على إثر ما وقع اليوم الأربعاء 15 يونيو 2016 من اعتقال لشخص بمقر عمله بالرباط بتهمة الإفطار العلني، وقبل يومين بمدينة زاكورة من اعتقال شابين وإحالتهم على المحكمة الابتدائية بتهمة الإفطار العلني، وبعد أن ربطت حركة تنوير مجموعة من الاتصالات للتأكد من ملابسات الخبر، تم عقد اجتماع تشاوري لأعضاء المكتب التنفيذي لحركة تنوير، وتم الخروج بالبيان التالي مرفوقا بعدد من التوصيات :
نستنكر اعتقال المواطنين السالفين الذكر بتهمة الإفطار العلني ونعتبره تدخّلا تعسفيا في الحياة الشخصية للأفراد وفي حقوقهم المعروفة عند كل شعوب الأرض، وهو حق إنساني تكفله المواثيق الدولية المتعلّقة لحقوق الإنسان التي سبق للمغرب أن وقّـع عليها. ونطالب الـدولة الكف من هذه الاعتقالات واعتبار الحق في الفضاء العام لجميع المواطنين بغض النظر عن اختياراتهم الشخصية، وجعله فضاءا لممارسة الحريات الفردية والجماعية والابداع الفني والجمالي والطقوس الدينية وغيرها، عوض اعتقال الناس بسبب ممارسة حقوقهم وحرياتهم في اختيار نمط حياتهم في الأكل والشرب أو اللباس.
ندعو لمراجعة المادة 222 من القانون الجنائي المغربي، والتي ورد فيها: “كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، و تجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من اثني عشر إلى مائة و عشرين درهما”. هذه المادّة التي لا تتناسب مطلقا مع دستور البلاد وتوجهاته الكبرى وعصرنا.
نسجل أن شهر رمضان الكريم، للأسف، أصبح شهرا لخنق الحريات الفردية عامة، و حرية اللباس والأكل والشراب خاصة، والدفع بالأقليات نحو بيوتهم والفضاءات الخاصة وممارسة “قضاء الشارع” تحت ذريعة: الفصل 222 الذي يجرم حرية الإفطار، وفكرة “أنا الأغلبيـة”. وهي سلوكيات لا تمت للدين بصلة، ولا يوجد أي نص ديني يشرعن اعتقال من أفطر في نهار رمضان، أو يدعو الناس لتعنيفه أو صلبه. ما يتطلب من الدولة إعادة النظر في مقرراتها الدراسية وسياستها العمومية لإنتاج جيلا جديدا من المواطنين لا يستفزهم الاختلاف ولا يثير اشمئزازهم.
نؤكد أن التطرّف الدينِي وتعنيف الأقليّات ونبذ الآخر المختلف… إنما هي ثقافة دخيلة عـلى المجتمع المغربي المتعدد والمتنوّع، الـذي كان فـي الأمس القريب مجتمعا يطبعه الاختلاف العقدي بين المسلمين واليهود، والذي جعل من أرضه فضاء للتبادل الإنساني العميق الذي أعطى معنى حقيقيا لقيمة التسامح، هذا قبْل دخول التراث الإسلامي الوهابي للمغرب عبر جمعيات دعوية وجماعات دينيّـة متطرفة، توفرت لها سيولة مالية خيالية لاستنبات بذور التخلف وبناء دولة الاستبداد ـ وعليه نطالب من المؤسسات الدينية وعلماء الدين العقلانيين الوسطيين بـ “تـنوير الخطاب الديني” وتجريم التحريض على العنف باسم الدين ونصوصه.
نهيب بكل الفاعلين السياسيين والمدنيين الانخراط بجدية في مسلسل تحديث المجتمع، فلا سبيل لإلحاقنا بركب الدول المتقدمة ما لم نتبنّى قيم الحداثة واحترام حقوق الناس بما تحتويه من حريات جماعية وفردية. وفي هذا السياق نثمن المبادرة الملكية الداعية لتنقيح مقررات التربية الدينية، ونضيف إليها دعوتنا للهئية العليا للاتصال السمعي البصري، لتنقيح إعلامنا كذلك من مختلف الخطابات العنصرية و الاقصائية التي يبثّها، وندعو لمراقبة الإذاعات وما يبثّ فيها مـن “شعودة” وأحكام رجعية تجاه المخالفين والمختلفيـن.
وفي الأخير:سوف لن يحدث أي ضرار باستقرار ووحدة بلدنا المغرب، إذا كان كلٌ في مكانه يستمتع بحقوقـه الموفورة، تحت حـماية القانون باعتبارهم مواطنين كاملي المواطنة، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو لغتهم.
عن الـمكتب التنفيذي.
0613923289
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.