أزول بريس – عمر حلي * //
نسير في كثير من الأحيان، بحكم الاختلاف والرغبة في المراقبة، في اتجاه النقد الدائم الموجه لمسيري الجماعات الترابية، وتتبع كبواتهم، بدل تتبع الإنجازات أو تعثرها. مع العلم أننا نعلم ان وتيرة الإنجازات هي التي بها تقاس باقي التفاصيل. فالمراقبة جيدة جودة الممارسة الديموقراطية التي تقتضي التتبع والمشاركة النقدية واليقظة المجتمعية. غير اننا ننسى، الحديث عن مشاريع المجال الترابي الذي ننتمي إليه، وننساق في كثير من الأحيان وراء تتبع الجزئيات التي تحجب عنا مآلات المشاريع التي تواعدنا عليها او أُخبِرنا بها في الطريق.
وإذا كانت القضايا اليومية (والأسبوعية) لا تخلو من أهمية، فإن الأهم كذلك تلك المقارنة بين الوعود والمنجز، أي بين الانتخابات والشعارات وبين المشاريع التي أنجزت على ارض الواقع بين الاستحقاقات.
وإذا كانت الرقابة السياسية والمجتمعية تقتضي التعليق عمّا يجري، فإن الرؤية الاستراتيجية تتطلب الوقوف على ما تعثر وما تم نسيانه أو وضعه جانبا إلى حين.
الكل يتابع اليوم توقيع اتفاقيات هنا وهناك، ولكن لا نعير اهتماما لفحواها وإن كانت بادية للعيان؛ إذ يأخذ الناس بالتعليقات أكثر مما تغويهم التحليلات. وهو أمر طبيعي لأن المواطن حسيب وليس محتسبا. وغالبا ما تنصبُّ الانتقادات على الأشخاص، لأنهم هم الذين وعدوا وأخلفوا الوعد.
وفي الأحوال كلِّها هناك بين الناس الفاعل السياسي والمدني والإعلامي الذي من أدواره التذكير بالمشاريع التي تبخرت أو بالوعود التي ظلت معلقة.
ويجب التذكير، في هذا السياق كذلك، بآفة المشاريع “البايتة” التي يتم تسخينها والتسويق لها بين الفينة والأخرى تسويقا يقوم على استبلاد الساكنة هنا وهناك باستخدام منطق الأرنب والجزرة. وقاعدة هذا المنطق هي التسويق للمشاريع المستعادة والأوهام المتجددة التي تفترض النسيان وقصر النظر. فالكثيرون منا يسمع بمشروع، بل ويصدّقه، ثم تمر السنون فلا ينجز، ليأتي فاتح جديد يبشر به من جديد بصوره وتفاصيله، دون خجل ولا وجل من يقظة الناس.
وفي الاحوال كلِّها، يجب دحض هذه الانفصامات التي لا تراعي يقظة المجتمع ومنسوب الوعي لديه، يجب العودة إلى تلك المشاريع ومساءلة المسبب في تأخرها، لأن زمن التنمية لا يرحم. وإذ ذاك سنكون أمام مسؤوليات حقيقية وقياس للنمو ومحاسبة يقظة وليس امام أشخاص فقدوا قيمتهم الرمزية لأنهم لم يلتزموا بالوعد.
التعليقات مغلقة.