شعر : مَرْثِيَةُ الجَبَلِ الأَعْلَى

أزول بريس – شعر : مَرْثِيَةُ الجَبَلِ الأَعْلَى ..قصيدة حول العلاقة الجلدية بين المغرب و مغاربة العالم

عَانَقْتُ تُبْقَالَ
مُوَدِّعاً
فَوَدَّعَنِي الكِبْرِيَاءُ
وَ العُنْفُوَانُ

وَ بَكَيْتُ فِي حُضْنِهِ
وَ طَالَ بُكَائِي، فَسَأَلْتُهُ
هَلْ يَجْمَعُنَا بَعْدَ اليَوْمِ
مَوْعِدٌ وَ عُنْوَانُ

وَ أَيْنَ أَبْحَثُ عَنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ
بَعْدَكَ يَا مَغْرِبِي
وَ كَيْفَ يَهْنَا كَبِدٌ
تُلْهِبُهُ ذِكْرَيَاتٌ وَ أَزْمَانُ

رَحَلْنَا وَ قُلُوبُنَا
فِي حَنَاجِرِنَا حُزْنًا عَلَيْكَ
يَا حُضْنَ دِفْئٍ
نُغَادِرُهُ فَتُلَاحِقُنَا الأَشْجَانُ

وَ كَيْفَ نَحْيَا،
وَ نَمُوتُ غَرِيبَةٌ جَنَائِزُنَا
وَ بِأَيِّ لِسَانٍ
تَرْوِي تَارِيخَنَا الأَكْفَانُ

قَصَدْنَا قِبْلَةَ المَنْفَى
فَآوَتْنَا أُمَمٌ
الحَقُّ فِيهَا حُقُوقٌ
وَ الحَكَامَةُ تَدْبِيرٌ وَ عُمْرَانُ

وَ العَدْلُ سَيْفٌ
مَسْلُولٌ فَوْقَ ُرؤُوسِهِمْ
مُتَوَّجٌ، لَا تَعْلُو عَلَيْهِ
مَحْسُوبِيَّةٌ وَ أَعْيَانُ

حَتَّى إِذَا حَلَّتْ كُورُونَا
وَ تَفَشَّى الوَبَاء
تَبَرَّأَ الرِّبَاطُ مِنَّا
فَخَابَ الظَّنّ وَ ضَاعَ الرِّهَانُ

وَ انْحَلَّ حَبْلٌ
عَهْدِي بِهِ مَتِينًا يُؤَلِّفُنَا
رَمَوْهُ فِي مِحْرَقَةِ الخَلَاصِ
يُشَيِّعُهُ رَمَادٌ وَ دُخَّانُ

فَأَعْلِنِ الحِدَادَ
يَا شَتَاتًا طَالَهُ الهَوَانُ
وَ خَانَتْ عَهْدَهَا بِكَ جَهْرًا
سَاسَةٌ وَ أَوْطَانُ

تَنَكَّرَتْ لَكَ الحُكُومَاتُ
وَ الوِزَارَاتُ جَمِيعُهَا
وَ أَهْدَرَتْ حَقَّكَ غَصْبًا
سُلْطَةٌ وَ أَعْوَانُ

يُسْتَهَانُ بِنَا
فِي كُلِّ شَأنٍ وَ كُلِّ إِدَارَةٍ
وَ نُحْشَرُ فِي الهَوَامِشِ
دَرْبُنَا ذُلٌّ وَ خِذْلَانُ

عَطَّلُوا خِطَابَ نُوَنْبَر
وَ أَلْغَوْا وُعُودَهُ
وَ دَاسُوا دُسْتُورًا
فِي كُلِّ انْتِخَابٍ يُهَانُ

يَا بَقَرَةً حَلُوبًا
وَفَّتْ كَمَا يَكُونُ الوَفَاءُ
وَ اليَوْمَ حَظُّكِ غِلّ
نَصِيبُكِ صَدٌّ وَ نُكْرَانُ

رَفَعْنَا رَايَةَ المَغْرِبِ
أَيْنَمَا حَطَّتْ مَطَالِبُهُ
فَأَقْصَانَا الرِّبَاطُ مِنْ مَجَالِسِهِ
وَ انْسَدَّ البَرْلَمَانُ

تَكَالَبَتْ عَلَيْنَا الخُصُومُ
بَيْنَ أَهْلِ إِفْكٍ
وَ شُهَدَاءِ زُورٍ
لَهُمْ فِي كُلِّ صَفْحَةٍ وَ قَنَاةٍ بَيَانُ

صُحُفُ البَقْشِيشِ
أَسْقَطَتْنَا مِنْ عَنَاوِينِهَا
مُرْتَزِقَةٌ أَقْلَامُهَا
سَيَكْشِفُ عَوْرَتَهَا الزَّمَانُ

أَحْزَابُنَا تَمَخْزَنَتْ دَكَاكِينُهَا
فَغَيَّبَتْنَا
فَلَا الأَحْزَابُ أَحْزَابٌ
وَ لَا الأَلْوَانُ أَلْوَانُ

وَ لَا المُشَارَكَةُ
وَ المُوَاطَنَةُ وَارِدَتَانِ
وَ التَّدْرِيجُ بِالوَكَالَةِ
غَايُهُ إِقْصَاءٌ وَ حِرْمَانُ

تُبْقَالُ، تُبْقَالُ
أَمِيرُ الجِبَالِ وَ تَاجُهَا،
هَلْ تَسْمَعُنِي
مَتَى انْحَلَّتِ العُرَى
و كَيْفَ انْفَسَخَ القِرَانُ

وَ هَلْ جَارَيْتَ نُخْبَةَ الرِّبَاطِ
فِي غَيِّهَا
وَ هَلْ لَمْ يَبْقَ بِبِلَادِي لِلْحَقِّ
ضَمِيرٌ وَ لِسَانُ

نَعَمْ تَاجَرَ القَوْمُ
بِأَمْجَادِ نِضَالِهِمْ
صَلَبُوا مَسِيحَهُمْ
فَتَعَدَّدَتِ الصُّلْبَانُ

إِلَى مَزْبَلَةِ التَّارِيخِ
مَوْكِبُهُمْ مُنْصَرِفٌ،
عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ صَفْحَةٍ
حُجَّةٌ وَ بُرْهَانُ

يَا وَطَنًا عَزِيزًا
مُذْ تَرَكْنَاهُ لَمْ تَهْدَأ لَهُ جَوَاِنحُنَا
فَحَفِظْنَا عَهْدَهُ
كَمَا حَفِظَتْ صَلِيبَهَا الرُّهْبَانُ

حَسِبْنَا الرِّبَاطَ رَوَابِطاً
ثَابِتٌ أَصْلُهَا
مَوَاسِمُهُ حَجٌّ
زِيَارَتُهُ طُهْرٌ وَ غُفْرَانُ

سَيَرْوِي التَّارِيخُ
فُصُولَ جَفْوَتِنَا
كَيْفَ اجْتُثَّتْ أَوَاصِرٌ
وَ انْهَدَّتْ ثَوَابِتٌ وَ هَوَتْ أَرْكَانُ

صُغْتُ شِعْراً
مَرَارَةَ ظُلْمٍ اِشْتَدَّ بَأْسُهُ
حَتَّى صَرَخَ تُبْقَالُ فِينَا
كَفَى لَقَدْ آنَ الأَوَانُ

فَيَا مَسَاجِدَ الغُرَبَاءِ
مَتَى تُعْلِنِي مُؤَذِّنَةً
أَنَّ أَمْنَهُمْ الرُّوحِي
شِعَارُ دِعَايَةٍ وَ إِعْلَانُ

وَ يَا شَبِيبَةَ الشَّتَاتِ
مَتَى تَنْهَضِي وَاعِيَةً
أَنَّ عِنَايَةَ الرِّبَاطِ بِنَا
زُورٌ وَ بُهْتَانُ

سَيَأْتِي مَوْسِمٌ
لَنْ يَجْمَعَنَا بِالرِّبَاطِ حَبْلٌ بَعْدَهُ
يَوْمَ تَسْقُطُ أَصْنَامُهُمْ
وَ تَنْتَحِرُ الأَوْثاَنُ

شعر عبدالعزيز سارت – لوفان، 26 نونبر2020

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد