لكل ملكات تميزه عن الآخر وتتنوع من شخص لقرينه واجل تلك الملكات ذاكرة قوية تواكب الانسان في مسار حياته فتبدو في ارادل العمر فتية نشيطة تسترجع جزيئات الامس البعيد كأنها احداث ومجريات لحظات قريبة لا تغدو في سرعتها الزمنية ان تتجاوز الثواني.
تلك هبة ميز بها الله الحاج إعزا جافري احد قدماء حي تالبرجت لما قبل الزلزال واحد الناجين من هولها والذي يشهد له عارفوه ومجالسوه بحسن الاطلاع والمعرفة العامة انه بحق موسوعة في معارفه ومعلوماته دقيق في سرد وقائع وجرد اصول وفروع اشجار الانساب لاسر استقرت باكادير ماقبل 29 فبراير 1960 .
دقته هذه قد تصل به احيانا الى حد التفصيل الممل لمن عاشوا وعاصروا حياة وذكريات اكادير الاربعينيات والخمسينات لكن يجدها جيل اليوم طبقا دسما ينهال منه بنهم ودون شبع.
احد ركائز التأليف لذاكرة اكادير في القرن 20 بمعية الحاج الحسن الروسافي والاستاذ عبد الله كيكر واحد المؤسسين لملتقى ايزوران نوكادير الذي وجد في ذاكرته وحدة مركزية يرجع الى مراجعة معلوماتها المختزنة غداة الاشتغال حول ملفات توثيق وتثمين ذاكرة اكادير.
ذلك الكم المعرفي اهله لتولي مهام رئيس لجنة التراث بملتقى ايزوران نوكادير وكذا توثيق المنخرطين وافتحاص وتدقيق المواقع والمواضع والاسر القاطنة باكادير ماقبل ليلة 29 فبراير 1960 .
هذا الالمام بأدق تفاصيل ازقة واحياء مدينة اكادير قبل الزلزال خاصة حي تالبرجت جعلته مرجعا من قبل ملتقى ايزوران عند يتم الرجوع اليه مع كل مراجعة وتوثيق لذاكرة مدينة الانبعاث والوقوف عند اسماء القاطنين بها وجرد الجيران والاعلام الجغرافية التي يقول اعزا جافري انها ما تزال شريطا يمر امام عينيه كأنه فقط فيلم شاهده بالأمس .
هذه الصفة جعلته بمعية آخرين يعملون على تسطير مشاريع اعمال عن ذاكرة اكادير في شكل مسارات وجرد للابنية التي قاومت نكبة فبراير 1960 او محاولة عيش ذكريات من الزمن الجميل من خلال اعداد مسارات للزيارة الميدانية واسترجاع تفاصيل الازمنة والامكنة .
يستطرد إعزا جافري متأسفا عن عدم توفر مقر خاص بملتقى ايزوران يليق بتطلعات المدينة وذاكرتها مؤكدا ان وعي كل مكونات اكادير بأهمية تجميع وتوثيق الماضي الجماعي للمدينة الشهيدة سيجعله يفرغ كل ما بجعبته من تفاصيل ولقاءات مع اعلام من ساكنة اكادير ” دياسبورا ” ، آثرت الاستقرار داخل وخارج الوطن في انتظار العودة القوية الى مدينة الانبعاث.
فهل يكون إعزا جافري ومن هم على شاكلته ..قطب الرحى التي سيدور حولها توثيق ذاكرة مدنية الباني لصالح الاجيال اللاحقة ؟ ام ان الجري وراء مزايدات فارغة سيغرق خصوصيات التسامح والتعايش والتضامن التي اتسمت بها اكادير في برك راكدة تزكم رائحتها انوف الجيران وتنفر عنها كل المتعطشين للعودة.
بقلم محمد الرايسي.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.