ليبيا .. النضال الإثني والنضال الحزبي
محمد شنيب – طرابلس يوليو 2020 //
سبب طرح هذا العنوان أساسه هو أنه في الآونة الأخيرة كثرت تنظيمات إثنية تسمي نفسها “أحزاب” ،تتولى هذه التنظيمات النضال من أجل تحقيق الحصول للإثنيات المقهورة على حقوقها. في إيطار وطنها الجامع لإثنيات مختلفة ؛ فما هي طبيعة هذه الأحزاب وهل تلتقي مع التعريف المعروف عن الأحزاب ذات الطبيعة النضالية المصلحية ألتي تلتقي تحت رايتها طبقة إجتماعية كالأحزاب العمالية والإشتراكية ونقيضها الأحزاب البرجوازية الرأسمالية التي تمثل مصالح الطبقات المنتمية إليها.
لابد لنا من معرفة أن النضال من أجل الحصول على الحقوق الإثنية هو نضال وطني كالنضال من أجل الإستقلال ويسير على هذا الخط. النضالي حتى يتم تحقيق وتطبيق الدستور الذي يعترف بالوجود الإثني العرقي لإثنية ما.
فالوجودالأمازيغي في أوطانهم المختلفة في شمال أفريقيا أو ما يعرف بأرض تامزغاء هو نضال وطني يتمشى مع متطلبات ميثاق “United Nations الأوطان المتحدة”1 المعترف بحقوق الشعوب الأصلية والمختلفة في الوطن الواحد.أما النضال الحزبي والإنتماء للأحزاب السياسية فهو نضال مصلحي وبالذات طبقي وهو أيضآ يدور في إيطار الوطن الواحد(2) لتحقيق مصالح طبقية معينة لطبقة دون أخرى. وحسب التعريف الماركسي فالطبقة تجمع أناس ذوي حرفة واحدة تلتقي مصالحها الإقتصادية والمعيشية في صراع طبقي ضد طبقات أخرى وبالذات تلك التي تستغلها وتستفيد من إنتاجها أي الطبقة البرجوازية الرأسمالية.
الإثنيات المقهورة في أوطانها والمحرومة من من حقوقها التاريخية والثقافية التي تضمنها لها المواطنة في الوطن الحديث وذلك من إعتراف بحقوقها الثقافية والتي من المفروض أن يضمنها لها الدستور أو العقد الإجتماعي عليها أن تناضل في الحصول على دستور يحقق لها مكتسباتها الوطنية ويتصف هذا النضال بالآنية والمرحلية حيث ينتهي هذا النضال ليفسح المجال للنضال المصلحي ذو الصبغة الطبقية والمصلحية.ويحدث هذا في وطن القهر ولا إضطهاد إثني أو عرقي.
الوطن هوخليط إجتماعي من مكونات إثنية إجتماعاتية مختلفة تلتقي جميعآ في الإيطار والإنتماء إلى الوطني الواحد ولكن في ذات الوقت يكون لها الحق كل الحق في تطوير ثقافتها من جميع النواحي وا لمتمثلة في اإعتراف بتحقيق المتطلبات الثقافية في اللغة والفن والعادات والتقاليد وإحياء والإعتراف بتاريخها، وفي ذات الوقت يتكون الوطن من تركيبات طبقية ذات مصالح إقتصادية مختلفة وفي نفس الوقت تتوزع هذه الطبقات بين التركيبات الإجتماعية الإثنية.
هنا يتواجد الإنتماء والهوية الإثنية وما يتطلبه النضال من أجل إتبات والإعتراف بالهوية الإثنية من ناحية الإجتماعية والوطنية والنضال الطبقي المصلحي من الناحية الإقتصادية.هذه الحالة المزدوجة التي فرضتها الظروف التاريخية بالذات على الأمازيغ في منطقة شمالنا الأفريقية ،وبالذات بعد مجيئ العرب من الجزيرة العربية، نتيجة للفسيفسائها الإثنية المتواجدة بها.
فالإثنية يكون بها المجموعات المنتميه حرفيآ إلى “حرفية طبقية” كطبقة العمال والتي بالرغم من إلتقائها الإثني العرقي مع أبناء مجموعاتها الإثنية من طبقات أخرى (و يكون لقاء آني ومرحلي) إلا أن المصالح الطبقية التي ستجمع الطبقة العاملة ستوحد عمال الطبقة العاملة من مختلف الإنتمآت العرقية والإثنية تحت راية النضال الطبقي ضد الطبقات آلتي تتعارض مصالحها الإقتصادية وتكون في موقع المواجهة مع طبقة العمال.
فأي مجموعة إثنية تكون مكونة من مجموعات حرفية مختلفة الإنتماء الحرفي ومن تم إختلاف الإنتماء المصلحي بالمعنى الطبقي؛ حيث سيكون بها العامل (بما في ذلك العمال الفنيين) والفلاح والمهندس والطبيب والمحاسب والإداري وغيرهم من الحرفيين الآخرين، ولكن أكثر من هذا سيكون هناك أصحاب العمل،ومن هنا ستتفاوت المصالح فيما بينهم جميعآ من الناحية الإقتصادية بالرغم من إنتمائهم من الناحية العرقية إلى مجموعة عرقية وإثنية واحدة لها إنتماء تاريخي وثقافي وأيضآ جغرافي وقد يكون إجتماعي واحد، لكن مطالبها المصلحية والناتجة من إنتمائها الحرفي والطبقي يختلف من مجموعة حرفية طبقية إلى مجموعة أخرى، فمصالح العمال تختلف عن تلك المصالح لإصحاب العمل، ومن تم مطالبهم ومصالحهم السياسية تكون متباينة في معظم الحالات.يحدث هذا في وطن يتبنى الحداثة ويطبقها ويعرف كل مواطن موقعه وحقوقه وما عليه من واجبات وهذا ما يسبب وقوع الصراع الطبقي الذي ينجم عن عدم لقاء المصالح الإقتصادية والمعيشية بل يؤدي إلى تنافرهما ومن تم تصادمها.
فالأحزاب كظاهرة ظهرت لتقود مصالح طبقية ولم يكن لها دور تاريخي في قيادة نضال إثني أو عرقي. ولكن النضال الإثني يتسم بالطبيعة الجبهوية أي بمعنى جبهة نضال تضم الإتجاهات السياسية المختلفة ويكون إلتقائها الجبهوي ذو طابع مرحلي وآني..وهذا واضح مثلافي تجربة أمازيغ الجزائر وموقفهم الوطني أثناء حرب التحرير الجزائرية وبالذات دور أمازيغ الجزائر الواض فيما قام به المناضل الأمازيغي الجزائري حسين آية أحمد في جبهة التحرير الجزائرية التي قادة حرب التحرير الجزائرية وبعد حصول الجزائر على الإستقلال وسيطرة القومجيون العرب على قيادة جبهة التحرير الجزائرية بزعامة أحمد بن بله الذي كان ينادي بأن الجزائر عربية متنكرآ لحقوق الأ مازيغ بها ،قام حسين آية أحمد بالإستقالة من جبهة التحرير الجزائرية وكون حزب القوى الإشتراكية، هذا الحزب الذي لم يكن حزبآ إثنيآ ذو طابع عرقي بل كان حزبآ مبنيآ على أسس الحداثة والعلمانية أي أنه كان ينادي بالإعتراف بالحقوق الوطنية للأمازيغ في الجزائر ولكنه أيضآ كان متبنيآ طابع النضال السياسي الإشتراكي في الوطن الجزائري.
فعلى الأمازيغ في أوطانهم في شمال أفريقيا النضال أولا من أجل الإعتراف بهم وبلغتهم وبثقافتهم وتاريخهم في دساتير هم الوطنية كما هو الحال في المملكة المغربية وجمهورية الجزائر، والإعتراف بهم المقصود منه الإعتراف بأن الأمازيغ هم المكون الأصلي تاريخيآ للشعب في كل وطن من أوطان شمال أفريقيا.هذه الشعوب التي تقبلت الثقافات القديمة الواردة الواردة إليها من فينيقية وإغريقية وورومانية ڤاندلية وبيزنطية وعربية إسلامية وتركية عثمانية؛هذه الثقافات التي عاشت معها وتداخلت في تكوين ثقافاتها قبل مجيئ الإستعمار الأوروپي الحديث الذي إتسم بالطابع الإمپريالي.
أما بالنسبة للأحزاب والنضال الحزبي فعلينا أن نعترف بأن النضال الحزبي لابد من أن يكون نضالآ سياسيآ لا يقتصر على المجموعات ذات الصِّلة الإثنية ولا يمكن أن يكون الحزب قائما بالنضال الإثني أو العرقي. فالحزب يضم العناصر التي تلتقي في نضال سياسي مصلحي حسبما يتطلبه النضال الطبقي لطبقة..ولابد من تحديد المصالح الطبقية حتى يتم تحديد متطلبات وكيفية النضال لتحقيق أهذاف الحزب(3)
ظاهرة تكون الأحزاب ظهرت للوجود في الصراع والنضال الطبقي على الصعيد السياسي للطبقات المختلفة في المجتمع التي تربطها مصالح سياسية وإقتصادية وحتى إجتماعية أحيانآ وذلك تحت مظلة الوطن الواحد الحديث في جو الديمقراطية التي تنادي بحرية الرأي والإختلاف والإنتماء السياسي؛ وعلى هذا الأساس وجدت هذه الأحزاب بتركيبة طبقية واحدة التي لاتمت بأي صلة لتركيبة العرقية أو الإثنية.
وظهرت الإتجاهات اليمينية واليسارية المختلفة لتعطي أكثر دقة في تعريف معنى الحزب النسبي (حيث أنه من المعروف أن تكون هناك إختلافات مابين الأحزاب اليمينية وكذلك إختلافات ما بين الأحزاب اليسارية)==== وبالرغم من أنها تأتي كلها تحت راية اليمين يكون الخلاف بينها كثيرآ في عدة تفسيرات سياسية بالرغم من أنها تلتقي وبشكل عام في تصوراتها للمعالجات والأطروحات الإقتصادية وهذا ما أَذًى إلى ظهور اليمين المتطرف (ذات التيار الفاشي كالحزب الفاشيستي في إيطالي والحزب النازي في ألمانيا في عشرينات القرن الفارط) والذان فرضا على العالم الحرب العالمية الثانية،وبالرغم وهذا فكانت الأحزاب اليمينية الحاكمة في أوروپا كحزب المحافظين في بريطانيا والحزبن الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة الدخول في تحالف وقتي لهزيمة النازية والفاشية وذلك مع الحزب الشيوعي السوڤياتي وذلك بع دخول الإتحاد السوڤياتي بقيادة الحزب الشيوعي السوڤياتي في مقاومة للغزو النازي (4)
الأحزاب لايمكن أن تكون ذات طابع أو إثني ولا يمكنها أن تتولى قيادة نضال للحصول على مستحقات ومطالب إثنية عرقية الطابع. فالنضال الإثني العرقي هو نضال وطني إجتماعي يناضل من أجل الحصول على مطالب وطنية لمكوّن حرم من ممارستها بشرعية دستورية.وقد يكون هذاالموكون الإجتماعيهو أغلبية المواطنين الذين تكون حقوقهم مضطهدة ومهدورة ولا يحق لهم دستوريآ ممارستها في إيطارها الثقافي ، بينما الأحزاب يكون نضالها مصلحي إقتصادي وكثيرآ ما يكون ذو خصوصية طبقية وهذا ما تمثله الأحزاب اليسارية. فالأحزاب العمالية كالأحزاب الشيوعية والإشتراكية تهذف بالدرجة الأولى لقيادة النضال السياسي الذي يخدم الطبقة العمالية ضد إستغلال الرأسمالية المستغلة وبكل أشكالها فالطبقات العمالية هي ذات طابع حرفي وليس إثني. ويشكل نضالها من خلال أحزابها العمالية (الشيوعية والإشتراكية) نضال من أجل الحصول على حقوقها وحتى الوصول إلى السلطة التي تقيم “الدكتاتورية الپروليتارية” (5).بينما في مقابلها تكون هناك الأحزاب اليمينية التي تقود البرجوازية والرأسمالية للحفاظ على مصالحها ونظامها.
هوامش :
1-إنني أرى أن ترجمة “United Nations” إلى اللغة العربية يجب أن تكون “الأوطان المتحدة” وليس “الأمم المتحدة” فكلمة “Nation” هي وطن وليس “أمة” فلا توجد ترجمة لكلمة أمة في اللغات المتعامل بها اليوم.
2-المقصود بالوطن هو الوطن الحداثي الذي يعترف بكل حقوق مواطنيه المختلفة التي تنادي بها الديمقراطية الحداثية.
3-هنا يكون دور الحزب نضال من أجل تحقيق مصالح طبقية معينة ولا تمت لتحقيق مطالب مطالب ذات طابع إثني وعرقي.
4-هذا اللقاء السوڤيتي والبريطاني والولايات المتحدي كان لقاء ليس هذفه التحالف بينهم بل هذفه الأساسي هو حرب العدو المشترك الذي كان يهدد العالم أي خطر النازية والفاشية التي كانت تريد فرض سيطرتها التامة على العالم ،هذا من ناحية وكان الهذف الآخر أن كل منهما هذف للحصول على مواقع جغرافية إستراتيجية يمكنه الإستفاده منها بعد نهاية الحرب.
5-هذا ما كانت تنادي بها النظرية الماركسية اللينينية في كتابات الفيلسوفان” كارل ماركس وفريدريك إنغلز’ وكذلك قائد الثورة البلشفية “ڤلاديمير لينين” والذي كان قائدآ للحزب الشيوعي في جمهوريات الإتحاد السوڤياتي.
التعليقات مغلقة.