بعد غياب طويل عن ساحة العمل الجاد.. يسرني أن أقدم لكم سلسلة من المقالات حول معامل السكر في عهد السعديين، تحت عنوان: هوارة قطب إنتاج السكر في عهد السعديين.
هذا العمل هدية مني إلى جميع الباحثين والمهتمين بتاريخ معامل السكر في عهد السعديين. يمكنهم الاستعانة به و مستعد لمدهم بما هو متوفر لدي من معلومات.
تستعرض هذه المقالات الدور الحيوي الذي لعبته هذه المعامل في الاقتصاد والتجارة خلال فترة حكم السعديين.
كما سنكتشف أسرار هذه المعامل التي غابت عن أنظار الكثير من المهتمين، مما يعزز فهمنا للتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها بلادنا.
كنت أتمنى أن أخرج هذه المقالات في كتاب، لكن إمكانياتي في الكتابة ضعيفة ويحتاج الأمر إلى سنوات من العمل لإخراج عمل أكاديمي في المستوى المطلوب.
لذلك، أشارككم هذه المقالات على أمل أن تكون مفيدة لكم، وتساهم في إثراء معرفتكم وتوسيع آفاقكم البحثية.
عنوان : هوارة قطب إنتاج السكر في عهد السعديين.
1) إهداء
2) صناعة السكر قبل السعديين.
3) الدولة السعدية تطور صناعة السكر.
4) قصتي مع معامل السكر السعدية.
5) اكتشاف المعامل السعدية في حاضرة هوارة و سوس.
6) قراءة لكتاب بول بيرتيي.
7) مزارع المعمرين على أنقاض المعامل السكرية.
8) تصحيح معطيات بول بيرتيي.
9) الفلاحة الهوارية السوسية امتداد للخبرة السعدية
10) تثمين و ترميم ما تبقى من معامل السعديين.
11) خاتمة.
1) إهداء.
إلى روح تلك الطاهرة زوجتي و حبيبتي فاطمة، أهدي ثمرة هذا العمل المتواضع، سائلا الله العلي القدير أن يتقبله مني صدقة جارية لميزان حسناتها الراجحة إن شاء الله. كتبت جزءا من هذا العمل و أنت بجواري تبتسمين في وجهي. و هاأنذا أتمه بشق الأنفس بعدما غاب عني الإلهام منذ أن رحلت عن هذه الفانية.
2)مقدمة الكاتب.
حل يوم الغد، لا داع للنظر إلى الوراء، لا أريد البقاء هنا !
سأعود لحياتك ممتنا.
خاطبا ودك من جديد، أنت الغرام السرمدي، نعم أحببتك منذ زمان بعيد، بعنفوان الشباب الفتان، برزانة الكهولة، بحكمة الشيخوخة البارزة للعيان.
هذا أنا قد جلت كل البلدان، فقدتك، أضعت حضن الأمان.
الآن، الغد سر الأيام في يد المنان، لكني لن أدخل دائرة النسيان. حلم بزغ من رحم الدفائن.
الآن فقط اكتشفت الحقيقة، أنت منزلي… أنت حياتي…أنت حبي الأبدي… أنت قدري الغالي…
أه كم أحببتك، كم أحبك يا آسرة القلوب…
وقت آخر، رحلة أخيرة…عودة المهاجر للديار للاستقرار وتبادل كلمات العشق ليل نهار.
آه كم أحبك يا هوارة !
لإزالة الغطاء عن أسرار معاصر السكر في سوس استخدمت منهجية خاصة قوامها التعرف على تقنيات صناعة السكر و ربطها بما هو اليوم قائم من آثار وشواهد.
كما قمت بتوظيف الذاكرة الجماعية المحلية لفهم جزئيات صغيرة، قد تحمل أحيانا حلولا لمعضلات أرقت الكثير من الباحثين. كما اعتمدت على كتاب بول بيرتيي: معامل السكر القديمة في عهد السعديين و شبكاتها المائية.
وسبحان الله ! أصبح هذا الكتاب في حد ذاته أثرا، أُرغمت على التعمق والتحليل بين سطوره.
لا شك أن معامل السكر في عهد السعديين (1510 _ 1659) تعد من أكبر المآثر العمرانية في المغرب، لكنها طالها إهمال كبير على امتداد أكثر من 5 قرون.
فما نجده من إشارات في كتب المؤرخين العرب هزيل جدا، ومتناثر الأجزاء، و لا يجيب على مختلف الأسئلة التي يمكن أن يضعها الباحث عن مكونات هاته المعامل و نظم إنتاج قصب السكر ونظام السقي فيها.
و تبقى الأعمال الاستكشافية و الحفريات التي قام بها الباحث بول بيرتيي، Paul Berthier والتي جمعها في كتابه الشهير: معامل السكر القديمة في المغرب و شبكاتها المائية. les anciennes sucreries du Maroc et leurs” réseaux hydrauliques”.
تعد المرجعية الأولى، ما دام بحثه قد جمع ما بين المعطيات التاريخية، والجغرافية، والحفريات الأركلوجية.
كلما تقدمت في بحثي حول معامل السكر، إلا و ازددت إعجابا بمهارة المصمم المغربي المبدع، بكفاءته في إتقان عمله. وبقدر اكتشافي لأسرار وخبايا معاصر قصب السكر في عهد السعديين، إلا وحصلت على طاقة إيجابية تدفعني إلى بدل مزيد من المجهود من أجل التعمق في التنقيب عن الحقائق التي غيبها الزمان وأهملها مؤرخو الزمان القديم والحديث على السواء.
لقد كان سهل سوس الهواري مسرحا لملحمة عمرانية صناعية فلاحية تصديرية متكاملة الجوانب.
أكيد أن السعديين سعوا إلى إنشاء صناعة سكر موجهة للتصدير من أجل توفير المال لخزينة الدولة. و ما نراه اليوم من بقايا هاته المعامل ومن شبكتها المائية يُولد في نفوسنا قناعة بعظمة هؤلاء المجاهدين.
وهذا المبحث يروم تسليط الضوء على نبوغ أسلافنا الين تركوا لنا إرثا عمرانيا كبيرا، لم نستطع للأسف الشديد المحافظة عليه، و ترميمه من أجل أجيالنا القادمة و من أجل الإنسانية جمعاء.
التعليقات مغلقة.