يوجد في القلب ما لا يوجد في العقل

عمر حلي -غيلاد خاطرة شارد-//

يميل الكثير منا إلى التنابز. ويعلم الكثير منا أن التنابز، سياسيا كان أم اجتماعيا، لا يفي بأي غرض، وإنما يوهم بذلك. ولذلك يقيم البعض منا الدنيا ولا يقعدها، لأنه يتوهم أن السبيل الوحيد لإثبات الذات يمر عبر دحض الآخر. وبذلك يعتبر ذلك البعض أن جحيم الآخرين يكفيه لرسم صورة مثلى عن ذاته. ولَعُمري من ركب السراب سوف يصطدم بحقيقة الطريق التي ليست دائما مُعبدة.

يوما ما قال لي صديق، “ما تْضيّعش البارود فْ مُوكا” [لا تضع البارود من أجل اصطياد البوم]. غير أنني اكتشف أن دار البارود تتلاشى اليوم كلها من أجل الطائر المشؤوم. ولذلك تراودني دائما فِكَرٌ تكاد تكون طوباوية. فكرة العمل باعتباره قيمة متعالية؛ وفكرة المرايا التي لو وقف كلٌّ منا أمامها لانقشعَ وجهُ القناع؛ وفكرة أن الكل يعرف الصدق ودرجاته، وإن كان ينآى بنفسه عنه؛ وفكرة أن من يزبد ويرغد ليس دائما على صواب؛ وفكرة أن من يؤذي الناس يلقى أسوأ المصائر؛ ثم فكرة التراكم الذي يُلخصه التعبير الأمازيغي “إميك سيميك”.

هكذا هو الأمر، مبادئ عامة، قد تبدو فضفاضة، ولكنّ خَلاصَها له من الوقع في النفوس ما للصُّلح والاعتذار من وقعٍ على المتنابزين.
أما بعدُ، فليس باب التشبث بالعمل ضعفا، وليست الأخلاق الراقية خوفا، وليس احترام الآخرين ارتخاءً؛ وإنما هي ترددٌ قائم على احترام الذات أولاً واحترام السياقات وباقي المُتلقين.
وفي الأخير اختم بقول أبي فراس:
وقال أُصيحابي الفرارُ أوِ الرّدى
قلت هما أمران أحلاهما مُرُّ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد