لبنى بلمعلم :امرأة بحجم الرؤية

الدكتورة حفيظة أزمي الإدريسي

في زمنٍ تتسارع فيه الخطى وتضيع فيه البوصلة،
تظلّ هناك أرواحٌ تعرف كيف تُعيد الإنسان إلى ذاته،
تفتح للمعرفة أبوابها، وتُقيم للكلمة مقامها،
ومن بين تلك الأرواح النادرة… تتألّق استاذتنا السيدة لُبنى بلمعلم رئيسة نادي القراءة تادلسا .

امرأة جعلت من الثقافة طريقًا للنور،
ومن كل مبادرة نافذةً تُطلّ منها القلوب على ضياء الفكر.
رئيسةٌ تقود بحبّ، وتُلهم دون ضجيج،
تجمع الناس حول الفكرة كما تجمع الأم أبناءها حول دفء الحكاية.

🌿 امرأة بحجم الرؤية

منذ بداياتها، لم تكن الاستاذة لُبنى تكتفي بأن تحضر؛
بل كانت تصنع الحضور.
من محاضرات التلميذ المتميّز سنة 2018
إلى الوساطة الأسرية بمعية الأستاذة الراقية رُقية الركيبي،
ومن التدريب الاحترافي في إسطنبول
إلى ورشات الذكاء العاطفي في مركز عدوي للأعمال،
كانت خطواتها المتناغمة تكتب فصولًا من سيرةٍ عنوانها :

“التعلّم سبيل التحوّل، والعطاء جوهر القيادة.”

عرفت أن الفكر لا يكتمل إلا بالوجدان،
وأن الكلمة لا تثمر إلا في أرضٍ طيّبةٍ من الإحساس.
هكذا غدت مُلهِمة في سعيها نحو التوازن بين العقل والعاطفة،
بين العلم والحب، بين الذات والعالم.
قلبٌ نابض بالحبّ والمعرفة

في كل لقاء، في كل دورة، كانت الاستاذة لُبنى تحمل رسالة.
من الوعي العاطفي إلى Model ComColors،
من الوعي الذاتي إلى الخمسة عشر قانونا للتغيير،
كانت تنسج من التجربة معنى، ومن الفكرة رسالة.

لم تكن تُعلّم فقط، بل كانت تُصغي،
تؤمن أن المعرفة لا تُعطى من أعلى، بل تُبنى معًا،
وأن الحوار هو لقاء أرواحٍ قبل أن يكون تبادل أفكار.

وفي إحدى جلساتها الثقافية، قالت ذات يوم:

“الحياة محطات كثيرة، ولكل قطار مساره،
لا يهمّ أن يفوتك القطار، المهمّ أن تركب القطار الصحيح.”

عبارة تختصر فلسفتها في الحياة:
أن نبحث عن المسار الذي يُشبهنا،
لا الأسرع، بل الأصدق.تحت مظلة جمعية نادي القراءة تدلسا أعادت الاستاذة لُبنى للكلمة مكانتها كجسرٍ بين الفكر والروح،
وجعلت من اللقاء الثقافي مساحةً للشفاء الداخلي والنموّ الجماعي.

من رواية «قواعد العشق الأربعون»
إلى أمسيات أسرار الحبّ،
ومن مناقشة فيلم In Time
إلى جلسات قراءة «حياتك الثانية تبدأ حين تدرك أن لديك حياة واحدة»،
كانت تجمع حولها نخبةً من الأرواح النبيلة العاشقة للمعرفة،
تمنحهم الأمان، وتشعل فيهم شرارة الاكتشاف.

وفي كل مرة، تتجلّى بصمة تعاونها النبيل
مع الأستاذة رُقية الركيبي التي تمزج الحكمة بالعمق،
وللى سناء شعنون التي تضفي على اللقاءات لمسةً من الذوق والاتّزان،
في تناغمٍ يجعل من نادي القراءة تدلسا نسيجًا من المحبّة والعطاء،
تتكامل فيه العقول كما تتعانق القلوب

🌹 قائدة تُلهم ولا تتصدّر

في عينيها سكينة الباحثة عن الجمال،
وفي صوتها نبرة من يعرف أن الإصغاء فنّ.
قيادتها ليست سلطةً، بل رعاية،
وليست إدارةً، بل إشعال شموعٍ في دروب الآخرين.

هي تؤمن أن الثقافة ليست ترفًا،
بل حاجةٌ إنسانية تُنقذنا من الفراغ، وتزرع فينا المعنى.

روحٍ تؤمن بالشفاء عبر الوعي،
وبالنهضة عبر المعرفة،
وبأن الحبّ هو الطاقة التي توحّدنا رغم اختلافنا.

✨ امرأة من ضوء

في كل مرحلة من مسيرتها، كانت تزرع أثرًا.
ابتسامة هنا، فكرة هناك، ولمسة تشجيع في لحظةٍ صامتة.
هي لا تترك بصماتٍ على الورق فقط،
بل على الأرواح التي تلتقيها.

ومن يعرفها، يدرك أن خلف لطفها قوّةً هادئة،
وخلف أنوثتها وعيًا عميقًا،
وخلف نجاحاتها اليومية إيمانًا بأن الجمال رسالة،
وأن السعادة فنٌّ يُمارَس بالإحسان والصدق والبساطة.
شكرًا لأنكِ جعلتِ من كل لقاءٍ رحلةً نحو الذات،
ومن كل حوارٍ نبضًا للحياة.
شكرًا لأنكِ آمنتِ بأن الثقافة ليست ما نقرأ،
بل كيف نحيا، وكيف نُحبّ، وكيف نتغيّر.

دمتِ نبعًا من إشراقٍ لا ينضب،
وحلمًا يمشي على الأرض بخطى من رقيٍّ وحنان.
ودامت على يديكِ منارةً تُنير الدروب،
وتذكّرنا دائمًا أن الكلمة حين تُقال من القلب… تشفي.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading