وفقًا للإعلان المغربي الجزائري الصادر في الرباط في 15 يونيو 1972 بشأن ترسيم الحدود، الذي نشرته الجريدة الرسمية الجزائرية في 15 يونيو 1973(انظر المرفقات)، وصادقت الحكومة المغربية على هذا الإعلان انذاك في 22 يونيو 1992، بموجبه تعطى مهمة استغلال منجم الحديد بغار جبيلات لشركة مغربية جزائرية، وتقاسم عائداته بين البلدين.
وقد وثق هذا الاتفاق بحضور 41 ممثلا عن الدول الإفريقية خلال انعقاد اجتماع *منظمة الوحدة الإفريقية* المنعقد في الرباط.
وكان الاتفاق جزء من طي صفحة النزاع الحدودي الشرقي، وذلك بموافقة المرحومين الملك الحسن الثاني والرئيس الهواري بومدين، وتكليف كل من وزير الخارجية المغربي انذاك (المرحومين) عبد الهادي بوطالب ونظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بمتابعة تنفيذ بنوذ الاتفاق.
وجاء أيضا في نص الاتفاق، تأكيدا للروابط الأخوية بين الشعبين الشقيقين مايلي:
“لكون السمة التي تمتاز بها العلاقات الأخوية القائمة بين الجزائر والمغرب لا يمكن التسليم معها بأن الحدود تشكل حاجزا بين الشعبين الشقيقين إذ هي في الحقيقة مجال لتداخل المشاعر والمصالح”.
لمزيد من التدقيق فإن التعهدات الثنائية بين الحسن الثاني وبومدين كانت واضحة:
– تنازل المغرب عن تندوف وبشار للجزائر لترسيم الحدود الشرقية.
– دعم الجزائر للمغرب في ملف الصحراء المغربية.
– الاستغلال الثنائي لمناجم غار جبيلات بنسبة 50 في المائة لكل طرف.
*ماذا حدث بعد ذلك ؟*
أخل عسكر الجزائر بكل التزاماته، ببث سموم الانفصال في الصحراء المغربية عبر تدخل جيش الجزائر بالهجوم على الثكنات المغربية بصحرائنا جنوبا، وكذا بتسليح ميلشيات التطرف الإنفصالي للبوليساريو، بعد محاولات عدة لتسويف تطبيق المعاهدة أعلاه.
وللتذكير فحتى من ناحية الربح اللوجستيكي فإن الدراسة الاقتصادية لاستغلال منجم غار جبيلات، أفضت لمد خط للسكك الحديدية من المنجم لميناء سيدي إفني (400 كلم).
والغريب أن المفاوضات الأحادية المفتوحة حاليا بين عسكر الجزائر وشركات صينية تشير إلى نقل الحديد الخام من المنجم إلى ميناء وهران على بعد أكثر من 1400 كلم، وهو ما يشكل خسارة كبرى في كلفة النقل.
أكيد أن مناوشات عسكر الجزائر منذ مدة، وبالتحديد منذ أحداث الكركارات، تؤشر على رغبة حكام المرادية في نشوب معارك حدودية جديدة بين الجزائر والمغرب، وهو ما تجنبته لحدود اللحظة الديبلوماسية المغربية.
ولا شك أن إصرار جنيرالات الجزائر الآن على تحريك بركة نكث معاهدة 1972 بين البلدين، بالاستغلال الأحادي لمنجم جبيلات، رغم عدم جدوى النقل عبر وهران، هي مناورة جديدة لإشعال فتيل الحرب بين البلدين، وسط ظرفية دولية مأزومة بمخاطر توسع نطاق الحروب وانهيار الأمن الطاقي والغذائي عالميا.
إن على الديبلوماسية المغربية الاستمرار في رفض خيار الحرب بين البلدين الشقيقين، انسجاما مع روح نفس اتفاق 1972، الذي أكد أن:
“العلاقات الأخوية القائمة بين الجزائر والمغرب لا يمكن التسليم معها بأن الحدود تشكل حاجزا بين الشعبين الشقيقين إذ هي في الحقيقة مجال لتداخل المشاعر والمصالح”.
فالمطروح على المغرب عدم الإنجرار لأي مناوشات حدودية مقصودة لجرنا لأتون الحرب، مع توخي أقصى درجات الحذر والتنبه لتطورات الوضع.
بالمقابل فهناك فصل مُحدِّد وأساسي في صُلب معاهدة 1972، قد يُبطل الاتفاقية كليا ليس فقط في مضمونها المتعلق باستغلال منجم غار جبيلات، بل أيضا مراجعة التنازل على تندوف وبشار، ويؤكد ذلك ما ورد بالمادة 17 من الاتفاق الذي نشرته الجزائر في جريدتها الرسمية عام 1973:
“ففي حال وقع نزاع بين الطرفين بخصوص تأويلها أو تطبيقها وفقا لمعاهدة إفران (أي اتفاق ترسيم الحدود)، يتم رفع النزاع إلى محكمة العدل الدولية للبث فيه”.
إن عسكر الجزائر يلعبون بالنار في حالة انهيار الاتفاقية كليا، ما قد يعيد مفاوضات الحدود الشرقية لمربعها الأول.
*ملحوظة لها علاقة بما سبق:*
إن الكولونيالية الفرنسية كانت واضحة الخطى في ترك مناطق رمادية على الحدود المغربية الجزائرية، ليتسنى لها العودة للمنطقة بقبعة “المساعي الحميدة”، وبلبوس الضغط على البلدين واستغلال القلاقل الحدودية لمزيد من استغلال خيرات البلدين.
*ذ.منعم وحتي/المغرب*
التعليقات مغلقة.