الاسلام السياسي بالمغرب و الارهاب

الجريمة الشنعاء التي ادت الى مقتل سائحتين اجنبيتين بطريقة وحشية تثير مرة اخرى الجانب الفكري و السياسي للجماعات الاسلامية بالمغرب ، سواء الحاكمة منها او المعارضة. هذه الجريمة البشعة، و التي تحمل في طريقة تنفيذها الصورة المقززة التي تطبع ارهاب الجماعات الاسلامية المتطرفة، تدين مرة أخرى المرجعية الشرقية لفكر الجماعات الاسلامية بالمغرب، هذه المرجعية الغريبة عن ثقافتنا و عن تديننا المغربي.
لكن بشاعة التنفيذ المنافي لكل حس و عاطفة انسانية لا يجب ان يحجب عنا الأسس و السبل التي ادت بمثل هذه الالات المتطرفة الى اقتراف مثل هذه الاعمال المقززة و الهمجية.

ذ.الحسن زهور

فوراء كل فعل فكرة، و وراء كل عمل منظم ايديولوجيا او فكر يدفع بصاحبه الى هذه الاعمال الهمجية.
فاستغلال الدين و توظيفه في السياسة يقف وراء هذا التطرف، استغلال الدين و تجييش الاتباع و المريدين من اجل الوصول الى السلطة يخلق مثل هذه النماذج المتطرفة. و يكون الاستغلال هنا تكتيكا سياسيا لهذا الوصول عبر التجييش العاطفي او استغلال الدعاة المتطرفين كوجوه انتخابية لاستمالة البسطاء و الاتباع في الايديولوجيا.
في حالتنا المغربية، يرتدي الحزب الاسلامي قناعين مختلفين ظاهره الوسطية و الاعتدال و الالتزام بالمرجعية القانونية و الدستورية، و باطنه أحيانا عكس ما يبديه و الذي ينفلت من عقاله ليتمظهر في بعض الممارسات التي تفضح توجه؛، و هنا لا نحكم على نوايا الحزب او الجماعة بقدر ما نحكم عليه من خلال بعض الفلتات التي يرتكز عليه المحللون. سنعطي بعض الامثلة فقط لتبيان هذه الازدواجية.
اولا: قدم حرب العدالة و التنمية احد المناهضين للمراة و الباثين للكراهية ضد اليهود السيد حماد القباج رئيس جمعية الدعوة للقرءان و السنة التي اغلقت الدولة دورها و مراكزها في مراكش بسبب افراخها للتطرف، فقدمه الحزب للانتخابات البرلمانية السابقة كممثل له في مراكش، يخرج علينا هذا الداعية و الزعيم اليوم بادانة العمل الاجرامي لينسب اصحابه الى المقرقبين و المرضى بدلا من ادانة الفكر المتطرف الذي يحملونه.
فالفكر الذي يدعو الى احتقار المراة و كراهية اليهود هو من يفرخ مثل هذه النماذج يا سيد القباج و ليس القرقوبي.
ثانيا: لم يجد المجلس الحضري لطنجة من الاسماء لتسمية شوارعها الا اسم سيد قطب الزعيم الروحي للاخوان المسلمين و مؤلف كتاب ” معالم في الطريق” الكتاب التنظيري للجهاديين، هنا انفلتت من اخوان طنجة الاسلاميين فلتات التطرف التي تنفلت من الانسان و تعكس ما يضمره حسب المحلل النفساني فرويد، فما معنى ان تكرم زعيما عرف بتطرفه الفكري باطلاق اسمه على شارع بمدينة تطل على اوروبا، أليس هذا غباء سياسيا يشير الى فكر ثاو و مضمر انفلت من عقاله؟ و يشبه هذا ما قام به المجلس الجماعي لمدينة اكادير حين غير اسماء 40 اسما باسماء اماكن في غزة الحمساوية التي يشترك معها الحزب التوجه الفكري، فبدلا من الرجوع الى التاريخ و الثقافة المغربيين ذهبت الجماعة الى غزة لاستيراد الاسماء، و هنا غلب الطبع على التطبع.
ثالثا:
ان ينهر زعيم الحزب، قبل ان يتولى السلطة، صحفية بالبرلمان بسبب كسوتها لاثارة هيجان الاتباع و الظهور بمظهر” التقوى و الاصلاح”، و في عهده ضربت اغلب المكتسبات في التقاعد و المواد المدعمة و اقتطاعات اجور رجال التعليم و رفع المديونية الى رقم قياسي لم يعرفه المغرب من قبل، و انتزاع الدولة لاراضي السكان اعتمادا على القوانين التي شرعتها فرنسا سابقا، و تغيير قوانين الشغل لصالح المشغلين و اضعاف الطبقة الوسطى .. و كل ذلك لتمكين الجماعة من الحكم و لاظهارها بمظهر الخادم الامين و لكن وراء الاكمة ما وراءها، و هو نفس تكتيك الاخوان المسلمين بمصر ، لكن المثل يقول” للي فراس جمل، ف راس الجمال”.
ولكن هل الحزب الاسلامي المغربي كتلة متجانسة لها نفس التوجه الفكري الاسلامي الشرقي؟ بالطبع لا، فبعض المنتسبين الى الحزب من المثقفين ( و لي صداقة مع بعضهم) يحملون فكرا متنورا ذا هوية مغربية لكنهم يمثلون اقلية امام الصف الاول و الصف الثاني من القياديين و الدعاة المتشبعين بالفكر الشرقي المنغلق.
أما آن الاوان لرجوع الحركات الاسلامية المغربية الى تربتها و الى ثقافتها المغربيتين التي اعطت تدينا مغربيا يعتمد على الفصل بين الدين و السياسة؟
التدين المغربي الذي مارسه اجدادنا الامازيغ تدين يتصف بالاعتدال و احترام الجسد و حرية الانسان و ابعاد الدين عن السياسة، فمجال الفقيه عندهم هو المسجد و ما يرتبط بالعبادات، أما مجال الاقتصاد و تدبير الحياة اليومية و السياسية للجماعة فتتعلق بأمناء الجماعة.
فمادامت الجماعات الاسلامية و الحزب الاسلامي بالمغرب ينهل من الفكر الخارجي سواء الوهابي او الاخواني او التركي حاليا و لم يرجع الى هويته المغربية الثقافية و الدينية فسيبقى غريبا عن هوية هذا الوطن، و سيبقى التطرف ثاويا في فكره و ايديولوجيته.
ذ. الحسن زهور


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading