متى و كيف يتخلص الأمازيغ من لعنة التاريخ الايديولوجي؟

الغازي لكبير

لقد كانت الأمازيغية و ما تزال ضحية ايديولوجية عمياء سعت و تسعى إلى إبادتها. ايديولوجية توسلت السلطة و سالت كالدم في شرايين المجتمع. فتشرّق بعض الأمازيغ وتغرّب بعضهم نتيجة ذلك.  فتنكروا لهويتهم و صاروا يهاجمونها و يناصرون أعداءها. يقبلون بكل شيء إلا ما يتعلق بثقافة أو تاريخ شمال افريقيا. ينفونه كاملا و إذا تعذر عليهم الأمر نسبوه إلى الغير على ألا يتم ذكر الأمازيغية و الأمازيغ.

في التقويم مثلا، يقرون بكل أعياد السنة، الميلادية منها و الهجرية و القمرية و الشمسية و يحتفلون بها  إلا رأس السنة الأمازيغية. يقول عنه الموالون للشرق إنه بدعة لا يتحدث عنه التاريخ ولا تذكره العنعنة. هي فكرة أجنبية خلقت من أجل التفرقة و إقامة العداوة. أما المناصرون للغرب، فيستشهدون بالإمبراطور سيزار و عن تصحيحه للتقويم الروماني.

و الذي يجهله بعض هؤلاء و يتجاهله البعض الآخر هو أن التقويم الأمازيغي سابق للتقويمين الهجري و الميلادي. و أن العمل الذي قام به julien César سنة 46 قبل الميلاد كان على ضوء التقويم الأمازيغي. ففي هذه السنة أي 46 ق م اتجه الإمبراطور نحو شمال افريقيا و كان ذلك في عهد يوبا الثاني.  كان التقويم الأمازيغي متقدما جدا على نظيره الروماني. كانت السنة عند الأمازيغ تتألف من أربعة فصول كما نعرف اليوم : الربيعⵜⵉⴼⵙⴰ   و الصيفⴰⵏⴱⴷⵓ  و  الخريفⴰⵎⵉⵡⴰⵏ  ثم الشتاء ⵜⴰⴳⵔⵙⵜ

و كان كل من فصل الصيف و الشتاء يمتدان على طول 93 يوما بينما الخريف و الربيع يطول كل واحد منهما 90 يوما.

أما عن بداية التقويم ، فطبيعي جدا أن يبدأ الأمازيغ من الحدث الذي يرونه مناسبا لهم كما اختار الخليفة عمر، بعد مرور سبع عشرة سنة، حدث انتقال النبي من مكة إلى المدينة.

و هل انتصر  الأمازيغي شيشونغ فعلا عن الفراعنة ؟

و أين وقعت المعركة بين الخصمين ؟

يقول الباحث و المؤرخ محمد سريج، صاحب كتاب أيراد الصادر عن دار كنوز، أن المعركة قد وقعت فعلا بين القائد الأمازيغي شيشونغ و جيش الفراعنة سنة 950 قبل الميلاد، و انتصر فيها الأمازيغ الذين لجأوا إلى اطلاق الأسود المروضة على خصومهم و كان ذلك في جبل فرعون بجبال تلمسان.

لماذا لا يثق بعض الأمازيغ في ما يرويه كثير من المؤرخين  و يصدقون ما تقوله و تكتبه تلك الفئة التي تتخذ التاريخ غلافا و  تجعل الإيديولوجية جوهرا لكتاباتها و انتاجاتها؟

تقدمت العلوم و سفلت مجموعة من النظريات و ظهرت عيوب كثير من الأطروحات، بل و تغيرت أغلب المعطيات و اتضحت نسبيا مجموعة من الأمور و القضايا.

لماذا يا ترى يتشبث بعض الأمازيغ بما يقوله من ظهر عيبه و برز قصوره؟

الإيديولوجيا حرباء تتلون بلون المكان الذي تتخذه موطنا لها. فلما كانت في التاريخ اصطنعت أحداثا و أنشأت وقائع تخدم الأهداف التي تتغياها. فأتت بالأمازيغ مثلا من اليمن عن طريق الحبشة و مصر. و أسكنتهم الكهوف و جعلت من الفنيقيين أول دولة اتصلوا بها. لكن الأركيولوجيا و الأنتروبولوجيا صنفت هذه الأقاويل  في مقام الأوهام و بياناتها في الأكاذيب. فأثبتت بالدليل و الحجة أن الأمازيغ سكان شمال افريقيا الأصليين و أنهم أنشأوا حضارة لا تقل أهمية عن الحضارات المشهود لها عالميا بالتقدم و الرقي، و أنهم بنوا الأهرام و صكوا النقود و كتبوا و أبدعوا. على سبيل المثال، أول رواية في التاريخ للأمازيغ.  كما بينت الأبحاث العلمية كذلك أن الثقافة الأمازيغية أغنت ثقافات أخرى, و أظهرت أن الميتولوجيا الإغريقية مثلا قد أخذت من الثقافة الأمازيغية (Poseidon  مثلا  أمازيغي المنشأ) و أن الديانة المصرية قد تأثرت بالمعتقدات الأمازيغية( Amon إله أمازيغي).

و رغم ذلك يظل بعض الأمازيغ متعلقين بما تقوله شريحة من الفقهاء.

هل لأن هؤلاء أقحموا الدين كذلك في التاريخ و جعلوا منهما معا وسيلة تخدم أهدافهم؟

الا يستطيع هؤلاء الأمازيغ التمييز بين الخطاب الإلهي الذي جعل من الناس شعوبا و قبائل و بين الحديث الإيديولوجي المغلف في الدين الذي يريد أن يجعل منهم شعوبا و قبائل غير أمازيغية؟

قد يستطيع الأمازيغ الخروج من هذا المأزق الذي عاشوا و يعيشون فيه عندما تدخل الثقافة الأمازيغية بقيمها السمحة و مبادئها الإنسانية إلى المدرسة. عندما يتحدث درس التاريخ عن دهيا بصفتها مقاومة و مدافعة عن وطنها و عن استشهادها في سبيل الدفاع عن الأرض. عن مدينة وليلي و غيرها من مدن ما قبل التاريخ، أنها أمازغية بناها الأمازيغ. و عن شمال افريقيا أنها جزء لا يتجزأ من افريقيا.

الغازي لكبير مكناس في 26-01-2022 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد