ما أروع أن يعتني المبدع بجذوره الفنية قبل أن يسعى تائها بين رياح الفنون العالمية!!! أمناي فنان جسد ذلك من خلال إبداعه الأخير رفقة فرقة ” تزويت” بقلعة مكونة حيث أنجزا معا أغنية جميلة موسومة بــ:” دو س تاويل Ddou s Ttawil ” أي سر على مهل، أغنية تجمع بين جمال الصورة و جمال الكلمات وعمق القضية. قضية الاحتفال بالتاريخ.
هناك مثل افريقي عريق يقول” اذا لم تكن تعلم الى اين انت ذاهب؟ فاعلم على الاقل من اين اتيت؟. هكذا اذن هذه الاغنية تسائلنا على ماضينا و امجادنا وتحتفي بهما . استثمر فيها المبدع امناي بمعية فريقه الفني فنون الفرجة بدءا من رقصة” تزويت ” او تحيدوست ن تزويت وكذا فن التبوريضة” اصباحي ” الذي نال اعتراف اليونيسكو كثرات انساني مؤخرا.
استعمل مبدعنا امناي موسيقى” الريكي” ومزجها بايقاعات احيدوس، محافظا على روح هذا الفن لكن بلمسات عالمية، مزجها باحيدوس العريق الذي يجمع هو كذلك بين الايحاءات المرتبطة بالزي ودلالة الصوت والحركة وقوة صوت البندير حينما يتم تدفئته بالنار، فحينما يتم جمع الصوت واللحن و الايقاع تتراقص القلوب فيستجيب الجسد بحركاته الموزونة وتصنع الفرجة الجماعية التي تدوب الفروقات الفردية والجماعية فلا تميز بين فقير وغني.
فالفن يسافر بالجميع الى عالم السكون و الوحدة والعيش المشترك.
جمالية الصورة وحركيتها وسيناريو محبك واختيار الزمان والمكان كلها تقنيات ومؤشرات جميلة تحسب للمخرج الذي صنع قالبا جميلا فنيا سيساهم لا محالة في اثراء الساحة الفنية لاسامر.
وحينما نتأمل موضوع الاغنية فهي ترجع بنا الى الماضي، ذالك الماضي او لنقل ذلك التاريخ الذي كتب وفق اكراهات الحاضر، اي كتب ليتوافق ومصلحة القوى المسيطرة، ذالك التاريخ الذي حاولت جهات كثيرة اقباره لانه بكل بساطة ينتصر لامجاد وقبائل في اسامر نازلت بورنازيل وغيره من الغزاة الفرنسيين وأوقعته ارضا معتقدة انه امرأة بسبب ارتدائه لمعطف أحمر.
بوكافر الصامدة عنوان لتاريخ تحت الانقاض، أغنية تحتفي بالمقاوم عسو بسلام الباسل ومن خلاله اكيد تحتفي بالمقاومة برمتها في كل من بوكافر و جبل بادو وتزكزاوت وكل المناطق المغربية التي كافحت ودافعت عن ارضها وكرامتها.
هذه المقاومة لا تزال حية وان تغيرت ملامحها واشكالها فهي مثل الرماد تشتعل و تظهر من حين الى أخر. مقاومة الاستغلال المفرط للثروات والمعادن والتهميش ومقاومة التهجير الغير المباشر، فالترخيص للتعمير والاستثمار في مناطق دون اخرى والترخيص لبناء الجامعات في مناطق دون اخرى ما هو الا شكل من اشكال التهجير الغير المباشر.
وما اثارنا كمتتبعين و ملاحظين لمبدعي أسامر عموما ومن خلال هذه التجربة الفنية لامناي هو كون المبدع في اسامر يحمل الرسالة الهادفة في منجزه الفني اكيد لا يمكن تعميم الامر لكن الغالبية من هؤلاء المبدعين يهتمون بالرسالة في ابداعاتهم.
في هذا المنجز الفني سحب امناي بساط الفلكلرة على رقصة تزويت وربطها بموضوع المقاومة وبذلك ينثر بذور الالتزام والوعي في صفوف الشباب والشابات الذين يمارسون هذه الرقصة وكذالك الذين يمارسون رياضة التبوريضة “اصباحي” ويربطها باصولها الحقيقية وقيمها العريقة الا وهي الاعتزاز بالوطن و الارض والكرامة ودفع جشع المستغلين والمستعمرين الاقتصاديين والثقافيين على السواء.
واصل بلا فواصل ايها البطل “امناي” واصل دفاعك عن هذه الفنون الشعبية التي تموت يوما بعد يوم بفعل العولمة المتوحشة، وبفعل ابعادها عن مقاعد الفصول الدراسية التي يمكن لها ان تحتضنها و ترعاها.
التعليقات مغلقة.