الحركة الأمازيغية ما بعد ليركام؟
د.الحسين بويعقوبي //
تمت المصادقة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتأسيس المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية بصيغته التي ستؤدي لحل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وضمه للمجلس، في انتظار قول المحكمة الدستورية. وفي حالة تأسيس أكاديمية محمد السادس للغة العربية ستكون إحدى اللغتين الرسميتين ذات مؤسسة أكاديمية والأخرى بدونها، في “زمن الاعتراف” كما أسميه أو زمن”أمازيغية الدولة” حسب تعبير عبد الله حيتوس.
لا نحتاج لعناء كبير لاستنتاج التعامل التمييزي للدولة في تعاطيها مع لغتيها الرسميتين. وبعد ضم المعهد للمجلس، بعد 19 سنة من وجوده, تكون الأمازيغية قد دخلت مرحلة جديدة، مؤكدة بأن الدولة منذ 2001 هي التي تقوم بالفعل في حين تقوم الحركة الأمازيغية بردود الفعل، عكس فترة ما قبل 2001, حين كانت الحركة الأمازيغية مباذرة على الأقل كل 10 سنوات (1980 الجامعة الصيفية- 1991 ميثاق أكادير- 2000 بيان محمد شفيق) وتضطر الدولة للتفاعل حسب ما يقتضيه السياق.
قد يرفض البعض لسبب أو لآخر اعتبار تأسيس ليركام حدثا مفصليا بين مرحلتين، لكن واقع الحال يتبث العكس. فهو إعلان صريح عن الانتقال من “مرحلة الاقصاء” إلى “مرحلة الاعتراف”، وهو ما كانت له نتائج إن على مستوى تعاطي مؤسسات الدولة نفسها مع الأمازيغية أو على مستوى الدينامية الداخلية للحركة الأمازيغية، سواء من حيث تعدد الانشطة المنظمة بفضل دعم المعهد أو تقسيم الحركة إلى موالين للمعهد أو رافضين له أو متابعين له وفق المواكبة النقدية، كما أن جيل جديد من الشباب المهتم بالأمازيغية ولد في فترة الاعتراف فوجد المعهد والقناة الامازيغية وشعب الدراسات الامازيغية وتجربة تدريس الامازيغية وجوائز للابداع الأمازيغي وبداية ظهور سوق شغل رسمي بالأمازيغية….جيل لا يفهم الموضوع إلا في ظل “أمازيغية الدولة” وقد يجد نفسه في مواجهة بعض أعضاء الجيل السابق الذين قد لا تروقهم طريقة تذبير الدولة لملف الأمازيغية. جيل بقدر ما كان فعالا في زمن ما لم يعد يستطيع مواكبة أجيال اليوم ولا يفهم تطلعاتهم. ان تغير البنية الديمغرافية للحركة الأمازيغية توازيه تغير الذهنيات والأفكار والتطلعات مما يستوجب ظهور قيادات شبابية قادرة على فهم سياق الاعتراف وابتكار أساليب التعامل معه,
وبناء على هذه المعطيات، بفقدر ما كان تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حدثا مفصليا زعزع تعامل الجميع مع الموضوع سيكون “حله”أيضا حدثا سينعكس على وضع الأمازيغية لغة وثقافة وكذا على الحركة الأمازيغية التي يبدوا أنها لم تجد بعد الطريقة المثلى للتعامل مع زمن “أمازيغية الدولة”، خاصة وأن الدولة أصبحت مبادرة في الموضوع في مقابل سكون الحركة وعدم قدرتها على إبداع أكثر مما كان.
إذا كان ذوي الرغبة في ولوج العمل السياسي لا زالوا في مفترق الطرق أمام صعوبة الاختيار وغياب ضمانات، كما سيؤدي هذا الموضوع لمزيد من الصراعات الداخلية وإهذارا لمزيد من الوقت والطاقات، فإن المهتمين بالثقافة لغة وابداعا سيكونون في وضع أحسن باعتبار أن “زمن الاعتراف” يفتح آفاقا أكبر على مستوى الانتاج والابداع بالامازيغية في مختلف المجالات (الشعر والموسيقى والغناء والمسرح والسينما والفنون التشكيلية…)، لأن اللغة تحيا بمستعمليها، وبذلك ستعود الحركة لتنسجم واسمها الأصلي “الحركة الثقافية الأمازيغية”.
وختاما اذا كان تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تحقيقا لمطلب من مطالب الحركة الأمازيغية منذ مقالات علي صدقي أزايكو في السبعينات من القرن الماضي في مجلة “الكلمة” الى ميثاق أكادير سنة 1991 ثم البيان الأمازيغي ل 2000 وتأكيدا على شرعية مطلبها وقوة خطابها فان حله اليوم تأكيد أيضا على الهون الذي أصابها ما دامت لم تستطع الحفاظ على أحد مكتسباتها.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.