مقال استثنائي بمناسبة أول خطبة جمعة تشيد بالثقافة الامازيغية في تاريخ المغرب المعاصر

أزول بريس – مهدي مالك //

مقدمة مطولة

قد لاحظ الجميع انني لم اعد اكتب مقالي الاسبوعي او حوارات الخيالية كنوع من الابداع المتواضع حيث ان الكتابة هي حياتي منذ سنوات من نشر المقالات و المواقف النضالية.

 لكن السؤال المطروح بالنسبة لي هو ماذا الذي استفدت طوال هذه السنوات ماديا او معنويا و الجواب بكل الصراحة و الواقعية لا شيء يذكر علما ان ابي الموقر يوفر لي و لاولادي اسباب العيش الكريم اي انني لا ابحث عن عمل من اجل العيش بل من اجل اثبات الذات كمعاق في هذا المجتمع و من اجل ضمان مستقبلي على المدى المتوسط او على المدى البعيد اي انني اريد ان اترك بصماتي بعد وفاتي .

انني لم و لن اتخلى عن نضالي الامازيغي حتى الموت لانني امازيغي مسلم لكن افكاري هي غير مرغوبة من طرف بعض الجرائد او بعض المواقع الاخبارية من قبيل الاسلام الامازيغي او تاسيس حزب بالمرجعية الامازيغية او الفدرالية الخ لان المغرب منذ سنة 1979 قد دخل الى عهد  الوهابية الوحشية بكل تفاصيلها بهدف قمع السؤال الامازيغي بكل ابعاده السياسية و الدينية و التنموية..

 لدى كنت قد قررت اعتزال الكتابة عن موضوع الشان الامازيغي الى اجل غير مسمى لاجل البحث عن افاق اخرى مثل كتابة كتاب جديد حول تيروسا و الدين الاسلامي كموضوع هام اليوم لان فن الروايس قد ساهم بشكل عظيم في ترسيخ الاسلام كدين و كقيم او انشاء قناة يوثيوب خاصة بي الخ.

لكن لقد وقع حدث تاريخي غير مسبوق في تاريخ المغرب الحديث جعلني اتراجع عن قراري هذا لان افكاري المتواضعة بدات تعطي بعض ثمارها الان بعد سنوات من الكتابة حول موضوع الامازيغية في حقلنا الديني الرسمي…

و يتجلى هذا الحدث التاريخي في القاء رئيس المجلس العلمي لصخيرات تمارة الحاج لحسين بن ابراهيم اسكنفل لخطبة جمعة نادرة في احد مساجد مدينة تامسنا يشيد بها لاول مرة منذ سنة 1956 و ربما قبل هذا التاريخ بالامازيغية كثقافة و كتقاليد و كعرف حيث اكد ان الامازيغيين هم السكان الاصليين للمغرب و ان الاسلام لم ياتي لمحو ثقافات الشعوب و حضاراتهم كما يعتقد السلفيين و الملحدين على حد السواء.

و اكد ان الاحتفال بالسنة الامازيغية لا يخالف مع الدين الاسلامي بكليته لان هذا الاحتفال كان موجود منذ قرون في سوس و في الاطلس المتوسط و في الريف حيث شن هجوم عنيف على دعاة الفتنة كما سماهم اي فقهاء الاسلام السياسي ببعده الوهابي و الاخواني باعتبارهم جاءوا ليمارسوا الرئاسة الدينية باسم الاسلام كاننا اسلمنا منذ 42 سنة فقط و ليس منذ 14 قرنا من الحضارة الامازيغية الاسلامية بايجابياتها و بسلبياتها مثل هذه الحياة الدنيا مرة نفرح و مرة نغضب لاننا بشر ضعفاء نحتاج الى الايمان بالله و برسوله الاكرم اي ان هؤلاء الفقهاء يساهمون بشكل عظيم في بناء تصورات خطيرة انطلاقا من الشرق العربي قصد تشويه كل ما هو امازيغي بربطه بالتنصير او بالالحاد الخ.

اذن ما قام به الفقيه لحسين اسكنفل يوم الجمعة 15 يناير 2021 هو ضرب في شرعية ايديولوجية الظهير البربري المدبرة لحقلنا الديني الرسمي حيث كم من مقال كتبته و نشرته في موقع اهل القران بامريكا حول هذا الموضوع  لكن لا احد قد اهتم اللهم بعض التشجيعات هنا او هناك ….

الى صلب الموضوع

 اشير ان هذا الكلام قد نشرته منذ صيف سنة 2017 بصيغ مختلفة حسب السياق حيث قلت انني اعتقد ان حقلنا الديني الرسمي منذ سنة 1956 ظل خاضع لاستراتيجيات السلطة تجاه الهوية الوطنية حيث تم ربطها بالمشرق العربي باعتباره الحضن الاول للاسلام و الحضن الاول للرسول الاكرم و اسرته الشريفة حيث ان السلطة المخزنية قد وضعت اسسا لتدبير هذا الحقل الحيوي في حياة المغاربة و من بين هذه الاسس الكثيرة ما اسميه الان بايديولوجية الظهير البربري اي الفصل النهائي بين الامازيغية و الاسلام كما شرحته مطولا في كتابي كتجربة لم تكتب لها الطبع  نظرا للمناخ الايديولوجي السائد في المغرب الان اي اقصد الوهابية و اخواتها حيث ربما ان كتابي هو فاشل حقا كاعتراف صريح مني...

 و من بين هذه الاسس الكثيرة هو الخطاب الديني الرسمي ذو النزعة العروبية و النزعة السلفية معا اي العروبة و القراءة السلفية للاسلام لكي يجعل المغاربة يعتقدون ان العروبة هي الجزء الاصيل من الاسلام بينما الواقع التاريخي يقول  ان الدولة الاموية فرضت العروبة كتقاليد جاهلية لا علاقة لها بالاسلام نهائيا من قبيل الغزو او جهاد الطلب كما يسمى في كتب السلف …

غير ان هناك مجموعة من الحقائق مثل عندما استقل المغرب عن فرنسا شكليا سنة 1956 لم يطبق الشريعة الاسلامية كنظام الحكم الشمولي كما يقال لنا بل طبق القوانين العلمانية الفرنسية مما يجعلنني اقول ان الحركة الوطنية عند تاسيسها في سنة 1930 قالت بان اجدادنا الامازيغيين اصبحوا مسيحيين بمجرد تطبيقهم لقوانينهم العلمانية الاصيلة عندهم منذ قرون خلت تحت ظلال الحضارة الامازيغية الاسلامية كما اسميها اي ان الحركة الوطنية المعروفة بنزعتها السلفية و العروبية لم تستطيع تحقيق اهدافها المعلنة مثل تطبيق الشريعة الاسلامية كنظام شامل …

و  هناك تحليل اخر مهم يقول ان هذه الاخيرة اي الحركة الوطنية لم تكن مؤمنة بالمشروع السياسي لدعاة السلفية الاصيلة اصلا بحكم ان السلفيين الحقيقيين لا يعترفون بمصطلح الوطن الواحد او بالعلم الوطني او بالديمقراطية الغربية عن طريق المشاركة في الانتخابات  الخ من هذه المفاهيم التي تتعارض مع دولة الخلافة الكبرى ….

و يقول  الاستاذ عبد الوهاب رفيقي في شهادة قيمة ان الراحل الحسن الثاني قد سمح بدخول اعضاء بارزين من جماعة الاخوان المسلمين الى المغرب منذ اوائل الستينات مما يفسر ظاهرة انشاء التنظيمات السلفية السرية في اواسط السبعينات من قبيل الشبيبة الاسلامية حيث كانت هذه التنظيمات تكفر النظام  الذي لم يطبق شريعة الاسلام و تكفر الديمقراطية و الاحزاب السياسية الخ من هذه المقدسات الوهابية الاصيلة اي ان السلفيين المغاربة ان صح التعبير كانوا ينظرون الى السعودية كنموذج سامي لتطبيق الاسلام الى امس قريب اي ان الاخوان المسلمين دخلوا الى المغرب منذ اوائل الستينات بغية خلق مناخ ديني دخيل ليرسخ التعريب الهوياتي  .

و في سنة 1979 سمحت السلطة بدخول فاعل اخر خطير للغاية الا و هو الوهابية بغية تقوية شرعية ايديولوجية الظهير البربري و شن الحرب على قرى اليسار المعارض وقتها حيث ان الوهابية كما يعلم الجميع هي مذهب اكثر تطرفا في الاسلام و الاساس الايديولوجي لجماعات الاسلام الجهادي و الاساس الايديولوجي للتكفير الخ من هذه الامراض الاجتماعية و الهوياتية  .

 قد استمر هذا التدبير للحقل الديني الرسمي طيلة هذه العقود الى حدود اليوم حيث قد احدث العديد من المشاكل و العراقيل على كل المستويات  و الاصعدة فمثلا منذ عقد اواسط السبعينات شجع الراحل الحسن الثاني المدارس القرانية ذات المد السلفي لمحاربة التيارات اليسارية  و لاقبار الهوية الامازيغية نهائيا وقتها حسب رايي المتواضع حيث ان هذه المدارس القرانية كانت تربي تلاميذها على قيم المخزن الدينية اي العروبة و الاسلام و على تاريخ المخزن الرسمي من قبيل ان المغرب يعتبر ارض عربية خالصة و ان الامازيغيين جاءوا من اليمن الخ من هذه الخرافات التي كانت قوية في ذلك الزمان في الاعلام و في التعليم بشكل كبير .

ان ثمار هذا النهج الاخواني الوهابي قد انتج تكوين ائمة و خطباء الجمعة منذ نهاية السبعينات الى حدود الان على معاداة الامازيغية بشموليتها و الدفاع عن عروبة المغرب و عن القراءة السلفية للاسلام الخ..

و هكذا فان تدبير الحقل الديني الرسمي منذ سنة 1956 الى سنة 2003 قد ساهم بشكل كبير في تحطيم العقلانية الامازيغية في تدبير الشان الديني و ربط المغاربة بالمشرق فكانت النتيجة الطبيعية هي احداث 16 ماي 2003 الارهابية التي وقعت في قلب المغرب الاقتصادي الا و هو الدار البيضاء حيث كانت صدمة قوية للمغاربة الذين لم يظنوا ان مثل هذه العمليات الارهابية ستقع في بلادنا المتميزة بتسامحها  الديني مع اصحاب الديانات السماوية ……….

لقد ظهرت مجموعة من التحليلات داخل مجتمعنا بعد تلك الاحداث المؤلمة تدور بعضها حول عامل الفقر الغير منطقي  بالنسبة لي لان الفقر المدقع كان موجودا بشكل عظيم في بوادينا المنسية  منذ سنة 1956 حيث لم نسمع قط بوقوع مثل هذا الارهاب الاعمى في هذا الوسط الفقير للغاية….

كما ذهبت تحليلات اخرى الى ان السلطة قامت بتدبير هذه المؤامرة الكبرى بهدف القضاء على ما يسمى بتيارات الاسلام السياسي المغربية ان صح التعبير حيث هذا لا يمكن نظريا لان هذه التيارات قامت بمراجعات فكرية منذ اواسط السبعينات فاصبحت تعترف بالنظام القائم و بمؤسساته و اصبحت تشارك في العملية الانتخابية منذ اواخر التسعينات الخ بمعنى ان هذه التيارات اصبحت اكثر قرب من المخزن بفضل خطابها المناسب مع خطاب المخزن الديني و السياسي  …

سؤال الحصيلة ؟                                 

في سنة 2004 اي بعد سنة من تلك الاحداث الارهابية قرر الملك محمد السادس اعادة تاهيل حقلنا الديني لكي يصد كل التيارات الارهابية الدخيلة حيث من حسنات هذا التاهيل هو اشراك المراة كموعظة و كمحاضرة في الدروس الحسنية الرمضانية امام الملك و امام الوزراء و العلماء الخ بمعنى ان اشراك المراة في تدبير حقلنا الديني هو مفيد لان فكر السلف الصالح كما يسمى ظل يختزل دور المراة في مصطلح حريم السلطان بينما في تاريخنا الاجتماعي قبل الاسلام او بعده كانت للمراة الامازيغية مكانة كبيرة باعتبارها ملكة و عالمة و شاعرة الخ بشهادة مصادر تاريخنا الاجتماعي..

كما ان اعادة تاهيل حقلنا الديني قد احدث قنوات للاعلام الديني عبر اذاعة محمد السادس للقران الكريم و قناة السادسة بهدف اظهار خصوصيتنا الاسلامية المغربية كما يدعي اصحاب هذا القول الخاطئ للغاية كما سنرى بعد حين …

ان هذا المشروع لاعادة تاهيل الحقل الديني لسنة 2004 قد احتفظ بما اسميه بايديولوجية الظهير البربري كاساس جوهري للتعامل مع الامازيغية بالرغم من خطاب اجدير لسنة 2001 و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الخ من ثمار السياسة الامازيغية الجديدة التي اعتمدت على ان الامازيغية هي شان بعيد عن الشان الديني و عن الشان  السياسي على الاطلاق كما اقوله دائما….

و في هذا السياق اتذكر في صيف سنة 2006 كنت انشر مقالاتي المتواضعة للغاية في موقع الحوار المتمدن اي في بداية مساري حيث لاحظت ان قناة السادسة الدينية وقتها لا تعترف بوجود البعد الديني لدى الامازيغيين على الاطلاق عبر خريطة برامجها المتنوعة من قبيل الارشاد الديني و الامداح النبوية فكتبت عن هذا الموضوع باسهاب حتى ظهرت عدة برامج باللغة الامازيغية انطلاقا من دجنبر 2006 لكنني لم اكن ادرك انذاك ان خطابنا الديني الرسمي هو اصلا ذو نزعة عروبية سلفية اي معادي للهوية الامازيغية بشموليتها حيث كنت اتساءل في نفسي لماذا يتجاهل الاستاذ عصيد تقييم البرامج الدينية بالامازيغية في ذلك السياق…

غير انني اصبحت ادرك اليوم الجواب على سؤالي اعلاه حيث ان الاعلام الديني عبر اذاعة محمد السادس للقران الكريم و قناة السادسة الخ من هذه البرامج  الدينية في قنواتنا العمومية لن تخرج عن اسس تدبير حقلنا الديني التي وضعت ابان فجر الاستقلال الشكلي مثل ايديولوجية الظهير البربري  …

اعتقد شخصيا ان تاهيل حقلنا الديني الذي حصل في سنة 2004 لم ياتي على الاطلاق بالمسائل الجوهرية الهادفة الى اظهار الخصوصية الاسلامية المغربية في حقيقتها حيث ان الاسلام المغربي قد بناه اجدادنا الامازيغيين منذ ما قبل الغزو الاموي  من خلال المعمار الامازيغي الاسلامي المنتشر في شمال افريقيا و جنوب الصحراء الافريقية و حتى اسبانيا الحالية و من خلال ثقافتهم الامازيغية الاسلامية و من خلال قوانينهم العلمانية الامازيغية التي اعتبرها السلفيين المغاربة او الاجانب بمثابة قوانين جاهلية ما انزل الله بها من سلطان و تحقيقا لاهداف الاستعمار الفرنسي في التقسيم و التفرقة….

و حين نسمع جل فقهاءنا المتخلفين اليوم و هم يتهمون الامازيغية و قيمها المثلى بالكفر و بالفتنة كما حدث في احد مساجد مدينة الحسيمة في الجمعة الاخيرة من شهر شعبان الموافق لسنة 2017 نشعر بالاهانة و الاسف الشديد على مستوى تخلف خطابنا الديني تجاه مجموعة من القضايا الاجتماعية و السياسية .

ان خطباء منابر الجمعة ظلوا يقولون ما يريده المخزن او بعض اطرافه المحافظة ابلاغه الى جموع المصلين حيث صحيح انني معاق لا استطيع الذهاب الى المسجد لاحضر صلاة الجمعة لكنني استمع الى خطب الجمعة عبر وسائل الاعلام العمومية احيانا كثيرة حيث كم من مرة نسمع عبر الانترنت عن خطباء يهاجمون الامازيغية بشموليتها و حركتها المدنية كأن حضارة العرب الصحراوية بعد انتقال الرسول الاكرم الى جوار ربه كانت احسن نموذج لتطبيق قيم الاسلام السامية حيث ان الكل يعرف ان الاعراب كمصطلح قراني وقعوا في الفتنة الكبرى التي أدت الى صعود بني امية لحكم المسلمين بالحديد و النار و بجاهليتهم المستمرة الى الان بفضل السلف الصالح كما يسمى و كتبهم الوضعية التي تتناسب مع زمانهم…..

اذن ان الذي اريد الوصول اليه هنا هو ان حقلنا الديني الرسمي بصورته الحالية لا يجسد الا المزيد من التخلف و الجمع بين العروبة و الاسلام ببعده المخزني و التجاهل التام لامازيغية المغرب بشموليتها و المتحالف مع الوهابية كحقيقة غابت عني عندما كتبت كتابي..

 كان من المفروض  منذ ترسيم الامازيغية في دستور 2011 ان نسمع خطب الجمعة التي تشيد بفضائل الثقافة الامازيغية العظمى على حضارتنا الاسلامية المغربية..

كان من المفروض كذلك ان نلاحظ تغيير ملموس اتجاه خطابنا الديني الرسمي من التكفير و التحريم لكل ما هو امازيغي الى تقدير هذه الثقافة الاسلامية و احلالها المكانة المستحقة باعتبارها لغة رسمية للدولة المغربية عبر  الدعوة الى تدريسها داخل مدارس الدينية العتيقة و الاهتمام بتراثها الديني الضخم و التعريف به في اعلامنا الديني الرافض اصلا لفتح اي نقاش عمومي حول الامازيغية و الاسلام ببلادنا  ……

لكن هذا كله لم يحدث قط طيلة هذه السنوات من ترسيم الامازيغية  حيث شخصيا احمل المسؤولية لاحتقار الامازيغية داخل حقلنا الديني الرسمي الى الدولة المغربية عبر وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية التي لم تقوم باية  مبادرة معتبرة لصالح الاهتمام بالامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم منذ خطاب اجدير التاريخي الى يومنا هذا لان هذه الوزارة تمثل خطاب المخزن الديني المعتمد على ايديولوجية الظهير البربري و الجمع بين العروبة و الاسلام بمعنى ان الاسبقية دائما للعروبة كهوية دخيلة على حساب هوية هذه الارض الامازيغية الاصلية …………   

انني احيي بصوت عالي جهود الملك محمد السادس الناجحة لرجوع المغرب الى حضن اسرته الافريقية حيث اعتبر هذه الجهود بمثابة مؤشر مفيد على ان قيادتنا الرشيدة تريد التجدر في اعماقنا الافريقية كما فعل اجدادنا المرابطين و الموحديين و المرينيين و السعديين لكن حقلنا الديني الرسمي بصورته الحالية مازال يصر على ان  يحتقر الامازيغية كبعد تاريخي عبر جنوب الصحراء الافريقية كذلك حيث ساعطي مثال على هذا الاحتقار حيث سمعت منذ سنوات برنامج على الاذاعة الوطنية من تقديم وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية حول فضل اللغة العربية  مع احد العلماء باحدى هذه الدول الافريقية الشقيقة كأن اللغة العربية هي الوحيدة التي لها الفضل و التكريم في هذه الوقعة الجغرافية و كأن اللغة الامازيغية ليس لها اي وجود تاريخي داخل هذه الوقعة الجغرافية بصفة نهائية اي ان وزارة الاستاذ احمد التوفيق مازالت تعيش في ظل دستور سنة 1996 و مازالت لا تعترف برسمية اللغة الامازيغية بكل بساطة  ….

ان غياب الامازيغية بشموليتها عن تدبير حقلنا الديني الرسمي منذ عقود عموما و منذ سنة 2004 تاريخ قيام الدولة المغربية باعادة تاهيل الحقل الديني خصوصا قد ساهم في نشر التطرف و الارهاب الوهابيان بصريح العبارة  داخل  مجتمعنا المغربي حيث هجر الاف من المغاربة و المغربيات الى ارض الخلافة المزعومة بسوريا و العراق قصد قتال الكفار و الروافد اي الشيعة حسب تعبير السلفيين و اعتناق المئات من البسطاء  داخل مجتمعنا ايديولوجية جماعة الاخوان المسلمين التي خلقتها السعودية اصلا في اوائل القرن الماضي للقضاء على محاولات التنوير الاسلامي بمصر خصوصا و مجتمعاتنا الاسلامية عموما بعد سقوط ما يسمى بالخلافة الاسلامية سنة 1923 بفضل كمال اتاتورك الذي استطاع ان يبني العلمانية على اسس الغرب المسيحي بتركيا لكن مع الاحتفاظ بالاسلام كدين و كاخلاق و الاحتفاظ باللغة التركية و ثقافتها المحترمة….

لكن هذا الامر مختلف بالنسبة لبلادنا حيث كان  المغرب  بامكانه عندما حصل على الاستقلال ان يؤسس علمانيته الاصيلة انطلاقا من هويته الامازيغية الاسلامية و ليس اتظلاقا من فرنسا او سويسرا الخ لاننا كالحركة الامازيغية لم نطالب بتطبيق النموذج الغربي للعلمانية قط كما يقول اخواننا الاسلاميين منذ سنوات مستغلين جهل العامة لحقائق الامر و مستغلين للعاطفة الدينية بشكل سلبي كما قاله الاستاذ عصيد في احدى حواراته الصحافية المتميزة بمعنى ان نموذجنا العلماني لا يتعارض مع اسلام اجدادنا.

  اذن هذا ما كنت ادعو اليه من خلال مقالاتي و  كتابي الفاشل ربما منذ سنوات حيث الان تظهر بعض ثمار هذا المجهود الشخصي عبر هذه الخطبة التاريخية لسيدي لحسن اسكنفل حفظه الله لنا و للتنوير الاسلامي لاننا نعيش في المغرب قد اعترف بان الامازيغية هي لغة رسمية في الدستور الحالي لكن وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية هي خارج التاريخ مادامت تشجع امثال ابو عمار على تخريب وعي اهل سوس الديني …

توقيع المهدي مالك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد