إلى إبراهيم عيناني، قلوبنا معك
بقلم : لحسن أمكران//
لست أدري كيف اعتدنا على أن ننتظر رحيل من بصموا المشهد الفكري أو الثقافي أوالفني ببلادنا لنكرم أرواحهم الراقدة تحت الثراء لندرف دموعا كاذبة وننظم شهادات حماسية حبلى بالبلاغة؟؟ تساؤل لازمني منذ مدة ليست بالقصيرة، وواقع يؤلمني كلما طفا إلى السطح صوت يئن في صمت ليشاطرنا معاناته وآلامه بينما ندير ظهورنا لوضعه ونتجاهل نداءاته.
سياق هذا الكلام الإطلالة الأخيرة لوجه مألوف في ربوع الجنوب الشرقي من بنسيلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، إنه الأستاذ ابراهيم عيناني الذي أبى إلا أن يشاركنا ما يقاسيه مع المرض الخبيث، ويؤكد لنا أنه ماض في استماتته في هذا الصراع غير المتكافىء، ولم يفوت الأستاذ الفرصة ليذكرنا أن الصراع في هذه الحياة مركب ومتشعب وفاء منه للمقاربة الفلسفية في الطرح.
لا ضير أن نذكر أن الأستاذ ابراهيم عيناني من مواليد منطقة “بومال ن دادس” سنة 1961 بإقليم “تنغير” في الجنوب الشرقي لبلادنا، وقد اشتغل السيد ابراهيم أستاذا للغة الأنجليزية بثانوية “بومال ن دادس” سنوات طوال قبل أن تلفظه أرضه إلى الديار الأمريكية في رحلة البحث عن العلاج. بفضل مواكبته وتوجيهاته وإرشاداته استطاعت أفواج من الشباب أن تجد لنفسها مكانا داخل المجتمع، وهو الجميل الذي لا تزال الألسن تردده في حضور أو حتى غياب هذه الشمعة.
الأستاذ عيناني، وبشهادة كل من يعرفونه عن قرب، مثال للصمود ونكران الذات والتضحيات الجسام، جمعوي من طينة نادرة، يعمل في صمت وبعيدا عن الأضواء، خطّ الكثير من المقالات والدراسات عن واحة “دادس” تلخص ما يعترض قاطرة التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية بهذه الربوع.
الأستاذ ابراهيم عيناني كان من خيرة الذين رافعوا من أجل مغرب التعدد والتسامح الذي يسع للجميع، كان منذ تسعينات القرن الماضي – ولايزال- مدافعا شرسا عن الهوية والثقافة واللغة الأمازيغية، يقارع ويحاجج بكل رويّة ومسؤولية، لا يحسن لغة النفاق والمحاباة ولا يسعى إلى جبر الخواطر، وهي الخصلة التي كلفته الكثير في حياته المهنية والجمعوية.
لن نوفيها حقّها مهما قلنا في حق هذه الشمعة التي طالما احترقت لتنير دروب شباب المنطقة، فالأستاذ ابراهيم أكبر من أن يمدحه لسان أو ريشة، نكتب هذه السطور أولا من أجل كسر قاعدة التكريم والمكرّم راقد في لحده، ودعوة صريحة لإنصاف رجالاتنا وهم أحياء لأنها ثقافة الاعتراف الحقة، ثانيا من أجله لنخفف عنه آلام المرض اللعين ليبتسم وإن دمعت عيناه، ويعلم أن هناك أياد تصفق بقوة لحمله على مزيد من الصمود مهما تتقطع القلوب لحاله.
نختم هذه السطور بعبارة مختصرة جدا، “السي” ابراهيم، قلوبنا معك فكن قويا كما عهدناك !
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.