و مانيل المطالب بالتمني
و لكن تؤخذ الدنيا غلابا
لم يكن أمير الشعراء أحمد شوقي يدرك أن هذا البيت الشعري سيكون بمثابة شرارة توقد الرغبة و التحدي أمام القراء ، و أن معانيه ستظل خالدة عبر التاريخ .
فالتمني وحده غير كاف لتحقيق الأحلام……..
الأحلام وحدها غير كافية لتحقيق الأمنيات………
و الأمنيات لا تكفي بدون إرادة قوية و عزيمة و إصرار ….
فاطمة بوتباوشت واحدة من الذين أمنوا أن التمني وحده لا يكفي ،،، و آمنت أن مشجب العراقيل لن يحمل مبرارتها …..فلبست معطف المثابرة و تدثرت بإزار العمل الجاد لتكون واحدة ممن عشن في القرى النائية ، القرى التي تبيد أحلام الأنثى ،،،، و تغتال الطموحات فمعظمهن اكتفين بشهادة الدروس الإبتدائية و استسلمن لقرار الانقطاع عن الدراسة بسبب بعد الإعداديات عن مقر سكناهن و الذي يبعد بحوالي 10 كيلومترات .
عشر كيلومترات وضعت فاطمة في منآى عن التعلم لمدة ثلاث عشرة سنة.
عقد و ثلاث سنوات لم تكن لتنسى من خلالها فاطمة الدراسة و شغفها و حبها للتعلم ، فإذا كانت ظروف البعد حاجزا جغرافيا ، فإنه لم يشكل حاجزا نفسيا …فقد ظل نفس الحلم يراود فاطمة ، هو حب التعلم و طلب العلم و المعرفة كباقي مثيلاتها و قريناتها ممن حظين بقرب المؤسسات التعليمية .
فاطمة كانت تقطن دوار توحسون إذوكران ضواحي بيوكرى إقليم اشتوكة أيت باها ، هذا الدوار الذي تعلمت فيه مبادئ الكتابة و القراءة و الحساب ….هو نفس الدوار الذي حصلت فيه على شهادة الدروس الإبتدائية .
لم أكن أعرف حكاية فاطمة إلا بعد لقائي بها ذات خريف و هي تستأذن للدخول من أجل التعلم بالثانوية الإعدادية حمادي مبارك خلال الموسم الدراسي 2012/2013 ، لازلت أذكر ذاك البريق بعينيها و ذاك العطش المعرفي ، قبلت بها تلميذة حرة مستفيدة من بعض دروس اللغة العربية ، لازلت أذكر أيضا إنتاجاتها الكتابية المميزة بناء و تنظيما و أسلوبا و لغة …..
حصلت فاطمة على الشهادة الإعدادية ، و بعد ثلاث سنوات سنلتقي صدفة لتخبرني بحصولها على شهادة الباكالوريا مسلك علوم إنسانية ….
فاطمة لا يعرف اليأس إلى قلبها طريقا ، ستتابع دراستها الجامعية لتحصل على الإجازة في الشريعة و القانون مسلك القضاء و التوثيق ،،، و هاهي اليوم تحصل على ماستر في التوثيق و العقار في الفقه المالكي و التشريع المغربي برسالة بعنوان : الشرط المانع من التصرف و تطبيقاته في المعاملات العقارية في شهر يوليوز من سنة 2025.
هنيئا لها بهذا الإنجاز العلمي و الفكري و الذي لا محالة سيكون بابا للتفكير في مواصلة البحث الأكاديمي في أطروحة دكتوراه و لم لا ؟ و هي التي حباها الله بأنبل الصفات و أفضل المكارم ، و أسبل عليها نعمة الصبر و التحدي .
فلتكن فاطمة قدوة في طلب العلم و مواجهة التحديات .
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.