النقيب بنعمرو .. وسقوط الطائرة

في إطار الحملة ضد مشروع القانون الإطار 51.17، تم استقاء رأي النقيب بنعمرو الذي قدّم خطبة عصماء بمنطق “سقطت الطائرة”. فكل من شاهد الفيديو (في التعليق الأول) سيستنتج أن السيد النقيب خارج السياق، وأن معلوماته غير مُحيّنة وغير دقيقة وأحيانا مغلوطة. وسيتضح له جليّا أن السيد النقيب ليس له موقف واضح ورصين من لغات التدريس، وإنما مستعد للدفاع الأعمى عن العربية بمعطيات وسياقات تاريخية متجاوزة وطنيا ودوليا. سَنقِف عند أقوال وحجج السيد النقيب ونعلّق عليها:

1- على المستوى الدستوري:

– السيد النقيب: يترتب على الفصل 5 من الدستور وجوب استعمال اللغة العربية في كل المجالات في مقدمتها التعليم.

تعليقُنا: الفصل 5 نصَّ على لغتين رسميتين وبالتالي ما يسري على إحداهما يسري على الثانية.

– السيد النقيب: استنادا إلى الدستور أصدر رئيس الحكومة منشورا بوجوب استعمال اللغة العربية.

تعليقنا: ربما يقصد المنشور رقم 16/2018 بتاريخ 30 أكتوبر 2018، ولكن هذا المنشور يخص المراسلات بين الإدارة والمواطنين ولا علاقة له بالتعليم. كما أنه ينص على إلزامية استعمال اللغتين العربية والأمازيغية. وليس العربية فقط كما يحلو للسيد النقيب.

– السيد النقيب: القوانين المطبِّقة للدستور كلها متمحورة حول رسمية اللغة العربية ووجوب استعمالها.

تعليقنا: القانون الوحيد ذو الصلة باللغة في الدستور هو القانون التنظيمي المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من الفصل 5 ويتعلق بتفعيل رسمية الأمازيغية .. فأين نجد هذه القوانين التي يدعي السيد النقيب وجودها؟

2- على المستوى القانوني:

– تحدث السيد النقيب عن قانون يناير 1965 !

تعليقنا: هذا القانون يخص لغة التقاضي بالمحاكم المغربية ولا ندري ما علاقته بالتعليم، ولو كان السيد النقيب متتبعا للشأن القانوني لَعلِمَ أن هذا القانون في طريق الزوال لأنه أصبح غير دستوري، وسيتغير بناء على مشروع القانون المتعلق بالتنظيم القضائي ولا سيما المادة 14 التي تحيل على الأمازيغية كذلك باعتبارها مستجدا دستوريا.

– أثار السيد النقيب الفصل 225 من القانون الجنائي باعتباره يُجرّم المس بالحقوق الوطنية ومن بينها اللغة العربية.

تعليقنا: إنها محاولة من سي بنعمرو للَيّ عُنق النص القانوني والتعسف في تأويله، فالمقصود بهذا الفصل هو القيام بأعمال تحكمية من طرف القضاة ورجال السلطة ولا علاقة له برجال ونساء التعليم بصدد أداء مهام تربوية.

3- على المستوى القضائي:

– ذكر السيد النقيب الأحكام القضائية التي تُلزِم الإدارة باستعمال اللغة العربية

تعليقنا: ربما يقصد الأحكام الصادرة في ظل الدساتير السابقة، أما الأحكام الصادرة مؤخرا فهي تشير للّغتين الرسميتين )حكم رقم 4550 بتاريخ 20/10/2017 الصادر عن إدارية الرباط مثلا(. كما أنه معروف لدى الفقهاء والقانونيين أن القاضي لا ينشئُ القانون بل يطبقه فقط. وبالتالي إذا تغير القانون فلا مجال للتمسك بهذه الأحكام. ناهيك عن أن هذه الأحكام تعني الإدارة ولا علاقة لها بالتعليم في شقه البيداغوجي.

– يدعي السيد النقيب أن تدريس المواد العلمية بالفرنسية خرق لاجتهاد قضائي.

تعليقنا: “خرق الاجتهاد القضائي” لعَمري هذه بدعة لم يسبق لنا أن سمعنا بها، وهي مقولة تثير الضحك هاهاهاها

4- على مستوى التعبئة والنقاش العمومي:

– يقول السيد النقيب أن الرأي العام مع تعريب المواد العلمية واستند إلى رسالة علماء المغرب التي ذُيّلت ب 500 توقيع !!

تعليقنا: لا ندري تحديدا عن أية رسالة يتحدث السيد النقيب، ولكن يمكن القياس على الرسائل التي نُسبت لمواطنين مغاربة ونشرت في شهري مارس وأبريل 1973 بالفرنسية في الأعداد 2766-2768-2771-2777-2783 لجريدة L’Opinion. وغني عن البيان السياق الذي تمت فيه هذه التحركات والذي يختلف عن السياق الحالي. كما أن كل تلك الرسائل تقصد الإدارة ولا علاقة لها بالتعليم.

– أشاد السيد النقيب بمُخرجات مناظرات معمورة وإفران حول التعليم .

تعليقنا: عجيب ! كيف يتمسّك معارض شرس للنظام بنتائج مناظرات وندوات كانت محط انتقاد لاذع ومقاطعة من طرف المعارضة السياسية والنقابية وكانت وجها من أوجه استبداد النظام. عجبٌ عُجاب.

5- على المستوى الدولي:

– أشاد السيد النقيب بكون العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة منذ 1978

تعليقنا: للتصحيح فاللغة العربية دخلت الأمم المتحدة لأول مرة سنة 1954 من خلال ترجمة بعض الوثائق إليها، وتم ترسيمها بمقتضى قرار الجمعية العامة 3190 سنة 1973 وليس 1978. ونذَكّر السيد النقيب أن الفرنسية كذلك لغة رسمية بالأمم المتحدة وأكثر انتشارا داخل المنظمة كتابة وشفاهة. وبالتالي لا فضل للعربية على الفرنسية في هذا المجال.

– أشاد السيد النقيب بكون العربية ضمن اللغات الرسمية لمجلس الأمن

تعليقنا: إن كانت هذه نقطة قوة في نظر السيد النقيب فإن العربية ليست ضمن لغات العمل ضمن محكمة العدل الدولية التي تقتصر على الفرنسية والإنجليزية فقط وبالتالي تتحقق الأفضلية لهاتين اللغتين على اللغة العربية في هذا المجال. وأتحدى السيد النقيب أن يعثر على النسخة العربية الرسمية من القرار الصادر من هذه المحكمة في نزاع الصحراء سنة 1975، مثلا لا حصرا !

– يقول السيد النقيب أن قرار ترسيم العربية في الأمم المتحدة استند إلى عُلو كعْب اللغة العربية وسموها على باقي اللغات .. كذا !

تعليقنا: هذا الكلام محضُ افتراء، والقرار المذكور سلفا استند إلى تنامي ترسيم اللغة العربية في الدول الأعضاء )19 دولة آنذاك( كما استند إلى استعداد هذه الدول تحمُّل تكاليف ترسيم اللغة العربية.

– المس باللغة العربية في المغرب يمس علاقتنا بالمنتظم الدولي وبالعالم العربي.

تعليقنا: ألا تمس معاداة الفرنسية بمصالحنا مع فرنسا ومع المنظومة الفرنكوفونية ككل خاصة في ظل التوجه الإفريقي للدولة المغربية، ألا يرى السيد النقيب أن ما يسميه دولا عربية أو عالما عربيا مفهوم هُلامي في طريقه إلى الزوال والاندثار. اللهم لا شماتة.

6- على المستوى العملي:

يقول السيد النقيب أن من درسوا بالعربية حينما يتوجهون لاستكمال دراستهم في الخارج لا يحتاجون إلاّ إلى سنة واحدة فقط ليتمكنوا من باقي اللغات.

تعليقنا: ألا ينطبق الأمر على لغات أخرى كالفرنسية؟ السيد النقيب في جُبة عالم اللسانيات ويقول كلاما مضحكا. هاهاهاها عاوتّاني

خلاصة السيد النقيب: في كل الأحوال يجب أن تكون العربية هي السائدة، وكل قانون يمس بمكانتها هو بتـْــــــــــرٌ للهوية وبالتالي فهو مرفوض وغير دستوري.

خلاصتُنا: أليس الدفاع عن العربية وحدها دون الأمازيغية بترا للهوية وموقفا غير دستوري؟

هل هناك مفهومان قانونيان مختلفان للغة الرسمية، أحدهما للغة العربية والثاني للغة الأمازيغية؟

أم أن لترسيم اللغتان نفس المفهوم، ولكن سيتم التقصير في ترسيم الأمازيغية والتركيز على العربية؟

أم أننا أمام لغة رسمية فعلا وأخرى تنتظر الترسيم إلى أجل غير مسمى؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد