ارتبطت غالبية دول العالم في الآونة الأخيرة بشبكة الإنترنت ، حيت شهدت بدايات هذا القرن انتشار واسع لاستخدام الشبكة العنكبوتية و إزدياد استعمال الحاسب الآلي فضلا على التطور المهول لتكنولوحيا الهواتف الذكية .
هذا الارتباط بالحاسب الآلي ازدادت معه أكثر من أي وقت مضى، وبتنوع الهواتف الذكية واتساع استعمالها وكذلك تطور تطبيقات هذا الاستعمال وظهور اشكال مختلفة من وسائل التواصل الاجتماعي أدت الى ظهور تحديات خطيرة مرتبطة بسرعة تدفق المعلومة وتداولها وكذلك بالمس بالخصوصية الذي أصبحت مستباحة من خلال تداول الصور والتسجيلات .
إنها إفرازات للثورة الرقمية الآخذة في التطور والنماء يوماً تلو الآخر بل ساعة قبل الأخرى .
ويعتبر التجسس الإلكتروني من أهم تجليات الثورة الرقمية ، إلا أن ظاهرة الجاسوسية ، قديمة قدم التاريخ الإنساني ، شهدها الإنسان مند الأزل في صراعاته المتعددة الدينية و القومية و الاقتصادية . وتطورت هذه الظاهرة في شتى بقاع العالم بقدر يناسب كل مجتمع ، وما لديه من وسائل لجمع المعلومات ونقلها وتحليلها.
ويمكن القول على أن التجسس الإلكتروني يرتبط بشكل واضح بالتطورات التي تحدث في البيئة الرقمية، فهو يزداد خطورة كلما ازداد التقدم في المجال المعلوماتي، فالتطور والاكتشاف والبناء حتمًا يقابله التخلف والتجسس والهدم.
ويعتمد التجسس الإلكتروني على برامج تقوم بالتتبع والاطلاع على سلوك الدعامة الرقمية من الكتابة إلى مراقبة المواقع التي يزورها المستخدم وذلك لسرقة معلومات بسرية كبيرة ، ومراقبة وتسجيل جميع التحركات والأفعال وانتهاك الخصوصية.
فبعد أن يتم تثبيت البرنامج على جهاز الكمبيوتر، يقوم البرنامج بإخفاء نفسه من النظام بحيث يصعب على المستخدم اكتشاف وجوده.
والجدير بالذكر أن عمليات التجسس، أصبحت اليوم كما يقول بعض الخبراء من أهم وأخطر الأسلحة بيد العديد من الأفراد، وكذا الدول والحكومات ، التي تسعى من خلال هذه العمليات إلى الكشف عن معلومات إضافية، تمكنها من تحقيق انتصارات جديدة خصوصا مع اتساع رقعة الخلافات الفردية و تزايد حدة الأزمات الدولية التي أفقدت العالم الثقة في كل شيء .
ويعتبر بعض المراقبين التحسس السيبراني كنوع جديد من حروب السيطرة على الأشخاص والدول، ازدادت وتيرته بشكل كبير في ظل التطور التقني الهائل الذي نعيشه،
ويمتاز التجسس الإلكتروني بالعديد من الخصائص والأهداف أو الغايات سنقف عليها بشكل مقتضب ومنها :
– التجسس الإلكتروني لا يترك أي دليل مادي بعد ارتكاب الفعل الإجرامي ما يصعب معه عملية التعقب واكتشاف الجريمة أساسًا.
– التجسس الإلكتروني يحدث في بيئة هادئة لا تحتاج إلى القوة والعنف واستعمال الأسلحة، وإنما ما يحتاجه هو جهاز كمبيوتر ذكي ومتطور وبعض البرامج وشبكة انترنت.
– سهولة محو و إتلاف الأدلة التي من شأنها أن تؤدي إلى العثور واكتشاف مرتكب الفعل الجرمي والتمكن من إدانته ، والذي يطرح تحد أثناء البحث التمهيدي الرقمي وإجراءات المحاكمة ، والمتعلق بكيفية الحفاظ على الدليل الرقمي ، و الآثار الرقمية التي تحملها الدعامة الالكثرونية المستعملة لارتكاب مثل هذه الجرائم .
– مستخدمي هذا النوع من التجسس يمتازون بخبرات و تقنيات هائلة في استخدام الأجهزة الإلكترونية الحديثة ، بمقابل نقص إلى حد ما في الخبرات لدى الجهات الأمنية المعنية بالكشف عن هذه المخططات و كبحها.
كما أن إستعراضنا لبعض خصائص التجسس السيبراني تجعلنا ملزمين بالوقوف على بعض أهداف وغايات هذا النوع من التجسس التي يعثبر من دعامات الحرب السيبرانية التي اندلعت في سرية ثامة بين العديد من دول المعمور ، ومن هذه الأهداف :
– زعزعة الأمن ونشر الخوف والرعب في نفوس الأفراد ، وكذا الدول والحكومات ، بحيث يصبح الفرد وكذا الدول والحكومات في قلق تام بشأن معلوماتهم السرية التي تشكل خطرا في إطلاع الغير عليها.
– تهديد وابتزاز الأشخاص والسلطات العامة والمنظمات الدولية ، فبموجبها يصبح الفرد تحت رحمة المتجسس (الهاكر) ، الذي يطلب أموال طائلة بغيت الحفاظ على سرية المعلومات التي توصل إليها ، و هنا نرجع بالمتلقي الفاضل ، الى جرائم جديدة مثل الإبتزاز الرقمي والابتزاز الجنسي الرقمي والتصب الالكتروني ، وغيرها من الجرائم الالكتروني التي طفت في الساحة الوطنية والدولية .
– السطو وجمع الأموال، إما إنتقاما من الشخص أو الدولة المعنية، وإما بحتا عن التراء السريع، أو التحكم في الأنشطة الإقتصادية.
وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى أنه يمكن وصف التجسس الإلكتروني بأنه نوع من الإرهاب الذي يتهدد الأشخاص والمؤسسات ، وللإشارة فقد سبق للمتحدث الرسمي السابق باسم الكرملين “دميتري بيسكوف” أن صرح بكون زعماء مجموعة “بريكس” قدموا تقييما شديد اللهجة لوقائع التجسس بما في ذلك التجسس الإلكتروني ووصفوه بأنه إرهاب . وأكد زعماء المجموعة المذكورة ، على ضرورة ألا تشكل الحرية في الفضاء الإلكتروني ، خطرا على الأمن القومي للدول .
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.