بقلم سعيد الهياق
في ظل الظروف العصيبة بسبب إنتشار مرض فيروس كورونا المستجد- كوفيد19، بشكل مذهل بحيث حطم كل الأرقام في أعداد المصابين و الموتى في ظرف وجيز. للمثقف المغربي قراءة خاصة لهذا الواقع الكئيب.
و مع الأديب القاص و الروائي و الناقد، محمد كروم في موضوع:
لقاء اليوم، مع الأديب المغربي محمد كروم :
تداعيات كورونا، الواقع..و الآفاق المستقبلية..
“الحديث عن المثقف لا يخلو من صعوبة، مصدرها غياب تعريف جامع مانع لهذا المفهوم. لهذا سيكون حديثي عن المثقف من منطلق التحديد الذي يربطه بكل إنسان يملك قدرا من الثقافة، يؤهله لامتلاك نظرة شمولية، والتزام فكري وسياسي تجاه قضايا مجتمعه. وامتلاك القدرة على الظهور في أي سياق تمليه ظروف اجتماعية وسياسية خاصة( العروي ).
وإذا كانت ظروف الحجر الصحي قد فرضت على الجميع، وترتبت عنها ظروف خاصة، ما تزال تتناسل، فهل استطاع هذا المثقف امتلاك تلك النظرة الشمولية والقدرة على الظهور أمام أفراد المجتمع؟
إن تلمس تجليات هذا الدور في واقعنا تجعلنا نسجل تواري هذا الكائن، وبروز شخصيات أخرى مثل الطبيب ورجل السلطة والمعلم والمنظف والممول والخضار… لأن المرحلة استثنائية، ولأنها كذلك اقتضت فرقة منسجمة ومتناغمة رغم اختلاف الآلات التي يعزف عليها كل طرف. اقتضت الطبيب لمواجهة الفيروس، وضمان الصحة، ورجل السلطة لضبط النظام، والمعلم للسهر على نظام آخر، والممول لضمان الغذاء والمنظف لتنظيف حياتنا من كل ما يمكن أن يفسدها، أو يقضي عليها.وهي كلها أدوار تعزف معزوفة الحياة وأسبابها. وهذه مقتضيات جعلت دور المثقف هامشيا. هذه الهامشية ( وليس التهميش ) فرضت عليه:
ـ أن يدخل بيته ويغلق بابه، وينتظر كباقي خلق الله أن يمنحه عون السلطة ورقة تمكنه من الخروج للاصطفاف أمام بائع المواد الغذائية والحصول على كمامة أو ما يبقيه على قيد الحياة؛
ـ النبش في مكتبته والبكاء على الأطلال أو قراءة بعض المتون التي نسيها منذ مدة على رفوفها، أو تصويرها وعرضها على صفحات التواصل الاجتماعي؛
ـ الانشغال بالبحث في كتب التراث والحداثة عما يساعده على تفسير ما يحدث؛
ـ التنقل بين مواقع التواصل الاجتماعي بحثا عن أخبار الأصدقاء أو عن مواد تستحق القراءة أو تثير فضول المتابعة والاستكشاف؛
ـ كتابة بعض ما يملأ وقته، ويوثق لحظة الحجر الاستثنائية، ومتابعة تفاعل القراء مع ما ينشره؛
ـ انتظار نشرة المساء لمعرفة جديد الأخبار، وسقف الأرقام، والمسافات التي قطعها الباحثون في سعيهم لاكتشاف اللقاح الفعال؛
ـ تأسيس بعض المواقع الافتراضية أو المساهمة فيها لمناقشة بعض القضايا أو الكتب؛
ـ إنجاز بعض الأعمال التي كانت خارج دائرة اهتمامه: احتساء قهوة فوق السطح، ملاعبة الأطفال، التعود على الضجيج، دق مسمار، تغيير مكان أثاث…
فاعلية المثقف ليست آنية أو لحظية، إنها تحتاج إلى مدة كي تتبلور في مشاريع ثقافية معينة. المثقف يتأثر كغيره بهذه الظروف، يحاول فهمها وتمثلها، قبل أن تجد طريقها إلى كتابته الأدبية أو الفكرية، وهنا مكمن اختلافه عن بقية الناس.”
التعليقات مغلقة.