ألعيوض : “محمد بوتحانوت ” كنز بشري وعلبة أسرار (حوار، الجزء 2)
محمد بوسعيد//
في الجزء الثاني من الحوار مع الفاعل المدني والباحث خالد ألعيوض حول “محمد بوتحانوت الذي كان عرضة للسخرية و التنكيت، والذي أصبح اليوم الداعم الرئيسي للأسر المغربية ” نشرتا الجزء الأول منه سابقا ننشر الباقي منه :
ماهو تعليقك حول الدور الذي يلعبه صاحب محل تجاري صغير “محمد بوتخانوت “في مجتمعنا ؟
اولا محمد “بوتحانوت “للتحبيب وليس للتحقير ،لانه كان في السابق عرضة للسخرية والتنكيت .فقد حان الاوان لرد الاعتبار له ،نتيجة للخدمات الجليلة التي يقدمها للمواطنين ،خاصة في ظل الحجر الصحي .واريد القول بافتخار ،ان محمد “بوتحانوت “،مواطن صالح لعب دورا هاما ،خاصة في بعض القرى النائية ،حيث يمد الساكنة بجميع المستلزمات والحاجيات ،طيلة غياب رب الاسرة عن ذويه ،الى درجة منحهم سلف مالي ،قصد شراء الاضحية ،ويتكلف باداء واحبات استهلاك الماء والكهرباء وهلم جرا .حتى يعود رب الاسرة من المهجر ،ويسدد ديونه بدون فوائد وبدون ضمانات ،والمبنية على الثقة المتبادلة بين صاحب المتجر الصغير و الاسرة .فضلا على انه مصدر الثقة و يحتفظ على الامانات ،وهو الضامن للحد الادنى لعيش المواطن .فاريد ان احيي عاليا البقال الصغير التجار الصغار ،فمعظمهم ينحدر من سوس ،كما اجدد الرحمة على روح التاجر الحاج عبد السوسي ،الذي وضع اللبنة الاولى واسس البقالة بالمغرب ،حتى نشر هذا النمط التجاري .
والحال ان المغرب وقع اتفاقية مع تركيا لاجل احداث نوع من المتاجر بوصفات حديثة .غير ان البقال يلعب دورا اجتماعيا اكثر منه اقتصاديا .لدى يجب قراءة المغرب ؛قراءة سوسيولوجيا ،لكونه مجتمع مركب يتعايش في احضانه القديم و الجديد ،وله خصوصيات مغربية لايمكن ان يفهمها الا المغربي .وبالتالي فعلى النموذح المغربي الجديد ؛استحضار النمط المغربي النابع من واقعنا الذي يعيش في انماطه مكونات متعددة ،الامازيغ ،العرب ،اليهود الافارقة و الاندلس .وبدون تمييز عنصري.
فمحمد “بوتحانوت “لعب دورا مهما في تاريخ المغرب ،ولازال في نفس المنوال الى اليوم .حيث وضعته جائحة كورونا في الصفوف الامامية ،الى جانب الاطر الطبية والسلطات المحلية ورجال الامن.وهو عرضة للخطر ،اذ يستقبل الزبناء بمختلف تلاوينهم ،من الساعة التاسعة صباحا الى الخامسة مساءا ،وبالتالي فهو يؤدي خدمات القرب ،كنموذح مغربي يجب ان نفتخر به ،ويمكن ان نصنفه ضمن التراث الوطني في الجانب الاقتصادي ،مما يحتم الحفاظ عليه ،لكونه من الكنوز البشرية.
الملاحظ ان في اغلبية البوادي المغربية هاجر الشباب الى المدينة للبحث عن لقمة العيش ،وتركوا ذويهم بالمنطقة .ليبقى البقال هو الذي يتكلف بجميع مصاريف الدوار وحاجياته ،من تغذية ومصاريف الماء و الكهرباء ،وحتى التطبيب .صحيح انه مصدر الثقة وعلبة سوداء ولا يفشي الاسرار ،وهو دائم الحضور اقتصاديا و اجتماعيا..
حتى بعض الجمعيات التي تقدم المساعدات للمحتاجين ،تضع تقثها في التاجر الصغير “بوتحانوت ” ،لكونه وحدة قياس المستوى المعيشي للمجتمع ،وهو العارف لمستوى المعيشي اليس كذلك .؟
بلا ،بعض المحسنين يمدون البقال بمساعدات مالية ،ليتكلف بدوره بتوزيعها على المحتاجين .وهذا ما تم الوقوف عليه في عدة مناسبات .فمحمد بوتحانوت هو مختبر للدراسة .
نعرف ان التجار الصغار ،في حالة اصابتهم بمرض مزمن يعاني الويلات جراء غياب التغطية الصحية .ما تعليقك عن ذلك ؟
اود ان اشكر الجمعيات التي تلعب دورا مهما في نشر وترسيخ ثقافة التضامن والتكافل في ظهور هذا الوباء الفتاك .حان الوقت لالتئام التجار الصغار في جمعيات و تعاونيات وتعاضديات ،وان يمد لهم يد المساعدة ،لمعرفة كيفية ترتيب اوراقهم،بغية الاستفاذة من التغطية الصحية ود والتقاعد .حقيقة لدينا رموز ،فبايت ميمون باشتوكة ايت بها ،كان يتواجد بها بقال قضى نحبه ،رحمة الله عليه ،يمارس المهنة مند الخمسينات ،فاصبح يلقب ب “دادا “من قبل جميع افراد الدوار ،احتراما واجلالا للخدمات التي يقدمها .ولهذا وغيره ،يجب الالتفاتة الى البقالة كرموز وكايقونة .
بالنسبة للتاجر الصغير باوروبا ،فمعظهم ينحدرون من سوس .وقد عاينا المنتوجات المغربية تغزو الاسواق الاوروبية .؟
طبعا ،هم تجار الهجرة ،فالتجول ببعض الدول الاوروبية ،خاصة ببلجيكا وفرنسا ،توحيك وكانك بمدينة انزكان .حيث تنبعث من هنا وهناك اهازيج موسيقى الروايس والمجموعات الغنائية .الى درجة تحس بانك بالمغرب .ناهيك ان هؤلاء التجار لعبوا دورا هاما للحفاظ على الثقافة والهوية والخصوصية المغربية ،اكثر من وزارة الثقافة .وذلك بتسويق المنتوجات المغرببة المختلفة في الاسواق الاوروبية.ولهذا اعتبرهم حراس الثقافة .اتمنى صادقا الحفاظ على مهنة البقالة ،من طرف هذا الجيل بنفس القيم .فقوتنا هي التضامن ،الثقة و التعاون.
التعليقات مغلقة.