هل المسألة الفلسطينية هي قضية وطنية فعلا؟

أزول بريس – تحرير المهدي مالك //

مقدمة متواضعة:
لقد انتصرت الدبلوماسية الملكية في اقناع الدول العظمى في هذا العالم بعدالة قضيتنا الوطنية الاولى الا و هي قضية الصحراء المغربية التي شكلت محاط اجماع وطني منذ استرجاع اقاليمنا الجنوبية بفضل المسيرة الخضراء المباركة بفضل عدد المشاركين و المشاركات من مختلف مكونات الشعب المغربي الثقافية و اللغوية و السياسية سنة 1975 .
و بفضل عبقرية الراحل الحسن الثاني حيث يجب ان نعترف بالجوانب الايجابية للملك الحسن الثاني رحمه الله لان كل الاشياء لها جوانب ايجابية او جوانب سلبية على حد السواء .
ان قضية الصحراء المغربية هي قضية شعب بشموليته و ليست قضية حصرية للمخزن او احزابه السياسية القائمة الان حيث ان مشكل الصحراء قد بدا باعتماد العروبة بمفهومها القديم او القومية العربية بمفهومها الجديد من طرف دولة الاستقلال بغية تعريب المجتمع المغربي و تقديم المغرب للعالم باعتباره دولة عربية يحكمها ملك يسمى بامير المؤمنين الذي يحيل الى تاريخ الاسلام السياسي سواء بالمشرق او بالمغرب على حد السواء اي ان المغرب يعتبر ذو النظام الملكي منذ قرون قبل الاسلام و بعده الى الان .
لكن قوى اليسار القومي ببلادنا في العقود الاولى من هذا الاستقلال الشكلي كانت تعارض المخزن بشموليته انذاك اي عقد الستينات و السبعينات و الثمانينات حيث كانت هذه المعارضة تنطلق وقتها من منطلقات اليسار القومي في ما يسمى بالوطن العربي من قبيل  نشر الديمقراطية و نشر العدالة الاجتماعية و عزل الدين عن المجتمع و نبد التقاليد الرجعية حسب نظرتها.
ثم  الدفاع عن القومية العربية كاطار جامع لكل العرب مهما اختلفت دياناتهم فان العرب ليسوا كلهم مسلمين من طبيعة الحال  فهناك مسيحين عرب  و يهود عرب الخ بمعنى ان اليسار القومي في المشرق العربي كان يمثل  بالنسبة لشعوب شمال افريقيا و الشرق الاوسط قمة الدفاع عن فلسطين كارض عربية احتلت من طرف اليهود ذوي النزعة الصهيونية سنة 1948 بدعم قوي من طرف الولايات المتحدة الامريكية بدون ادنى شك اي ان هذا اليسار العربي له الشرعية في الدفاع عن اراضيه المحتلة هناك في فلسطين او في مصر او في سوريا الخ.
لكن المغرب منذ سنة 1956 تبنى قضايا الصراع العربي الاسرائيلي رسميا بالرغم من انه بلد يقع جغرافيا في غرب شمال افريقيا و بالرغم من انه بلد قد احتضن عدد مهم من الطائفة اليهودية منذ قرون غابرة في القبائل الامازيغية .
او منذ نزوح الاندلسيين من الاندلس اثر سقوط اخر معاقل المسلمين سنة 1492 حيث ان هؤلاء الاندلسيين هم مسلمين و يهود و هذا للتاريخ فقط ..
غير ان المخزن في فجر الاستقلال قد اراد ان يظهر بمظهر البلد العربي الذي يتضامن مع اشقاءه الاعراب بالمال و بالعسكر و بالدبلوماسية علما ان قوى اليسار القومي كالاتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية و منظمة العمل الديمقراطي الشعبي الخ قد دعمت توجه المخزن الرامي الى جعل القصية الفلسطينية قضية وطنية بعد قضية الصحراء المغربية و احيانا قبلها لان القومية العربية بالنسبة للمغرب هي نزعة انفصالية انجبت لنا جبهة البوليساريو كحركة مقاومة للاحتلال الاسباني للصحراء المغربية سنة 1973 قبل ان تتحول الى حركة انفصالية بدعم مباشر من الجزائر الشقيقة سنة  1975 .
و لم يسجل لنا التاريخ المعاصر لبلادنا اي منذ سنة 1956 الى الان ان الامازيغيين قد خلقوا حركة انفصالية امازيغية في سوس الكبير او في الاطلس المتوسط او في الريف الكبير و الجنوب الشرقي بالرغم من مظاهر الاقصاء السياسي و التنموي  للامازيغية و الامازيغيين لان الامازيغيين يعتبرون المغرب بلادهم منذ اقدم الحقب التاريخية و يعتبرون ان الملكية هي ارث تاريخي مهم قبل الاسلام و بعده.
الى صلب الموضوع
لو كنا دولة مثل ايران لاعتبرنا ان القضية الفلسطينية قضية اسلامية بحكم وجود مسجد الاقصى المبارك الذي له مكانته في وجداننا الاسلامي دون شك لكن ان المخزن قد استغل القضية الفلسطينية منذ الاستقلال الشكلي لاقناعنا اننا شعب عربي منذ الازل و ان قضية فلسطين هي قضية وطنية مثل قضية الصحراء المغربية حيث ان كل الاحزاب السياسية المغربية تقول بهذه الفكرة الخطيرة.
قد يتساءل البعض لماذا وصفت اعتبار القضية الفلسطية قضية وطنية بالفكرة الخطيرة و الجواب هو لاننا شعب معظمه يعيش في ظروف اقل من ما يمكن القول انها خارج التاريخ حيث استحضر هنا برنامج مبعوث خاص للاستاذ الصديق عبد الله بوشطارت الذي كشف النقاب عن قضايا المغاربة الحقيقية من قبيل تنمية العالم القروي عبر انجاز الطرق و بناء المراكز الصحية للولادة على اقل و فتح المدارس  و انشاء المراكز للمعاقين في العالم القروي.
و على المستوى السياسي فان المغرب مازال العضو في جامعة الدول العربية اي رسميا ان المغرب هو دولة عربية بمعنى انه يمارس سياسة التعريب الهوياتي حيث ان هذه السياسة ساهمت في طمس امازيغية الصحراء المغربية كمعطى جوهري للغاية لتحطيم خرافة الشعب الصحراوي الذي يريد ان يقيم جمهورية عربية صحراوية على ارضنا الامازيغية اي هذه هي نتائج نصرة القومية  العربية طيلة 6 عقود من الحلم العربي و تهميش السياسة الامازيغية اي بمعنى اخر ان من الحرام و من الخطا الجسيم اعتبار ان قضية فلسطين قضية وطنية بامتياز رسميا و على صعيد الاحزاب السياسية بمختلف توجهاتها لان النظام الجزائري يعتبر المسالة الصحراوية و المسالة الفلسطينية هي شيء واحد في وسائل الاعلام هناك..
انني عبرت عن موقفي الشخصي تجاه القضية الفلسطينية في مقالاتي المنشورة في موقع اهل القران المتوقف عن العمل حاليا حيث اقول ان قضية فلسطين هي مسالة انسانية و مسالة اسلامية دون اية ارتباطات بايديولوجية حركات الاسلام السياسي  حيث اعتبر ان مدينة القدس عليها ان تكون عاصمة دولية للديانات السماوية الثلاث اي اليهودية و المسيحية و الاسلامية و انني مع حقوق الشعب الفلسطيني الكاملة في  اقامة دولته المستقلة الخ..
لكنني بالمقابل اعترف بوجود دولة اسرائيل كواقع على الارض حيث ان اليهود عاشوا مع اجدادنا الامازيغيين المسلمين قرون طويلة في سلام و وئام بشكل نسبي لان المطلق هو الله و النسبي هو سلوك البشر اي انني لو سمحت لي الفرصة لزيارة اسرائيل فلن ارفضها باعتباري اريد ان اصلي في مسجد الاقصى المبارك كما اريد ان احج بيت الله الحرام بمكة المكرمة قريبا باذن الله.
انني اعتبر الصهيونية ايديولوجية عنصرية مثل الوهابية و اخواتها و القومية العربية لا اقل و لا اكثر.
و هذا هو موقفي الشخصي من القضية الفلسطينية بكل التواضع و تماشيا مع مبادئ الحركة الامازيغية الكبرى مثل النسبية و حرية الراي و اعطاء الاسبقية لقضايا المغرب الحقيقية حيث اننا لا نتوفر على اراضي في الشرق نتفاوض من اجلها مع اسرائيل كما قال المرحوم احمد الدغرني بل نتوفر على مدينة سبتة و مدينة مليلة المحتلتان من طرف اسبانية المسيحية منذ قرون من الزمان .
و نتوفر على قضية عادلة الا و هي قضية الصحراء المغربية التي عرفت تطورات هامة بفضل الدبلوماسية الملكية حيث لعل اهمها هي اعتراف الولايات المتحدة الامريكية كقوة عظمى في العالم بسيادة المغرب الكاملة على صحراءه التاريخية و طبعا هذا له مقابل بلغة الاقتصاد و هذا المقابل هو اعادة العلاقات الدبلوماسية العلنية بين المغرب و اسرائيل بكل البساطة  …
لكن هذه التطورات المهمة قد كشفت لنا الوجه الحقيقي لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر تصريح صادم للسيدة حنان عشروي القيادية المعروفة في هذه المنظمة و اسمها ظلت اسمعه منذ طفولتي المبكرة في الدار البيضاء اي بدايات التسعينات عبر التلفزيون الرسمي اي التلفزة المغربية او القناة الثانية الخاصة انذاك اي حضور اسم حنان عشروي في ذاكرتي هو دليل اضافي ان القضية الفلسطينية كانت و مازالت تقدم للشعب المغربي باعتبارها قضية وطنية .
لقد قالت هذه القيادية الفلسطينية ان اعتراف الرئيس الامريكي  بسيادة المغرب على صحراءه هو انتهاك لقرارات منظمة الامم المتحدة التي تكفل للشعب الصحراوي الحق في تقرير مصيره ك ان المغرب هو قوة استعمارية في الصحراء الغربية كما سميتها يا سبحان الله حيث  ك ان المغرب لم يدعم القضية الفلسطينية قط عبر لجنة القدس و بيت مال القدس على حساب فقراء البوادي المغربية الحقيقيين .
تحرير المهدي مالك.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading