كانت جمعية الجامعة الصيفية مند تأسيسها سنة 1979 فضاء يسمح باللقاء بين مختلف الفاعلين المدنيين والأكاديميين المهتمين بالشأن الثقافي، في المغرب أولا ثم في مختلف بلدان شمال إفريقيا ثانيا، خاصة في كل ما يخص التعدد اللغوي والثقافي والعدالة اللغوية ودور الثقافة في التنمية وفي تعزيز المسار الديمقراطي وحقوق الإنسان. فكانت دورات الجامعة تمارس بالفعل نوعا من الدبلوماسية الثقافية والمدنية من خلال توفير ظروف اللقاء والحوار بين الفرقاء السياسيين والثقافيين باختلاف توجهاتهم ومواقفهم وأحيانا بين شخصيات تنتمي لبلدان يحكم التوتر علاقاتهم. فكانت الجامعة الصيفية تمارس عن وعي أو عن غير وعي نوعا من الدبلوماسية الموازية استنادا على الثقافة. وكم كان دور الجامعة الصيفية كبيرا في تمكين الأساتذة الجزائريين مثلا، خاصة المهتمين بالثقافة الأمازيغية، من زيارة المغرب، واكتشافه بل وقع بعضهم في حب أكادير فقرر التردد باستمرار على هذه المدينة والاستقرار بها لمدة أطول، بل واشترى بها بعضهم منازل وأماكن اقامة وهو ما كان له كبير الأثر في تقريب وجهات النظر بين المثقفين المغاربة والجزائريين بخصوص الكثير من المواضيع كالثقافة الأمازيغية والمسار الديمقراطي والعلاقات المغربية-الجزائرية وضرورة التعاون بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين.
باقتراب الذكرى الأربعين لتأسيس الجامعة الصيفية (1979-2019)، وبعد تجربتها الطويلة في مجال التقريب بين وجهات النظر، بدأت ملامح استراتيجية جديدة تظهر في الأفق من خلال استثمار الدور الجديد الذي يمنحه الدستور للمجتمع المدني، باعتباره سلطة خامسة، من خلال الاقتراح والترافع والمساهمة في تعزيز المسار الديمقراطي والتنمية. وفي هذه الإستراتيجية، ستجد الجامعة الصيفية نفسها في قلب استراتيجيات التنمية في كل المجالات، وستكون مساهمتها مركزية في تقدم البلد، من خلال جعل الاهتمام بالثقافة الأمازيغية في قلب استراتيجيات التعاون بين المؤسسات المنتخبة محليا وجهويا وبين مثيلاتها في العالم. وهذا ما بدا من خلال دور الجامعة الصيفية في تسهيل اللقاء بين السادة مصطفي سعدي وبريس كاندا (عضوي مجلس جهة جزيرة فرنسا-باريس-)وكريم أكوش، أذيب وكاتب بكندا (ما بين 5 و10 أبريل 2018) مع مجموعة من رؤساء الجماعات بجهة سوس ماسة وكذا بعض أعضاء مجلسها الجهوي. لقد كان اللقاء مع السيد ابراهيم بوغضن، رئيس جماعة تزنيت ونائبه أحمد بومزكو، فرصة للاطلاع على الإستراتيجية الثقافية لمدينة تزنيت وإمكانية التعاون في هذا المجال مع بعض بلديات جهة باريس. في نفس الاتجاه كان اللقاء مع السيد ابراهيم السفيني، رئيس جماعة أربعاء الساحل، فرصة للاطلاع على المجهودات المبذولة في هذه الجماعة القروية من أجل جعل الثقافة في خدمة التنمية وتعزيز عمل التعاونيات وجعل أربعاء الساحل “جماعة بيئية”. أما اللقاء مع السيد محمد بوهريست، رئيس جماعة تغازوت، فقد بين أهم الاكراهات التي يواجهها هذا الموقع السياحي المتميز كما طرحت خلال اللقاء أفكار مهمة من شأن التعاون بخصوصها تجاوز بعض الصعوبات على مستوى تجهيز الجماعة وتأهيلها. أما اللقاء مع بعض أعضاء مجلس جهة سوس ماسة (خديجة أروهال وعبد الله أوباري وخالد مقتدر) فقد سمح بمناقشة إمكانية التعريف بجهة سوس ماسة ومقوماتها الثقافية والسياحية من خلال أنشطة كبرى وسط باريس من شأنها التعريف بالجهة وتشجيع السياحة والاستثمار بها. أما اللقاء الذي خصصه السيد أحمد أدراق، رئيس جماعة انزكان، فقد خصص للتعريف بالمدينة ومؤهلاتها الاقتصادية خاصة في المجال التجاري مع ما يصاحب ذلك من مجهودات جبارة لتجويد الخدمات المقدمة لسكان وزوار هذه المدينة النشيطة. وخلال هذه اللقاءات ظهرت الرغبة في ضرورة البحث عن علاقات مبنية على توأمة بين مدن جهة سوس ماسة ومدن جهة جزيرة فرنسا (باريس) مع التأكيد على أهمية البعد الثقافي في تعزيز العلاقات بين الشعوب وأهمية الثقافة الأمازيغية باعتبارها حاملة لقيم إنسانية نبيلة.
باقي الصور :
التعليقات مغلقة.