الآلهة الأمازيغية القديمة( تانيت)..
“تانيت” إلهة الحب والخصوبة والحرب, يقول هيرودوت بأنها ابنة الإله الامازيغي بوسيدون، اخذها اليونان من الامازيغ واتخذوها الهة لهم باسم أثينا ( وهي عاصمة اليونان اليوم).
يقول هيرودوت بان مولدها كان في بحيرة تريطونيس بتونس حاليا( واسم تونس مأخوذة من هذه البحيرة), وكان يقام لها احتفال من طرف الامازونيات الامازيغيات المحاربات, حيث يلبسن أجمل ما لديهن ويقدمن عليهن ملكتهن في هذا الاحتفال ( أجملهن) وهي على عربة مزينة(2) وقبل ان يطفن سبع مرات حول البحيرة التي يعتقد ان الإلهة “تانيت” ولدت فيها: “تتوزع فيه الفتيات الى مجموعتين تتصارعان بالحجارة والعصي، ويقولون انهم ورثوا هذه الممارسات التي اسسها اجدادهم تكريما للربة التي ولدت في بلدهم والتي نسميها نحن الاغريق أثينا، وإذا حدث ان إحدى الفتيات ماتت متأثرة بجراحها خلال الصراع، فإن ذلك دليل على ان عذريتها مزيفة..”(2) ثم يطفن بالبحيرة تتقدمهن أجملهن وهي على عربتها المزينة.
بقيت عبادتها في بعض الطقوس والاحتفالات الامازيغية بالمغرب إلى الآن، فمثلا احتفال ” تاغنجا” تحمل فيها الفتيات المحتفلات عروسا مزينة من قصب او ما شابهه على شكل رمز الإلهة تانيت ، طلبا للمطر اي للخصب والخصوبة (3)..
كما لهذه الإلهة امتداد في بعض الطقوس الامازيغية مثل احتفال “لالّا تاغلا” بإمي أكادير (فم الحصن) الذي كانت تحتفل به الفتيات يوم عيد المولد النبوي اعتقادا منهن ان ” لالّا تاغلا” تجلب الزواج المحتفلات بها. و” لالا تاغلا” لها قبر فوق ربوة وسط الحقول البورية خارج البلدة.
ويقام الاحتفال على شكل حفل يبدأ بالاستعداد من داخل القرية بقرع الدفوف من طرف الفتيات والفتية( الشباب غير المتزوج)، وعندما يجتمع الفريقان يتوجع الجمع خارج البلدة حيث توجد الربوة التي بها قبر “لالا تاغلا”( لالا تاغلا هي النعجة التي لم تلد بعد), وعندما يصل قرب الربوة حيث الحقول البورية، ينقسم الجمع الى فريقين، فريق الفتيات وفريق للفتية، ويتعاركون بحبات الحنظل التي تنمو في هذه الحقول، ثم يتشابكون بالايدي ( الفتى والفتاة)، ويحاول كل من المتعاركين ان يسقط الاخر أرضا، ويعتقد أن من جرحت اثناء إسقاطها لن ترى الاحتفال في العام الموالي( ؤر استيد ئسوتل ؤسگاس).
وبعد الانتهاء من طقس العراك بين الجنسين، تنتقل الفتيات الى قبر ” لالا تاغلا” وهو فوق الربوة ، فيدققن حصوات صغيرة فوق حجرة وضعت على قبرها مرددات ” لالا تاغلا ؤر نري ليتيهال نم” اي لالا تاغلا لا نريد ان تتزوجي )(4).
و بعد الانتهاء من هذا الطقس تنزل الفتيات حيث ينتظرهن الفتية للقيام بحفلة أحواش، وعند الانقضاء من هذا الطقس يرجع الجميع الى القرية، وكل فتاة تامل أن تلبي “لالا تاغلا” طلبها أي الزواج.
وكان هذا الاحتفال يقام في ئمي ؤگادير (فم الحصن )الى الخمسينات من القرن الماضي.
وهذا الاحتفال شبيه إلى حد كبير بالاحتفال الذي كان يقام للإلهة “تانيت” كما ذكره هيرودوت.
هوامش:
1- يشير هيرودوت الى أن نساء الامازيغ في بعض القبائل يقدن العربات أثناء الحرب.( الفقرة 193، كتاب أحاديث هيرودوت حول الليبيين(الأمازيغ)، ترجمة وتعليق د. مصطفى أعشي، منشورات المعهد الملكي،2009، ص 96).
2- هيرودوت، فقرة 180, الكتاب الرابع، ( المرجع السابق ص 56).
3- رمز “تانيت”في الصورة تشبه ” تاغنجا”.
4- راوية هذا الطقس الاحتفالي هي فاضمة البشير أم محمد أوگدماين من إمي أگادير، توفيت رحمة الله عليها في أواخر التسعينات، روت لي هذا الطقس في بداية التسعينات وهي في السبعينات من عمرها أنذاك.
التعليقات مغلقة.