أزول بريس – عبداللطيف الكامل //
بكلية الحقوق بأكَادير : أطروحة جامعية في موضوع”عدالة الأحداث في ضوء السياسة الجنائية”تقدم بها الطالب الباحث الأستاذ هشام الحسني لنيل الدكتوراه في القانون الخاص
ناقش الطالب الباحث الأستاذ هشام الحسني(وكيل الملك بابتدائية طانطان) صباح يوم الخميس 4 مارس2021،بكلية الحقوق بأكادير،أطروحته الجامعية لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،في موضوع”عدالة الأحداث في ضوء السياسة الجنائية”،وذلك أمام لجنة علمية مكونة من الدكتورة جميلة العماري رئيسا والدكتور أحمد قيلش مشرفا وعضوية كل من الدكاترة بشرى اجدايني وعزوز البكاي ومحمد بن التاجر.
وتناولت مداخلات اللجنة جوانب عديدة في البحث من الناحية المنهجية و الإشكاليات المرجعية والقانونية الكبرى التي يطرحها الموضوع استنادا إلى السياسة الجنائية المتبعة بالمغرب بما في ذلك القانون الجنائي المغربي والمسطرة الجنائية ومخرجات الدستور المغربي والمواثيق الدولية والأممية،وكذا طبيعة التصنيفات الجنائية للأحداث(الحدث المجرم،الحدث الضحية،الحدث في وضعية هشة…).
واقترحت اللجنة أن يتم تناول الموضوع من زاوية شمولية والنظر إليه من عدة أبعاد أكاديمية واجتماعية ونفسية وحقوقية وقانونية خاصة أن هذه العناصرتتداخل مع بعضها البعض،كما ثمنت اللجنة ما ذهب إليه الطالب الباحث في البحث والتحليل واستقراء القوانين والمواثيق التي تناولت فئة الأحداث المرتكبين لجنح وجنايات والذين تم تقديمهم من أجل تلك التهم أمام الضابطة القضائية ثم أنظار النيابة العامة وقاضي الأحداث…
وذهبت بعض المداخلات إلى أن حل مشاكل السياسة الجنائية رهين بمدى تفاعل مع السياسة العمومية والتنموية ،لأن غياب التنمية على أكثر من مستوى هو من الأسباب الحقيقية التي تدفع هذه الفئة العمرية لتكون إما ضحية أو مجرمة لأن المقاربة ذات البعد الإجتماعي والنفسي والثقافي والتربوي ستساهم بلاشك في تخفيف العبء كثيرا على السياسة الجنائية.
هذا ومن جانبه اعتبرالطالب الباحث هشام الحسني،في تقريره البحث المقدم أمام اللجنة العلمية أن موضوع عدالة الأحداث في علاقته مع السياسية الجنائية له أهمية كبيرة تجعل منه مطلبا لأن عدالة الأحداث تتسم بطبيعة متغيرة ومتحولة بحسب السياقات الزمنية التي منها،وبالتالي فإنها تأخذ طبيعتها حسب المرحلة التاريخية من تطور وظائف الدولة من جهة وانتشار قيم أخرى مؤثرة في بناء الفكر الجنائي كما هو الشأن في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان.
واستطرد قوله بكون “هذه الطبيعة تحاول أن تجد هوية لها على مستوى القوانين الجنائية سيما على مستوى مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية باعتبارها أحد تجليات السياسة الجنائية للأحداث ومظهرها العام،مما يستفز الباحث في البحث عن طبيعة هذه العلاقة ومراميها وفق رؤية منهجية”.
وحدد الباحث عمله من خلال عناصر أساسية ومهمة منها التطرق إلى المداخل النظرية لعدالة الأحداث في ضوء السياسة الجنائية وتحديد التجليات الإجرائية والمؤسساتية لعدالة الأحداث ومؤشرات توقيتها في ضوء السياسة الجنائية بالمغرب.
أما بخصوص عدالة الأحداث الجنائية،قال هشام الحسني:”إنها مرت عبر محطات تاريخية معينة،تأرجحت بين الإنعدام والضعف والقوة عبر مسار تاريخي حافل بالصراعات بهدف إرساء دعائم لهذه الفئة تتوفر فيها كافة ضمانات المحاكمة العادلة كما استقر عليها الفكر الحقوقي والدستوري والجنائي الحديث”.
مضيفا أن “الحديث عن هذه العدالة لا يستقيم عن الحماية الجنائية للأحداث خصوصا التي لها صلة بضمانات المحاكمة العادلة دون الإحتفاء بها في الإعلانات والمواثيق والصكوك الدولية والإتفاقيات الإقليمية وكذا القوانين الوطنية المختلفة لأن التوزان بين القيم الدستورية للحقوق والحريات المقررة للأشخاص الرشداء والقيم الدستورية المقررة للأحداث تشكل إحدى الرهانات الأساسية لأنها محكومة بمبدإ أصل يتغياه الأمن القانوني والقضائي على حد سواء يتثمل في ضمان استقرار المراكز القانونية للأطراف وتوازنها”.
وأكد الطالب الباحث أن عدالة الأحداث “تتحقق من خلال وجود سلطة قضائية مستقلة ونزيهة قادرة على النهوض بأعبائها بكل حياد ومسؤولية،وذلك لايتأتى إلا بإشاعة مناخ قانوني،يكفل ضمانات المحاكمة العادلة التي يجب أن تحظى بسمو تشريعي على مستوى الوثيقة الدستورية”.
ومن ثمة أشار إلى أن “السياسة الجنائية للأحداث تتجاوز كونها آلية في تنظيم مجال التجريم والعقاب كما يظن البعض لأنها أضحت في عصرنا الراهن أهم وظيفة للدولة لما لها من آثار على سيكولوجية المخاطبين بأوامر القانون ونواهيه”.
معللا بكون أثرها “على مستوى تحقيق عدالة الأحداث،لأنه كلما أحس الطفل بالأمن والإستقرار الذي توفره له المنظومة الجنائية كلما أضحى إنسانا فاعلا وإيجابيا في تعاطيه مع الجماعة التي يتعايش معها،وكلما تقلصت أسباب الإطمئنان الشعوري في توفير الحماية للمراكز القانونية للمخاطبين بالقاعدة القانونية الجنائية،كلما انتشرت الفوضى ودب اليأس وتراجعت المبادرات الجادة”.
كما انطلق الطالب الباحث في معالجته لموضوع الأطروحة من إشكالية أساسية مفادها” ما مدى تأثير السياسة الجنائية للأحداث على خلفية المشرع الجنائي وحدود تأثير العوامل الأخرى التي تتداخل فيما بينها لتوجيه إرادة المشرع في أفق البحث عن الموازنة بين المنظومة الجنائية للأحداث وإملاءات السياسة الجنائية المثقلة بإكراهات الواقع من حيث محاربة الجريمة وإملاءات الملاءمة أو تكييف القانون الداخلي مع التزامات المملكة المغربية العضو النشيط في المنتظم الدولي سيما وأن القانون هو المرآة العاكسة لمقياس ومدى حقوق الإنسان والحريات”.
واستنادا إلى هذه المقاربة الأخيرة،يؤكد أنه عالج موضوع الأطروحة بمقاربة علمية على شكل بنيات أو أنساق معرفية تعبر عن وضعيات مختلفة من حيث الطبيعة أو السياق الزمني وكذا المؤسسات المتدخلة في إطار علاقة تراتبية تربط الجزء بالكل مما تطلب اعتماد منهجية ذات أبعاد بنيوية من أجل مقاربة الكل وفق الأنساق التي أتاحتها له الدراسة بهدف إسعافه على تقييم واستخراج الخلاصات والإستنتاجات التي تهم تمظهرات السياسة الجنائية للأحداث على مستوى القوانين الوطنية.
كما دفعته المقاربة المؤطرة لموضوع الرسالة الجامعية تناول الظاهرة من منظور منهج بنيوي باعتباره،في نظره،الطريقة الملائمة والمثلى لمعالجة هذا النوع من القضايا لما يتيحه المنهج البنيوي من أدوات أسعفت الطالب الباحث في إعادة صياغة هذه الظاهرة وتركيبها بغض النظر عن تموضعها أو سياقاتها في إطار أنساق قد تتكامل أو تتنافر فيما بينها،لكنها جميعا تخدم الهدف المنشود المتمثل في مقاربة الإشكال المركزي مقاربة علمية رصينة.
وخلص الطالب الباحث في نهاية بحثه إلى العديد من الإستنتاجات هي عبارةعن توصيات ومقترحات منها:
– إعادة النظرفي السياسة العقابية للأحداث وبناء أطروحات بديلة كفيلة بمحاربة الجريمة والتأهيل وإعادة الإدماج(المؤسسات الإصلاحية المفتوحة).
– بلورة رؤية تتماشى مع الوثيقة الدستورية بخصوص منظومة التجريم،بما يتماشى مع ضوابط التجنيح البسيط والجرائم بحسب خطورتها،إعمالا لقاعدة الملاءمة بين الجريمة وما يترتب عنها من اضطراب اجتماعية والجزاء المناسب.
– تبني تنظيم قضائي جنائي للأحداث يتسم بالوظائف الجديدة التي أصبحت منوطة بالنيابة العامة بعد استقلالها.
– تنزيل كافة الضمانات الدستورية للأحداث بإعمال آلية الملاءمة لتقوية حقوق دفاعهم وكسبها المناعة اللازمة من كافة الخروقات التي تطالها.
– توفيرأسباب الولوجية للعدالة الجنائية للأحداث وتيسيرها تفعيلا للحق في التقاضي الجنائي.
– التسريع بإخراج القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إلى حيز التنفيذ.
هذا وبعد مناقشة هذه الأطروحة الجامعية المتميزة في موضوعها وطرحها للإشكالات القانونية والمسطرية وتعدد زويا تمظهراتها الإجتماعية والنفسية والقانونية والحقوقية، منحت اللجنة العلمية للطالب الباحث ميزة مشرف جدا مع التوصية بالطبع والنشر.
كما تميزت هذه المناقشة بحضور عدد من المسؤولين القضائيين وعدد كبير من المحاماة وثلة من الطلبة الباحثين والإعلاميين لهذه الأطروحة الجامعية المتميزة والتي يعتبرها الطالب الباحث في تصريحاته لوسائل الإعلام منتوجا أكاديميا سيغني الخزانة العلمية وسيمكن رئاسة النيابة من التوفر على منتوج جديد سيكون دفعة لإنطلاقة منتوجات علمية أخرى.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.