلسة وسيئة، إلى درجة أن الساكنة فقدت كل الآمال في هذه المؤسسات المنتخبة، وتحولت بذلك الجماعة إلى “الزريبة”. وسبب هذا الإفلاس والبؤس هو طبيعة “البروفيلات” التي تستحوذ الفعل الانتخابي وتفرض نفسها كرها على الناس. وهي في الغالب كائنات احترفت حرفة الترشح وأصبحت شغلها الشاغل لسنوات.
جل المجالس في ايت باعمران أمضت فترة التسيير – 6 سنوات-في صراعات شخصية بين الأعضاء والرؤساء. فقد تفجرت الصراعات بين رؤساء الجماعات ونوابهم بعد مرور شهور على تشكل المجالس، ولم تدم أيام “المشماش” إلا بضعة شهور أو أسابيع. صراعات وتطاحنات ليس سببها طريقة تنزيل البرامج والمشاريع وتنفيذ الأولويات، وليست اختلافات في التوجه بين الأغلبية والمعارضة المعروفة في العالم والتي تتحكم في اللعبة الديموقراطية. وإنما هي صراعات مصالح شخصية انطلقت من المنفعة الذاتية، وتفجرت بين أعضاء الأغلبية، لتصيب كل دواليب الجماعة بالشلل وتعطل مصالح الناس. اختلافات تثير الضحك والاستغراب حين تسمع عن أصولها وأسبابها.
في إحدى الجماعات، وفي ظل صراع قوي ومعقد نشب بين الرئيس وأغلبيته، انكشفت فضيحة سياسية كبيرة، شكلت في حينها صدمة مدوية، بعدما تم تسريب وثائق موقعة من طرف الرئيس يتم بموجبها أداء مقابل شهري لفائدة بعض الأعضاء من اجل تكوين أغلبية مريحة والتصويت على الرئيس الذي اشترى ذمم أعضاء صوتوا عليهم السكان لتمثيلهم في الجماعة. هي فضيحة لا يمكن للزمن أن يطمسها، كما لا يمكن أن تكون سحابة عابرة تمر مع الأحداث الكثيفة والمتسارعة… هذه الصراعات سببت أزمة حادة في التموقعات السياسية، وساهمت في تقليب الأدوار، وانتقلت المعارضة التي كانت تقود نزاع قانوني حول أهلية الرئيس في المحاكم المختصة، إلى أغلبية مساندة له… واصطف بعض نواب الرئيس في الجبهة الأخرى…. هذه الخلطة العجيبة، الغريبة، فسحت المجال للمزاجية والعشوائية والفوضى الدائمة. وأصبح الرئيس يسبح في الوهم والوحل معتقدا أنه جبار، سحار، يمتلك مفاتيح تغيير كل شيء بمجرد أنه يدخل يديه في جيبه.
جماعة تيوغزا، هي الأكثر الحالات الشاذة ضمن هذا “الكوكتيل” من المجالس المفلسة والمخيبة للآمال، تطاحنات وصراعات بدأت صغيرة بين الرئيس ونوابه وكبرت ثم تعقدت بشكل مخيف، ولم يتركوا حتى ما يسمى ب”شعرة معاوية” لإصلاح ما يمكن إصلاحه، واستحضار مصالح ومنافع الناس الذين وضعوا فيهم الثقة والمسؤولية. وأضحى الجميع يتابع ويتفرج في مسلسل مشاحنات واتهامات بين الطرفين خلال دورات المجلس وخارجها. صراعات أدت إلى تجميد عمل المجلس، وتعطيل مشاريع هيكلية مهمة كانت مقترحة في السنوات الماضية، كمشروع إعادة هيكلة مركز تيوغزا، وإنشاء سوق للسمك والخضر وغيرها، وبالرغم من توفر المبالغ المالية لإخراج هذه المشاريع إلى الوجود إلا أن عدم المصادقة عليها داخل اجتماعات المجلس القروي حال دون ذلك.
يتبع…
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.