الأعاصير يمكن أن تعيد ساعة التنمية سنوات إلى الوراء
شارع في بورت أو برنس، هاييتي، بعد الإعصار ماثيو.
صورة للأمم المتحدة من/لوجان عباسي
**************************************************************************
الأسماء المألوفة التي تطلق على الأعاصير مثل إيرما تخفي في طيها غضبا غير مسبوق وقدرة هائلة على قتل البشر وتدمير المنازل والجسور والطرق. الضحية الصامتة والواضحة لهذه الظواهر الجوية الجامحة هي الإنسان والتنمية الاجتماعية.
وتشير دراسات البنك الدولي إلى أن نحو 26 مليون شخص- أو ما يعادل سكان شيلي وبوليفيا مجتمعين- يسقطون سنويا في براثن الفقر بسبب الكوارث الطبيعية.
ليس هناك شخص يستطيع وقف إعصار أو زلزال، إلا أن هناك طرقا للتخفيف من وقعها، حسبما قال خبير إدارة مخاطر الكوارث جواكين تورو في المقابلة التالية.
س: من السابق لأوانه الحديث عن الآثار بأكثر مما نراه في وسائل الإعلام، ولكن هل يمكنك أن تستعرض لنا بشكل عام الآثار الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لأعاصير كإيرما على التنمية لدى الشعوب المتضررة؟
ج: هذه نقطة في غاية الأهمية. الكوارث تؤثر على الفقراء أكثر بكثير من تأثيرها على باقي السكان. فقدرة الفقراء على الصمود أقل بكثير من قدرة قطاعات أخرى من السكان. رأينا دراسات حديثة أجراها البنك الدولي تشير إلى أن الكوارث تلقي بقرابة 26 مليون شخص سنويا إلى براثن الفقر كل عام. هذا لأن البعض يعيشون في مناطق عالية المخاطر وليس لديهم القدرة الكافية على التعافي من الكوارث. هذا شيء نسعى إلى تحقيقه، إلا أنه ما يزال هناك الكثير الذي يتعين عمله.
أما فيما يتعلق بالتكلفة الاقتصادية، فمن الصعوبة بمكان الوصول إلى رقم دقيق، إلا أن من المعروف تاريخيا أن الأعاصير تسبب دمارا هائلا في منطقة الكاريبي. على سبيل المثال، في عام 1979، سبب الإعصار ديفيد خسائر تجاوزت 117% من إجمالي الناتج المحلي في دومينيكا. في عام 2004، كبد الإعصار إيفان جرينادا خسائر زادت عن 200% من إجمالي الناتج المحلي لها. هذا شيء ضخم،- فخلال أيام قليلة فقط يمكن لبلدان أن تفقد أكثر من دخلها في عام كامل.
والأكثر من هذا، أن الكوارث الشديدة تؤثر بشكل مباشر وكبير على الأحوال الاقتصادية كانخفاض الإنتاجية وعجز الميزانية أو زيادة الدين القومي بسبب تكلفة إعادة الإعمار. وكما رأينا مع الإعصار ميتش عام 1998، فقد تسبب ذلك في انخفاض التنمية على مدى 30 عاما في بلدان مثل هندوراس ونيكاراجوا.
س: قلت أنكم بصدد العمل في ذلك المجال، هل هذا يعني أن البلدان قد حسنت قدرتها على الصمود أمام الكوارث الطبيعية، خاصة في منطقة الكاريبي وأمريكا الوسطى؟
ج: نعم. حققت بلدان أمريكا الوسطى والكاريبي تقدما كبيرا في تحسين قدرتها على إدارة مخاطر الكوارث، لكنها تظل ضعيفة ماليا أمام الكوارث. سنت أغلب البلدان تشريعات لوضع برامج لإدارة مخاطر الكوارث في قطاعات عديدة. ووضعت سياسات وأنشأت مؤسسات للتنسيق لتفعيل أنظمة أكثر فعالية لإدارة الطوارئ والإنذار المبكر. خطط الطوارئ مهمة، لكن يجب أن تكون واضحة، ليس فقط على مستوى الحكومة، بل أيضا على المستوى المحلي. على سبيل المثال، نرى فروقا كبيرة في القدرات اللوجستية بالولايات المتحدة بعد الإعصار إيرما حيث تم إخلاء ملايين البشر. في البلدان النامية، لازلنا لا نستطيع إخلاء كل السكان. أنظمة الإنذار المبكر مفيدة للغاية، إلا أن الوصول إلى نهاية هذه السلسلة أصعب إلى حد ما.
س: ماهي البنى التحتية الأكثر ضعفا عندما نتحدث عن هذه الظواهر الجامحة؟
ج: بشكل عام، البنية التحتية الأكثر ضعفا هي الأشد فقرا. على سبيل المثال، تشكل عمليات الإعمار غير الرسمية في منطقة الكاريبي ما بين 60% و70%. الصور التي رأيناها من باربودا بشكل خاص تظهر لنا أن المنازل قد دمرت على نطاق واسع. هذه بنية تحتية ضعيفة بشكل عام. تستطيع أيضا أن ترى غياب القوانين المنظمة للبناء في هياكل أخرى مثل أبراج الاتصالات.
س: هل تعد أمريكا اللاتينية واحدة من أكثر المناطق تعرضا لمخاطر الكوارث؟ كيف يمكنك دمج خطة لإدارة المخاطر في برنامجك الإنمائي ضمن أكثر الأولويات إلحاحا للمساعدة في الحد من آثار الكوارث؟
ج: هذا التحدي لا تواجهه جزر الكاريبي فقط، بل أيضا كل البلدان النامية. هناك الكثير من الاحتياجات الأساسية التي يتعين عليها تلبيتها. فإدارة المخاطر ليست نشاطا موازيا، لكنها ينبغي أن تكون موجودة في جميع القطاعات: الصحة، الإسكان، التعليم، من بين قطاعات أخرى، حتى نجعل المدارس، على سبيل المثال، أكثر أمانا، أو المراكز الصحية التي يمكننا استخدامها بعد الكوارث، أو الطرق التي لا تسبب الفيضان.
من بين الأشياء التي تحتاج هذه البلدان إلى القيام بها من جهة منع التسبب في كوارث جديدة من خلال المزيد من التخطيط المنظم ودمج المعلومات المستقاة من هذه الظواهر الطبيعية. ومن جهة أخرى، تحتاج إلى تقليص أكثر منهجية للمخاطر القائمة اليوم، ليس فقط بالاستجابة للطوارئ، بل أيضا بتفعيل آليات الحماية المالية للمساعدة في سرعة التعافي. وجدير بالذكر أن أكثر من 80% من سكان أمريكا اللاتينية يعيشون في المدن، مما يزيد من تعرضهم للمخاطر.
س: هل يمكن أن تشرح لنا ماهي “آليات الحماية المالية من الكوارث” هذه؟
ج: مهمة مؤسسات التمويل الإنمائي تغطي العديد من المجالات المتعلقة بالتحديات الناجمة عن الأخطار الطبيعية وآثار تغير المناخ.
في حالة البنك الدولي، نركز على خمسة مجالات:
1. تقييم مخاطر الكوارث في البلدان؛
2. تقليص المخاطر من خلال التحسينات الهيكلية وغير الهيكلية، مثل تحسينات البنية التحتية، وتخطيط وتنظيم استخدام الأراضي؛
3. تيسير تطبيق إجراءات الاستعداد للكوارث، كأنظمة الإنذار المبكر؛
4. وضع إجراءات وأدوات للحماية المالية؛
5. وأخيرا، تشجيع الإعمار القادر على الصمود من خلال إدخال تغييرات على السياسات والمؤسسات.
صندوق التأمين ضد مخاطر الكوارث في الكاريبي، الذي يسر البنك الدولي إنشاءه، هو مثال لأدوات الحماية المالية.
هذه آلية تأمين قياسية تقدم مبالغ مالية لمساعدة الدول الأعضاء على تمويل جهودهم المبكرة في التصدي للكوارث بمجرد استيفاء شروط معينة. بهذه الطريقة، تساعد هذه الأداة على المدى القصير في حل مشكلة العجز في التدفقات النقدية التي يعاني منها اقتصاد البلدان النامية الصغيرة في أعقاب تعرضها لكارثة طبيعية على الفور. على سبيل المثال، نتيجة للإعصار إيرما، دخلت هذه الآلية حيز التنفيذ الأسبوع الماضي لحكومات أنتيجوا وبابودا وأنجيلا وسانت كيتس ونيفيس، بنحو 15.6 مليار دولار.
عن مجموعة البنك الدولي
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.