يوميات الوباء – الجزء 1:  “موحماد مول ..” محارب بدرع صدئ في زمن أغبر رديء .

أما هذا “اللقب والاسم تجاري” فيعتز به ويفتخر ولا يبدي أي تحفظ في المناداة به عليه ، ربما لأنه جزء من العناصر المعنوية لأصله التجاري، لقب اكتسبه مع مرور الزمن لاعتبارات مهنية وتاريخية و شعبوية صرفة .
“موحماد مول الحانوت ” هذا هو حارس أسرار الحي والعلبة السوداء لكل ما يروج في حميمية العائلات البسيطة من زبناءه ، يحافظ على الأسرار وله مهارات خاصة لمراوغة الفضوليين وأحيانا حتى المخبرين المستنجدين به في الأبحاث حول أحد زبنائه .
يتمتع بحس ديبلوماسي خاص لقنته إياه أخلاق الأسرة المحافظة والقرية ومعلميه ممن لقنوه حرفة البقالة .
بين دفتي كناشه الصغير المهترئ من فرط الاستعمال أسماء الزبناء المستفيدين من تسهيلات التموين يدونها بحروف أشبه برموز هيروغليفية لا يستطيع فك شفرتها سواه ، وحدها الأرقام هي القابلة للقراءة .

هو مسير مقاولة ذاتية صغيرة برأسمال أقصاه 40.000 درهم أو أقل يسميها منظرو الاقتصاد تجارة القرب يمنح تسهيلات في التزود بالتموين للزبناء من الفئات الهشة والمتوسطة .

ذاكرة هاتفه تحمل جل أرقام هواتف الزبناء وحتى الزبونات المتزوجات منهن والعازبات وحتى بائعات الهوى .وذلك راجع لكونه ينقذ المواقف بتعبئات مرسلة أو طلبيات مواد يتكلف مساعده بتوريدها الى المنازل .

مقاولة بمسير واحد ومساعد عادة ما يكون شابا في فترة التدريب يتلقن أصول الحرفة وأعرافها .

علاقة موحماد مول الحانوت بالزبناء من ساكنة الحي علاقة عجيبة تختلف من شخص لآخر . ذكورا وإناثا شيبا وشبابا متزوجون وعزاب حرفيون ومهنيون وتجار وعاطلون ….
كل الصباحات عنده متشابهة ، يعرف حاجة كل زبون . حليب وخبز وزبدة…… ،يعرف أذواق الأطفال في المثلجات والحلويات .

قد يحدث أن يستمتع موحماد بصحن كسكس كل يوم جمعة من جارة مسنة هجرها الأبناء للخارج ويعايدها الاصهار كل جمعة فترأف لحال موحماد ، أو تعتبرها صدقة جارية في حق أقاربها الراحلين .
وحكاية الكسكس هذه عجيبة فقد أسر لي ذات يوم ونحن …………

يتبع …….
العداوي الحنفي 28/07/2020