القضية الفلسطينية والاستثناء المغربي
أزول بريس – ذ. الحسن زهور //
اولا لم يتخل المغرب عن القضية الفلسطينية ولن يتخلى عنها لأن هذا من أس سياسته الخارجية، و من الأسس الأخلاقية للمغاربة في تضامنهم مع الشعوب المقهورة.
ثانيا، المغرب لم يوظف القضية الفلسطينية في صراعاته الخارجية كما وظفتها بعض الدول العربية ذات التوجه القومي والاشتراكي(سوريا، العراق، الجزائر سنة 1988 ضد المغرب). و لم تمتد يده لقتل الفلسطينيين كما فعلت سوريا في عهد حافظ الاسد( تل الزعتر)، و لم يطرد اي فلسطيني من ارضه كما فعلت ليبيا( بعد اتفاقية اوسلو), و لم تتبن فصيلا فلسطينيا لضرب فصيل الرئيس عرفات كما فعلت عراق صدام حسين( الجبهة الشعبية – القيادة العامة)….
نعم وظفت الدولة المغربية القضية الفلسطينية داخليا في صراعها مع اليسار المغربي القومي و الماركسي الذي سبق و وظف هذه القضية الانسانية و اتخذها وسيلة لاستمالة الجماهير لاستنساخ التجربة الناصرية في المغرب ، لكنه فشل، و لو نجح، لا قدر الله، لأصبح المغرب يعيش الآن ما تعيشه سوريا و العراق و اليمن حاليا.
ما يقوم به الان اتباع التيار اليساري القومي ومريدي التيارات الإسلامية الآن من تجييش العواطف هي نفس الاسلوب و ان إختلفت الاهداف حاليا، اسلوب المتاجرة بالقضية سياسيا او ايديولوجيا او دينيا او نفسيا التنفيس عما تبقى من العواطف التي غرسها الاوائل.
الاسلاميون يؤيدون حماس و امارتها بغزة، واليساريون يؤيدون فتح و حكمتها المدنية في الضفة الغربية، و هم مقسمون ايديولوجيا بين دولة فلسطينية اسلامية إخوانية في غزة وأخرى مدنية في رام الله.
ثانيا، المغرب دولة مستقلة و هو حر في علاقاته الدولية وفقا لمصالحه، بما لا يتنافى مع المبادئ الإنسانية و الأخلاقية التي جبل عليها و آثاره ما زالت باقية في القدس” باب المغاربة”, تفضح المتاجرين بالقضية.
ثالثا، الفلسطينيون انفسهم، يتخذون مواقف احيانا معادية للمغرب وفق مصالحهم: لن ننسى سنة 1988، في مؤتمرهم بالجزائر العاصمة شبهوا المغرب باسرائيل و البوليزاريو بالفلسطينيين بحضور زعيم البوليزاريو. و الى الآن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية المزعومة.
رابعا، الفلسطينيون انفسهم يعترفون باسرائيل، و تعمقت علاقاتهم الأمنية و الإدارية و الاقتصادية و الإستخباراتية بها …
الفلسطينيون انفسهم “غدروا” بالمرحوم الملك حسين و قاموا بالانقلاب عليه فطردهم من ارضه بقوة السلاح، “غدروا” بالكويت و ساندوا صدام في احتلاله لها، فطردتهم الكويت من ارضها بعد تحريرها. سوريا بشار الاسد طردت حماس الآن لغدرها به… الاستثناء هو المغرب، لم يطرد اي فلسطيني عندما غدروا به في مؤتمرهم بالجزائر سنة 1988، و عاشوا مكرمين في ارضه رغم هذه الطعنة الغادرة، عكس الجزائر التي طردت 45 الف مغربي و شتت الأسر المختلطة الجزائرية و المغربية.
الحل الديموقراطي للقضية الفلسطينية و التي نومن بها لتحقيق السلام في الشرق الاوسط ونكرره دوما، هو نفس الطرح السياسي لأصحاب القضية و منهم الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين بزعامة نايف حواتمة :
– إقامة دولتين، إسرائيلية و عاصمتها القدس الغربية، و فلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية. وفق القرارات الدولية.
– انهاء الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية، و نقل المستوطنات الإسرائيلية فيها الى داخل اسرائيل، او مبادلة الأراضي بين الدولتين.
– السماح بعودة اللاجئين او التعويض لهم.
لكن المعضلة الأساسية اليوم هي من سيوحد الفلسطينيين الموزعين الآن بين إمارة حماس في غزة، و حكومة فتح في رام الله.
نحن دوما ، كما رضعناه من ثقافتنا الامازيغية، مع القضايا الإنسانية بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللغة، فالقضية الفلسطينية قضية إنسانية نؤيدها كنبدإ أساسي، لكننا لا نتاجر بها، و هذا هو مكمن خلافنا مع المتاجرين بها إنتخابيا و سياسيا في بلدنا لتحقيق مصالح داخلية في وطننا المغربي، لأننا لا تنطلق من ايديولوجية ما ، ما تنطلق منه هو مصلحة وطننا اولا ثم مناصرة الشعوب المقهورة.
ذ. الحسن زهور
التعليقات مغلقة.