01 – اتجاهات سينمائية

هل يمكن الحديث عن اتجاهات وتيارات داخل السينما المغـربية ؟ هل هناك مدارس فنية يمكن التقاط ملامحها وبصامتها داخل الكتابة الفيلمية ؟ هل يمكن تصنيف الأفلام المغربية ضمن الأجناس السينمائية المعروفة عبر تاريخ السينما ؟…

أسئلة فرعية ضمن تساؤل مركزي يمكن تلخيصه في ما يلي : هل راكمت السينما المغربية متنا يسمح للمحلل والباحث بإسناد تحليله إلى مرجعية فيلمية متعددة ومتنوعة ومنسجمة في توجهاتها العامة .

إننا من جديد نطرح إشكالية تلقي الفيلم المغربي، ونضج النقاش السينيفيلي والنقدي، بل والأكاديمي حول السينما المغربية .ومن الناحية الموضوعية، جدير بنا أن نسجل إن هذا الطرح يستمد مشروعيته من الواقع الميداني للسينما المغربية التي تحقق نضجا معينا بتوفير شروط إنضاج الأسئلة حولها. لقد خرجنا من مرحلة زمنية طويلة كان الحديث فيها حول السينما المغربية خطابا مجردا، خطاب المفهوم بل تأسيس المفهوم .أشير مثلا إلى مرحلة ساد فيها النقاش حول مفهوم ” السينما الوطنية ” في غياب تام لنقاش عميق حول الأفلام … لسبب بسيط هو ندرتها، بل وغيابها حتى. اليوم دخلنا مرحلة جديدة بأسئلة جديدة، أو على الأقل مرحلة تجديد للأسئلة الملازمة لكل عمل سينمائي انسجاما مع مقولة أن كل قراءة بنت زمنها . ولا بأس هنا أن استعين بملاحظات قيمة لمفكر من خارج السينما لكنه شاهد عصره بامتياز، إنه نصر حامد أبو زيد الذي يفيدنا كثيرا عندما يقول : ” إن أي قراءة لا تبدأ من فراغ،بل هي قراءة تبدأ من طرح أسئلة تبحث لها عن إجابات .وسواء كانت هذه الأسئلة التي تتضمنها عملية القراءة صريحة أو مضمرة فالمحصلة في الحالتين واحدة، هي أن طبيعة الأسئلة تحدد للقراءة آلياتها “.

فماذا إذن عن سؤال الاتجاهات والتيارات داخل السينما المغربية ؟ إنه سؤال يدفع بالقراءة للتمكن من آليات ترتفع عن، بل وتقطع مع ، الانطباعات السريعة والأحكام المسبقة. إنها قراءة تعمل على تعقب السينمائي داخل الفيلمي، فقد أثبتت النظريات العلمية حول السينما، خاصة أعمال ” كريستيان ميس ” ، إن كل ما هو فيلمي ليس بالضرورة سينمائي. والفيلم الذي ينتصر للسينما بداخله هو الذي يسجل بصمته أخيرا في سجل التيارات السينمائية، وفي تاريخ السينما بكل بساطة . وهذا عمل نظري وتطبيقي طويل الأمد ينضج مع نضج السينما التي تكون موضوعه وبيت قصيده .

إنه أيضا نتيجة تراكم القراءات والاجتهادات. وبصدد السؤال الذي طرحناه اليوم ، فقد عرف الخطاب حول السينما المغربية إنتاج بعض الأطروحات التي تسعى لترتيب الأفلام المغربية ضمن خانات موضوعايتة وجمالية ، اذكر في هذا الصدد وبعجالة، الترتيب الذي اقترحه الناقد والمخرج التونسي ، فريد بوغدير، في العدد 14 الشهير من مجلة ” سينما أكسيون ” الخاص بالسينما المغاربية . وقد ناقشه في ما بعد الناقد السينمائي المغربي، محمد الدهان ، الذي اقترح تصنيفات معدلة اعتمادا على قراءة سوسيو – سينمائية للمتن الفيلمي المغربي، كما أن الناقد السينمائي المغري نور الدين الصايل سبق أن طرح على صفحات جريدة ” أنوال” ملامح اتجاهات سينمائية داخل الأفلام المغربية انطلاقا من سؤال التفرد والتقليد ( أو إعادة إنتاج لنموذج السينما السائدة داخل السينما الوطنية ).

 يتبع ….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد