أزول بريس – الحسين بويعقوبي //
برحيل محمد أوفاري تكون أكادير قد فقدت جزءا من ذاكرتها وتكون الحركة الأمازيغية قد فقدت أحد أعمدتها الكبار. لن تجد اسمه في مقالات ولا في بيانات ولا في برامج تلفزية, لكن للرجل أسلوبه الخاص في النضال, وفي قلبه الصمت.
لقد فقد المرحوم جل أفراد عائلته في زلزال أكادير سنة 1960 وظل يحمل معه تأثيرات هذا الحدث المؤلم طوال حياته, فكانت الحركة الأمازيغية حاضنته ووفرت له دفئ عائلة كبيرة.
كان يحب أكادير حبا جنونيا ويتمنى أن يراها في مصاف المدن السياحية العالمية. ولعل اشتغاله في مجال التسيير الفندقي جعل منه ذاكرة السياحة في أكادير في مختلف مجالاتها والأنشطة المرافقة لها قبل وبعد الزلزال.
يكفي أن نذكر أن المرحوم كان من هواة رياضة سباق السيارات الذي كان ينظم بأكادير كما كان يحب رياضة المشي التي جعلته يحافظ على رشاقته إلى ٱخر أيام حياته. ولا يمكن الحديث عن المرحوم محمد أوفاري ذون الحديث عن فندق أفرني الذي ارتبط به اسمه من التصور إلى البناء ثم الإفتتاح وتسييره إلى أن قرر التقاعد.
لقد جعل المرحوم من هذا الفندق قبلة المثقفين والباحثين, مغاربة وأجانب, ومقصد المسؤولين الذين يزورون أكادير في مهام إدارية, كما نجح في ربطه بالعديد من المؤسسات على مستوى أكادير كالمجالس المنتخبة والجامعة. ومنذ الثمانينات من القرن الماضي خاصة بعد ميلاد جمعية الجامعة الصيفية أصبح هذا الفندق بفضل ما يقدمه المرحوم من إمتيازات طيلة ثلاثين سنة مقر إقامة المهتمين بالثقافة الأمازيغية وطنيا ودوليا, وما زال يحتفظ بهذه السمعة إلى اليوم.
لقد وجد فيه ضيوف الجمعيات الأمازيغية مقرا للإقامة وعقد الاجتماعات أهمها اجتماعات مكاتب الجمعيات ولقاءات الإستعداد للمشاركة في مسيرات فاتح ماي والتحضير للندوة الكبرى حول الأرض سنة 2001 ولقاء مع السفير الأمريكي وملتقيات التحضير لرأس السنة الأمازيغية, كما جعل منه المرحوم إلى جانب رفيقه في النضال محمد منيب مقر تنظيم الرحلة الجماعية للمشاركة في تأسيس الكونكريس العالمي الأمازيغي أواسط 1990.
جمعويا يعتبر محمد أوفاري الأب الروحي لمهرجان إسني وورغ للفيلم الأمازيغي ومدعمه في السراء والضراء, ماديا ومعنويا, كما كان المرحوم إلى آخر يوم في حياته عضوا في المجلس الإداري للجامعة الصيفية.
يتضح مما سبق أن المرحوم محمد أوفاري جعل من الصمت أسلوبا في النضال واستعمل رحمه الله علاقاته مع النخبة الإقتصادية والسياسية في سوس لدعم الحركة الجمعوية الأمازيغية, كما كان للمرحوم بعدا روحيا جعلته يتردد على
الزوايا و المدارس العتيقة ويدعمها دون أن تذري اليد اليسرى ما قدمته اليد اليمنى.
رحم الله محمد أوفاري وجعل أعماله الجليلة في ميزان حسناته.
التعليقات مغلقة.