الدين السياسي سر البلاء على العباد … التاريخ السياسي للأديان يخلوا من أي دليل أو إشارة معتمدة المصدر الموثوق إلى وجود أحزاب تنظيمية ذات أغراض سياسية بحتة كونها تتخندق طائفيا بالضرورة الحتمية لطبيعة الدين والمذهب المنزلة بالتخصيص الالهي في الحقبة الزمنية لتقويم الشرك وأهله ونصحهم إلى طريق التوحيد وتقف الديانات الرئيسية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية على رأسها وان كتبها الموسومة بالتبجيل قد خلت في نفحاتها الكريمة بكرم بارئها جلا وعلا وكذلك سنن الأنبياء المختارين لم تمنح الجواز الشرعي إلى تسييس المفاهيم السماوية لأنها محكومة بمجموعة من القواعد الربانية الآمرة الواجب إتباعها.
اذاً التحزب داخل الدين الواحد أضحى صناعة سياسية دنيوية ينتهج الطائفية والعنصرية حتما وتنعدم فيه العدالة بكل أنواعها عندما يتبوأ الصدارة في قيادة الجمع المؤمن التي تتعدد فيه المعتقدات الدينية والدنيوية ومنها التشريعات الوضعية التي تتبنى المقررات الأممية المتعلقة بالعهود والمواثيق الدولية التي تمنح حق الضمير وحرية التفكير والمعتقد، كما تنتشر في ظلها الفتوى غير المسندة والدجل والشعوذة لديمومة البقاء على سدة حكم العباد تحت أي ثمن حتى وان كانت تتعارض مع الأحكام إلالهية المطلقة.
فالدين الإسلامي مثلا يعتبر كل المؤمنين حزب الله من اجل التوحيد والتقوى وصفاء النفس وطهارتها وان التاريخ الإسلامي منذ عصره الأول على زمن النبي الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وتابعيه بإحسان من خلفائه الراشدين وما أعقبه من خلافات متعاقبة كالأموية والعباسية والعثمانية التي تشرفت جميعها حمل لواء الجهاد الأكبر بنشر الراية المحمدية في إرجاء المعمورة بالتكليف الالهي، ولم تكن الأحزاب حاضرة أو أنها أسهمت في هذا الشرف عال المآب.
إن آلية التحقيقات التاريخية الباحثة في صحة الأحداث وما صاحبها من متغيرات وما واكبها من إرهاصات لا تحتاج العناء عند أصحاب الشأن الموثقين النجباء للموروثات الاجتماعية والسياسية . فالأحزاب الإسلامية نشأت حديثا بطريقة دراماتيكية وتحديدا في فترة الخمسينيات القرن الماضي وخاصة في الوطني العربي وما جاوره من البلدان الإسلامية حتى انتشرت في عموم العالم الإسلامي بعد حين ومن بينها ما يسمى الثورة الإسلامية في إيران حيث تكشفت الأسرار مؤخرا عن اتصالات خميني الدجال مع المخابرات الأمريكية التي تسربت بعد مرور المدة القانونية المانعة من النشر فأن الفضيحة هذه قد رافقتها فضائح مخزية على نظام الفاشية الدينية في طهران مثل زيارة مكفارلين نائب وزير خارجية أمريكا آنذاك الى طهران سرا إبان الحرب العراقية الإيرانية وفضيحة ايران كيت وغيرها الكثير.
وحدة موضوعنا لديها وثائق موثقة وأدلة دامغة لا تقبل التأويل أو التطبيل أو البطلان مأخوذة من مصدرها الأساسي ومنشورة في كتب (عبد الحسنين هيكل) مفادها ما يلي حينما تبوأ الرئيس ( أيزنهور) رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية العام 1953 اختار صفوته للإدارة هذه الدولة العملاقة للخارجية والدفاع والأمن القومي والمخابرات المركزية وقد وقع الاختيار على الأخوين جان فوستر دلس لوزارة الخارجية وألن فوستر دلس للمخابرات المركزية ، كانت هذه الفترة بداية الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي والصراع على النفوذ في محيط الأرض عبر القارات الخمس . وقد تبنى هذا الرئيس ذو الخلفية العسكرية خطة جهنمية لمواجهة النفوذ السوفيتي المتنامي وانتهج أسلوب استراتيجي نوعي يسمى حرب الأفكار للوقوف بوجه العقيدة الأيدلوجية الشيوعية.
وقد أوعز للأخوين جان فوستر وألن فوستر بتقديم دراسة حول حرب الأفكار والذهاب إلى المنطقة العربية والدول الإسلامية المجاورة لحثهم على تأسيس أحزاب دينية وتخويفهم من المد الشيوعي الملحد وتقديم كل إشكال الدعم المادي والوجستي على المستويات التنظيمية والأهداف الفكرية والعقائدية المستوحاة شكلا من الدين الحنيف وهكذا الحال مع باقي الدول الإسلامية من التبت شرقا وحتى شمال إفريقية غربا ) هذا ملخص تراجيدي لنشأة التيارات الدينية الإسلامية التي تتحكم بمصير العباد في العديد من دول الشرق الأوسط وتتحدث عن المبادئ الوطنية والقومية والقيم السماوية والأخلاق والعدل والإيمان والصراع مع الغرب وعلى رأسهم الشيطان الأكبر وقضايا المسلمين المهضومة من قبل أمريكا والديمقراطية وحقوق الإنسان . عزيزي القارئ الكريم هذه المعلومات المؤكدة نسردها كما هي دون رأي اجتهادي من قبلنا لان الرعاية الميمونة لأحفاد ايزنهور لا زالت قائمة لهذه الأحزاب بمختلف مذاهبها بل قد سلمتها صناعة القرار وشؤون العباد وأوعزت للبعض منها بخيار التطرف. لان فترة الخمسينيات لم يكن مفهوم الإرهاب مطروح على الساحتين الأمريكية والدولية ولا التطرف الإسلامي كان ظاهرا أو موجودا على الإطلاق .
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.