كيف لقروية أوكرانية، متحفظة وخجولة، وجندي إيطالي أسير في معتقل نازي أن يدور بخلدهما أن اسميهما، ستتناقلهما وسائل الإعلام يوما، وأن تمثالا يجمعهما في عناق طال انتظاره عقودا، سيصبح قبلة للعشاق؟
إنه الحب! عابر للزمن، وأقوى من الظروف والحروب والحدود التي تصنعها السياسات. بل ليس الحب وحده، فهناك أيضا الأمل الذي كان أشبه بحلم مستحيل، والإصرار الذي يملكه من لا يشيخ قلبه، على الأقل من جانب جندي إيطالي سابق قارب عمره التسعين عاما.
في منتزه ماريينسكي، في قلب العاصمة الأوكرانية كييف، وبقرب جسر صغير اسمه “جسر العشاق” ثمة تمثال برونزي لعجوزين متعانقين، إنهما موكرينا ولويجي.
رأسها مدفون في صدره، وذراعاه تحيطان كتفيها المحنيتين في لحظة احتواء، تختصر شوق أكثر من ستين عاما.
أمام هذا التمثال، الذي يحمل توقيع النحات الأوكراني المعروف ألكسندر مورغاتسكي، يتبادل عشاق اليوم، سواء من سكان المدينة أو من زوارها، عهود الحب، ومعه يلتقط محتفلون بيوم زفافهم صورا تذكارية، كما يأتي إليه الوحيدون حاملين أمنياتهم، وليس غريبا أن تترك على قاعدته ورود لمحبوب أو رسالة تحمل أملا بلقاء.
فما الذي يغري القلوب ببركة هذين العجوزين؟
يقول أندري ميروشنيتشينكو في تصريح له بلبي بي سي نيوز عربي، وهو كاتب ورحالة من كييف “حب موكرينا ولويجي لم شملهما من جديد رغم الحرب، والحدود السياسية، والعمر، وكل العوائق”.
ويضيف “كما أن مجاورة التمثال للجسر الذي يعلق عليه العشاق الأقفال التي ترمز إلى ارتباطهم، تمنحه بعدا رمزيا إضافيا مهما. فالحب جسر يصل بين عاشقين حتى إن كانا من عالمين وثقافتين مختلفتين، تماما كما يصل هذا الجسر الصغير بين طرفي الحديقة”.
التعليقات مغلقة.