أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان تقريرا عن”حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي” غطى الفترة الممتدة من منتصف سنة 2013 إلى حدود منتصف سنة2015، وحسب منهجية واضعي التقرير، فهو يتضمن مقدمة تحليلية متبوعا بتقارير البلدان مختتما بالتحديات التنموية وجهود تطوير النظام الإقليمي العربي لحقوق الإنسان.
وانسجاما مع مرجعية المنظمة المحتكمة بالأساس إلى المنظومة العربية، أكثر من متحها من الناموس الكوني لحقوق الانسان، فإن التقرير يتطرق للمغرب في عدة مناسبات باعتباره بلدا عربيا يتوسط عقد ال 21 بلدا عربيا من المحيط إلى الخليج.
يورد التقرير – مستعجِلا – على لسان ” ألوف بن” رئيس تحرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وفي إطار حديثه عن النزاعات المسلحة وتهديد الوحدة الوطنية، حتمية “انفصال الصحراء الغربية عن المغرب” (1) في نفس الوقت الذي تنخفت فيه حدة الحديث عن باقي الانفصالات في السعودية وسوريا واليمن والأردن والبحرين، كما لو أن انفصال الصحراء عن المغرب حقيقة لا يأتيها الباطل لا من قُبُلها ولا من دبرها، عكس الأوضاع المخاتلة في باقي ربوع الوطن العربي والتي لا تنبيء بأية تطورات.
كما يصر التقرير على إعادة الستيريوتيبات المعهدوة كلما تعلق الأمر بالأمازيغية، فلكي يصل إلى استنتاج تصدير المطالب الأمازيغية من المغرب لمصر، فضل التقرير المرور أولا عبر إيراد تحليلات تهم قضية النوبة بمصر، والتي تصْدُر حسب ذات التقرير، عن “مراكز صنع القرار في أمريكا والمحسوبة على اللوبي الصهيوني” (2). ولا مندوحة لدى واضعي التقرير من استعمال عبارة “إحداث انشطارات” مقترنة بظهور “من يدعون حقوق الأمازيغ في الشمال الغربي من مصر” (3).
يصل التقرير على امتداد الصفحات من 224 إلى 234 إلى حالة حقوق الانسان بالمملكة المغربية، ويكاد التقرير يكون سخيا في إيراد الحالات التي طالها غبن ومست في حريتها كلما تعلق الأمر بالجمعية المغربية لحقوق الانسان أو المنظمة المغربية لحقوق الانسان أو حزب النهج الديمقراطي، في حين تصمت باقي الصفحات عن الاستشهاد بمثال واحد فقط ذو صلة بالقضية الأمازيغة إِنْ اعتقالا أوحبسا أو سجنا أو مضايقة وكأن المعتقلين مصطفى أسايا وحميد وعطوش لا يزالان من نكرات النضال بالمغرب.
وسدا للذرائع ، لم يفت الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان ” علاء شلبي”، الإشارة في بدء التقرير إلى أن المعلومات الموردة في التقرير ” لا تتناول الأوضاع حصرا، وإنما البعض اليسير من المعلومات التي أمكن للمنظمة توثيقها وتدقيقها” (4)، غير أن قاريء التقرير سيميز بدون شك غزارة المعلومات المستقاة من لدن فرق التقرير كلما تعلق الأمر بالجمعيات والمنظمات والجهات الناطقة باسم حقوق الانسان في المغرب دونا عن غيرها، وشحها بالمقابل حينما يتعلق الأمر بالمكون الأمازيغي، حين الحديث عن منع الإطارات الجمعوية والسياسية والإضرابات عن الطعام وغيرها.
هذه بعض ملامح الأمازيغية – العربية في تقرير منظمة تصر على تتبع الأوضاع العربية لحقوق الانسان في المغرب الأمازيغي، فكان حريا بها تتبع أوضاع النظام الحاكم في المغرب وهو الشيء العربي الوحيد في بلاد تضج بالأمازيغية حضارة وشعبا.
ولعل قاريء التقرير لن يتفاجأ في الأخير وهو يصطدم باسم “عبد الإله بن عبد السلام” – نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – و” محمد النشناش ” – عضو مؤسس للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان – العضوين بمجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، كيما يقف على الخلفيات المتحكمة في صياغة التقارير ووجهات النظر المفضلة دون أخرى والمرجعيات التي تمتطى من لدن واضعي التقارير دون غيرها، وحتى نفهم في الأخير معنى الأمازيغية العربية.
———————————-
(1) حقوق الإنسان في الوطن العربي: تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي القاھرة 2015 ص. 13
(2) – (3) نفس المصدر. ص 15.
(4) نفس المصدر. ص 8.
الحسين أبليح
التعليقات مغلقة.