حوض سوس: بين إشكالية ندرة الموارد المائية وتزايد مستعمليها

بقلم عبد اللطيف البكوري*//

لتحميل المقال من هنا :

حوض سوس بين إشكالية ندرة الموارد المائية وتزايد مستعمليها

تقديم

يعتبر الماء عنصرا أساسيا، له دور حاسم في استمرار الحياة البشرية والحيوانية والنباتية، فبدونه تستحيل الحياة، كما أنه يعتبر الركيزة الرئيسية للاستقرار البشري على الأرض. وله قدرة عالية على هيكلة المجال وتشكيل المجتمع، إلى درجة أصبح يمثل أحد الأدوات الفعالة، في عمليات إعداد المجال، وفي كل محاولات التنمية الرامية إلى تحقيق استقرار المجتمع وتوازنه، وتعرف المشاهد الجغرافية، والبنيات الاجتماعية والاقتصادية.

إن المياه تشكل دائما ثروة طبيعية، وعنصر جذب للسكان، وفي حالة ندرتها نجدها تفرض على الإنسان اختيار نوع أنشطته ونمط عيشه، وتوجه أيضا نظامه الاجتماعي، لذلك فليس غريبا أن نجد أعرق الحضارات البشرية وأكثرها تطورا، نشأت ونمت حول الأنهار الكبرى، وبالمناطق الجافة وشبه الجافة بشكل عام، وبالطبع لا يجب أن نفهم من هذا أن هناك “حتمية مائية”. لأن الإنسان بما تراكم لديه من معرفة استطاع أن يخلق تقنيات وأساليب، بل وتنظيمات اجتماعية واقتصادية، أهلته للتدخل في الأوساط المائية وطبعها بتغيرات يختلف عمقها واتساعها من مجتمع إلى آخر.

إن ندرة المياه قضية، تطرح عدة هواجس، خاصة للدول التي تعرف وضعا مائيا صعبا. كما أصبحت حقيقة لا تحتمل الإغفال، وأصبح المجتمع الدولي أكثر وعيا بقلة هذه المادة الحيوية في بعض المناطق، والواقع الحالي يؤكد مدى الأهمية التي أصبحت تكتسيها الأنهار، التي تخترق أكثر من دولة، مثل نهر النيل والفرات و الأردن و السينغال .

إن البحث عن مصادر جديدة للمياه، مسألة استراتيجية لبعض الدول، والاتجاهات الحالية تشير إلى أن العالم يقترب من أزمة مياه في كثير من مناطق العالم.

وإذا ما تحدثنا عن وضعية الموارد المائية ببلدنا المغرب، نجدها تعرف تفاوتا من مجال إلى آخر. حيث استطاع المغرب أن يعبئ حوالي 70%[1] من الموارد المائية، وتخزين ما يناهز 16 مليار م3، و بإمكانه أن يعبئ مياها أخرى كالمياه العادمة، التي يبلغ حجمها 500 مليون م3، ويعبئ منها في الوقت الحاضر بعد تصفيتها حوالي 5%[2].

إن سياسة السدود التي بدأت  منذ سنة 1967، مكنت المغرب من اجتياز الخمسين سنة الماضية دونما أزمات مائية كبرى، بالرغم من تضاعف الحاجة إلى المياه ثلاث مرات، وتردد فترات الجفاف، واستمرارها لمدد أطول وبحدة أشد، هذه السياسة لوحدها غير كافية للمحافظة والاقتصاد على الموارد المائية، بل يجب على كل مستعمل للمياه أيا كان قطاعه، أن يعي بضرورة عقلنة استعمال هذه المادة الحيوية،  والمحافظة عليها من التبذير و الضياع.

وإذا ما تحدثنا عن حوض سوس، فهو يقع ضمن المناطق الجنوبية شبه الجافة، تبلغ مساحته 16000 كلم2، تتداخل عنده معالم المغرب المتوسطي وخصائص المغرب الصحراوي، وتتكامل عنده الموارد المائية الجوفية والسطحية، حيث بلغت وارداته المائية السنوية المتوسطة 394 م م3 سنة 2003، حسب دراسة تحيين المخطط التوجيهي المندمج لإعداد الموارد المائية.

إن حوض سوس بحكم موقعه الجنوبي بين خطي عرض 30 و31 درجة شمالا، وانحصاره بين الأطسين الكبير والصغير وكتلة سيروة التي تجمع بينهما، وانفتاحه على المحيط الأطلنتي، يجعلانه في وضع مواجه للاضطرابات الجوية الجنوبية الغربية التي يتلقاها التراب المغربي، وفي الوقت نفسه في وضع محمي نسبيا من الكتل الهوائية الشرقية الجافة التي ترفع من درجة الحرارة وتزيد من حدة التبخر.

إن هذا الغنى المائي النسبي، شكل عنصر جذب واستقرار بشري منذ القديم، واستطاع الإنسان السوسي بهذا المجال، على غرار باقي المجتمعات المتوسطية، أن يبني حوله نظام استعمال محكم، يسخر لاستغلال الموارد الجوفية والسطحية، هذا النظام لا تزال معالمه قائمة إلى اليوم في شكل تجهيزات، ونظم تضبط توزيع المياه بين الأفراد والجماعات.

استطاع حوض سوس، أن يشكل إحدى المناطق المغربية المشهورة بغنى وازدهار زراعي وتجاري، بلغ هذا الغنى أوجه على عهد الدولة السعدية، التي تمكنت بفضل إعداد مائي جديد من إدخال زراعة قصب السكر وتصنيعه، ومع دخول الاستعمار، عرف نظام استعمال المياه انقلابا عميقا بدأت صوره تتجلى مع بداية الثلاثينيات عندما تكلفت أولى البعثات الاستكشافية الفرنسية بالتعرف على الإمكانيات المائية بالمنطقة، وخاصة أن سهل سوس يتوفر على فرشة مائية حرة وغزيرة قابلة للاستغلال عن طريق الضخ وكذا توفر ظروف مناخية وترابية ملائمة.

مع حصول المغرب على الاستقلال لم يتوقف مسلسل توسع القطاع السقوي بسبب تدخل الرأسمال الحضري الوطني محل الرأسمال الأجنبي، فعمقت الآبار القائمة وحفرت أخرى جديدة، إلى أن أصبحت الحمضيات عند منتصف السبعينات تحتل موقعا رياديا على الصعيد الوطني. ولا يمكن أن يتمخض عن مثل هذا التطور إلا زيادة في تفاقم الحصيلة المائية السلبية التي بلغت سنة 1973 حوالي 85 م م3.

وأمام هذه الوضعية الصعبة، تم اختيار تقنية السدود الكبرى بتدخل من الدولة، لحل مشاكل المياه الجوفية، والاستجابة للطلب المتزايد على الماء الشروب من طرف السكان، وتزويد الفلاحة بمياه السقي لتوفير الحاجات الغذائية، وتشجيع ” الزراعة المضاربة ” ( محمد بوشلخة،2007) الموجهة للتصدير، في اطار الرؤية التي تهم تطوير المجال الفلاحي والتحديث الزراعي، وعلى الخصوص الفلاحة المسقية. وذلك لبلوغ سقي المليون هكتار مع نهاية القرن الماضي، ولإنقاذ حيز هام من قطاع الحمضيات حول أولاد تايمة من الضياع، وإعداد مساحات سقوية جديدة، وكذلك إعادة تأهيل جزء هام من القطاع السقوي التقليدي.

  1. حوض سوس: طلب متزايد على الموارد المائية

بالرغم من موقع سوس داخل النطاقات الجافة وشبه الجافة فإن المنطقة تتميز بخصائص طبيعية جعلت منه وسطا ينفرد بغناه وبكثافة الجماعات البشرية. وبسبب توسع المدن وتعدد وظائفها لقد أصبح لها متطلبات مائية عالية، وذلك حرصا على اشتغال مكونات القطاع العمومي الذي يتضمن أنشطة اجتماعية متنوعة تجمع بين التربية والتكوين والصحة والإدارة العمومية والترفيه.

ونظرا للموارد والإمكانات المتنوعة التي يوفرها منطقة سوس، فإن الحوض عرف تطورا في المجال السياحي، وتطور النشاط الصناعي تعود الهيمنة فيه للصناعات الغذائية، وكلا النشاطين لهما حاجيات مائية عالية كما هو متداول ومعروف.

الجدول رقم1: توقع الطلب على الماء حسب القطاعات ب م م3

2030 2029 2024 2019 2014 2009 2007  
124.42 120.85 101.34 84.05 68.45 55.9 49.54 الطلب على الماء الشروب بالوسط الحضري
16.77 16.87 17.81 18.27 18.13 17.50 17.10 الطلب على الماء الشروب بالوسط القروي
141.19 137.72 119.15 102.32 86.58 73.4 66.64 مجموع الطلب على الماء الشروب
1.857 1.768 1.415 1.132 0.905 0.724 0.658 الطلب الصناعي على الماء
27.09 27.07 24.82 222. 19.59 11.15 0.72 الطلب السياحي على الماء
170.14 166.56 145.39 125.65 107.08 85.27 68.02 المجموع

مصدر المعطيات : استثمار معطيات وكالة الحوض المائي سوس ماسة

1.1. زيادة الطلب على الماء المنزلي بالوسط الحضري

بشكل مواز مع تزايد عدد السكان ونمو نسبة الأسر المستفيدة من خدمات توزيع الماء، عرفت مسألة الطلب على الماء المستهلك داخل المنازل بحوض سوس تزايدا ملحوظا، كما توحي بذلك أرقام وكالات التوزيع، هذا النمو في الطلب يجب ربطه بالتوسع الكبير الذي عرفته شبكات الربط ببعض المراكز الحضرية.

الشكل رقم 1 : توقعات الطلب على الماء الشروب في الوسط الحضري حسب العمالات ب م م3

يلاحظ انطلاقا من الشكل، أن عمالة إنزكان أيت ملول، تعرف ارتفاعا في الطلب على الماء، حيث تم تسجيل 19.5 م م3/س سنة 2007. ليتوقع ارتفاع هذا الطلب خلال سنة 2030 إلى 55.15 م م3/س. بينما أقل طلب يسجل في عمالة تارودانت حيث انتقل من 6.48 م م3/س سنة 2007، إلى 12.22 م م3/س سنة 2030. وهذا الطلب يزيد بوثيرة بطيئة بسبب انخراط السكان في تنظيمات التزود بالماء، أو جلبه من الجماعة أو حفر الآبار الشخصية.

2.2. زيادة  الطلب على الماء المنزلي بالوسط القروي

بالنظر إلى طبيعة أنظمة تزود السكان بالماء الشروب داخل الوسط الريفي، فإن تتبع تطور استهلاك الماء المنزلي لا يمكن أن يتم إلا من خلال المعطيات الموجودة في المبيان التالي:

الشكل رقم  2  : توقعات الطلب على الماء الشروب بالوسط القروي حسب العمالات بـ م م3

يتضح من خلال الشكل أن عمالة تارودانت تعرف ارتفاعا في عدد السكان المطالبين بالماء الشروب، بحكم أنها تتوفر على عدد مهم من السكان القرويين مقارنة مع عمالة إنزكان أيت ملول، التي تعرف انخفاضا في الساكنة القروية، و يفسر هذا الأمر بالطلب المتزايد على الماء سنة 2007 0.35 م م3/س. وتارودانت 6.02 م م3/س، إن دراسة الماء الشروب أو الماء المنزلي بالوسط الريفي أو الحديث عنهما لا يجب أن يتم بمعزل عن الماء الموجه لإرواء الماشية، وخاصة وأنه يستعمل المصادر المائية نفسها الموجهة لسد حاجيات السكان.

2 : القطاعات الإقتصادية: تنافسية محمومة في استعمال الموارد المائية.

1.2. استعمال الموارد المائية لأغراض فلاحية.

1.1.2. ساهم التكثيف الزراعي على عهد الاستعمار في زيادة الطلب على المياه الجوفية

بعد تراكم تجاربه في كل من الجزائر وتونس، عمل الاستعمار الفرنسي على إحكام سيطرته على الموارد المائية داخل التراب المغربي. وحتى يصل إلى غايته المنشودة، شرع في إصدار مجموعة من القوانين ما بين 1914 و 1952 قصد إدماج الموارد المائية ضمن الملك العمومي، وكذا لتفادي الدخول في الصدامات مع ذوي الحقوق الأصلية. وبهذه التدابير القانونية يظهر بجلاء أن المستعمر جاء لينهك حصيلة الموارد المائية الجوفية، فعملوا على تجهيز آبارهم بأحدث التجهيزات، وفي الوقت نفسه وبتدخل من الدولة تم إنشاء محطات ضخ كبرى لسد حاجيات قطاعات سقوية واسعة، كما برمجت جملة من المشاريع الهيدروليكية لتوسيع قطاع السقي.

استنادا إلى معطيات منوغرافية هندسة المياه (وكالة الحوض المائي حاليا) 1950 – 1956 وحسب Digon R. 69 بلغت مساحة الاستغلاليات العصرية التي أنشأتها الشركات الأجنبية والمعمرين الفرنسيين وكذلك بعض الملاكين المغاربة سنة 1950 حوالي 3750 هـــ في المقايل وصل حجم الموارد المائية الموجهة لسقي هذه المساحة حوالي 1500 ل/ث، وفي سنة 1954، استنادا إلى معطيات المنوغرافية الفلاحية لأكادير بلغت المساحة المستعملة لأغراض فلاحية حوالي 6800 هـــ، والتي تستفيد من 3000 ل/ث، هذه الكمية المعبأة تنتج من حوالي 350 محطة خاصة. وهو الرقم نفسه تقريبا أورده Digon R. 69 والمتمثل في 341 محطة ضخ صرح بها الفلاحون أثناء إحصاء وسائل الضخ الآلي.

وهكذا فإن هذا الزخم في التجهيزات العصرية أثر سلبا على حصيلة المياه الجوفية في سهل سوس الأسفل عند القطاع المنحصر بين واد سوس والأطلس الصغير، ويشمل جماعة أولاد تايمة وسبت الكردان والكدية البيضاء والكفيفات…عرف هذا المجال توسعا كبيرا لزراعة الحوامض والبقليات، وهي مزروعات تحتاج لكميات مائية عالية مما جعل حجم الموارد المائية الجوفية يتعدى في هذه الجماعات المذكور آنفا 1850 ل/ث.

الجدول رقم 2: توزيع عدد الآبار الخاصة المرخصة ببعض الجماعات عند سوس الأسفل سنة 1956

الجماعة عدد الآبار متوسط العمق الصبيب المجهز (ل/ث) المساحة المسقية (هـ)
أولاد تايمة 226 46.4 605.4 908.4
الكردان 102 61.9 892.5 2325.9
الكفيفات 53 68.3 129.9 417.0
الكدية 70 49.9 222.7 647.7
سيدي موسى 8 38.9 8.1 26.0
التمسية 45 32.9 126.8 345.3
أيت ملول 30 15.8 7.4 29.5
المجموع 534 314.1 1992.8 4699.8

مصدر المعطيات: الحسن المحداد 2003

2.1.2. أدى تطوير المشاهد الزراعية على عهد الاستقلال إلى تزايد الخصاص المائي

إن التكثيف الزراعي الذي دشنه عهد الاستعمار والذي سيستفحل مع بداية الاستقلال، سيزداد الطلب على المياه الجوفية التي لا تتجدد مواردها بشكل مستمر، وهذا ما سيجعل الفرشة تعرف هبوطا مستمرا لمنسوبها وفي بعض المناطق سجلت وضعا خرجا، نظرا للسباق المحموم على مواردها وخاصة في مجال انتشار الحوامض كما هو الشأن لأولاد تايمة وسبت الكردان.

لقد سجلت مصالح مديرية هندسة المياه في هذه المجالات نزول مستمر للفرشة الباطنية وصل إلى 40 م ما بين 1968 و1986، مما سيدفع بالفلاحين إلى اللحاق بمياه الفرشة من خلال تعميق الآبار التي وصل عمقها إلى حوالي 160 م وفي بعض الأحيان سجل هذا العمق 200 م. وهذا الوضع تم معاينته في العديد من الضيعات الفلاحية، بل وجدت آبار يفوق عمقها 240 م وهذا الأمر أصبح يؤرق الفئات الاجتماعية التي أصبحت غير قادرة على ملاحقة مياه الفرشة، كما أن لهذا الوضع انعكاسات على تكلفة الإنتاج وكذا على استعمالات الأرض الفلاحية.

الشكل رقم 3: تطور مستوى ضخ مياه فرشة سوس الأعلى

الشكل رقم 4: تطور مستوى ضخ مياه فرشة سوس الأوسط (أولاد تايمة سبت الكردان)

الشكل رقم 5: تطور مستوى ضخ المياه الجوفية من فرشة سوس الأسفل

إن المدخرات المائية لفرشة سوس كانت تقدر بحوالي 40 مليار م3 خلال سنة 1971، ومع تعرض هذا المخزون المائي للاستغلال الكثيف بتطوير استعمالات الأرض فلاحيا، وكذا توالي سنوات الجفاف جعل من هذا الاحتياط المائي يتناقص باستمرار. وقد وصل متوسط العجز لفرشة سوس حوالي 155 م م3 في السنة ما بين 1971 و 1986، وإذا كانت هذه الفرشة عرفت بعض الانتعاش خلال الموسمين المواليين نتيجة الرطوبة العالية لكنها سرعان ما بدأ المخزون المائي في التراجع ليسجل الخصاص 3 مليارات م3 سنة 1993 إلى حدود 2003.

هذا التراجع المسجل في مستوى الفرشة المائية لسهل سوس تركز عند المجالات التي تشهد زراعة مكثفة، خاصة تلك التي تتزايد حاجياتها المائية، كزراعة الحوامض في منطقة أولاد تايمة حيث سجلت الفرشة بها تراجعا وصل إلى 10 أمتار نظرا لتركز تجهيزات الضخ العصري.

أمام التراجع المسجل في فرشة القطاع الأسفل من سهل سوس خاصة عند مصب واد سوس قد وصل إلى 5 أمتار سنة 1977 و10 أمتار سنة 1993 و 20 م سنة 2003 و 40 م سنة 2010، ويعود هذا التراجع إلى استغلال آبار لمزار في تزويد المراكز الحضرية بالماء الشروب.

هكذا ومن خلال تتبعنا لتطور الخصاص المائي لفرشة سوس الأسفل وكذا التوزيع المجالي لهذا الخصاص يتضح أنه مرتبط باستعمال الأرض في الزراعات المستهلكة للماء كالحمضيات والبقليات (الزراعة المضاربة) في كل من الكردان وأولاد تايمة، بينما تم تسجيله من خصاص في الحصيلة المائية للفرشة الباطنية يرجع بالأساس إلى الاستعمالات غير الفلاحية كما هو الشأن بالنسبة لآبار المزار أو إلى بعض المبادرات من قبل الخواص شرق مدينة أيت ملول الموجهة لمد التجمعات الحضرية بالماء الشروب.

وأما استفحال العجز المائي وتوالي سنوات الجفاف اللذان أصبح يهددان استعمال الأرض زراعيا بسوس عامة والمجال المدروس خاصة، أصبح لزاما أمام الجهات المعنية لاتخاذ التدابير اللازمة وعلى رأسها التسريع بإنجاز المشروع الهيدروليكي والمتمثل في سد أولوز الذي رأى النور سنة 1990 بدلا من 2007 كما كان مبرمجا سلفا. وكان من بين أهداف هذا المشروع التغذية الاصطناعية للفرشة من خلال نظام الطلقات المائية التي تتم بين الفينة والأخرى عبر واد سوس لسد الخصاص، ولتسريع وثيرة التسرب تم اللجوء إلى إنجاز 10 عتبات.

2.2 . استعمال الموارد المائية لأغراض سياحية

إن حوض سوس يتوفر على مواقع مائية ذات طبيعة استجمامية تعتمد على الماء كمادة ترفيهية. وتتمثل هذه المواقع في جبل توبقال وما يوفره من تراكمات ثلجية شتوية ومن إمكانيات للاستراحة عند بحيرة افني على علو 3200م، وهناك مجموعة من الشلالات والينابيع، وتقنيات السقي التقليدية المنتشرة عبر أودية المنطقة.

الجدول رقم 3: استشراف الحاجيات المائية للقطاع السياحي

2030 2029 2024 2019 2014 2009 2007  
9.46 9.45 7.56 5.67 3.78 1.89 0 المحطة السياحية لتاغزوت
3.63 3.62 3.26 2.53 1.81 1.26 0.72 المحطة السياحية لأغرود
14 14 14 14 14 8 0 الكولف
27.09 27.07 24.82 22.2 19.59 11.15 0.72 المجموع

مصدر المعطيات: استثمار معطيات وكالة الحوض المائي لسوس ماسة

كما أن إعداد محطة أكادير السياحية أدى إلى تركز النشاط السياحي عند الساحل، وساهم بذلك في زيادة حجم تيار المياه العذبة المحول نحو أكادير الكبرى، ليستفيد منها نشاط جديد على حساب النشاط الزراعي الأصلي الذي يعرف توسعا متواصلا، ويعاني من خصاص مائي متزايد خلال المواسم الجافة، وخصوصا القطاع السقوي التقليدي.

        3.2 . استعمال الموارد المائية لأغراض صناعية

إن الظروف التي خلفها دخول الاستعمار إلى سوس، والتي أدت إلى توسع القطاع الزراعي المسقي الخاص، المعتمد على ضخ المياه الجوفية. هي الظروف نفسها التي أدت إلى تشخيص مجال صناعي بمنطقة سوس، ارتكز منذ نشأته على معالجة الموارد الفلاحية والبحرية قصد تصديرها إلى أوربا.

1.3.2. النشاط الصناعي وصعوبة ضبط حاجياته المائية

يصعب ضبط حجم استهلاك ومتطلبات القطاع الصناعي المائية حيث نجده يتميز بتنوع كبير في تخصصاته إلى درجة يصعب معها وضع تصنيف لهذه التخصصات. فالصناعة لها متطلبات مائية تختلف من تخصص لآخر، وتوظف الماء في استعمالات كثيرة تتنوع حسب عمليات الإنتاج، لذلك نجد المؤسسات الصناعية تارة ترتبط بشبكات التوزيع العمومية من أجل الحصول على الماء، وتارة تعتمد على إمكانياتها الذاتية لتتزود من مياه الأنهار والبحيرات والفرشات الجوفية، أو من المياه المستعملة بعد تصفيتها.

2.3.2. تعدد الحاجيات المائية للنشاط الصناعي

إن الحاجيات المائية للقطاع الصناعي، تعرف تغيرات واسعة مرتبطة بتنوع وظائف الماء التي تختلف من تخصص صناعي إلى آخر، وعليه فإن استعمال الماء داخل الوحدات الصناعية المنتمية لهذه التخصصات يتخذ طابعا منزليا صرفا مثلا مواد البناء والصناعات الغذائية على الخصوص لهما متطلبات مائية عالية، ويعتبر هذان الفرعان الأكثر استعمالا للماء داخل القطاع الصناعي السوسي. واستعمال الماء كمادة أولية ينبني عليها تركيب المنتوج. تعتبر وظيفة الغسل والتطهير أساسية لكل فروع الصناعة الغذائية، فالماء يستعمل في غسل المواد الأولية قبل تصنيعها، وفي غسل الآليات والمعدات وتطهير البنايات التي تتم داخلها عملية التصنيع.

الجدول رقم 20: توقعات الطلب على الماء الصناعي ب م م3

2007 2009 2014 2019 2024 2029 2030
تارودانت 0.611 0.673 0.841 1.051 1.314 1.642 1.724

مصدر المعطيات: وكالة الحوض المائي سوس ـ ماسة

خاتمة

إذا كانت الحاجيات المائية المنزلية ضرورية لضمان ظروف عيش مواتية للسكان داخل بيوتهم بشكل مباشر، وكذا الحاجيات المائية الفلاحية لضمان استمرار الحياة النباتية والحيوانية والحفاظ على السلسلة الغذائية، فإن هناك حاجيات مائية أخرى غير مباشرة تبقى ضرورية لتحقيق الحياه البشرية الجماعية. هذه الحاجيات تخص القطاعات والمرافق المشتركة داخل التجمعات البشرية مثل الإدارات والمؤسسات التعليمية والصحية والمركبات الثقافية والدينية والفضاءات التجارية والرياضية والترفيهية.

البيبليوغرافيا:

  • الحسن المحداد، 2003. الماء والإنسان بحوض سوس إسهام في دراسة نظام مائي مغربي جنوب أطلسي أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في الآداب تخصص الجغرافيا كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط، ص 498.
  • محمد بوشلخة، 2007. أرياف سوس ماسة، التحولات الحديثة والديناميات السوسيو مجالية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية اكادير الطبعة الأولى.

  • وكالة الحوض المائي سوس ماسة، 2006. دراسة مراجعة المخطط التوجيهي المندمج لإعداد الموارد المائية بحوضي سوس وماسة.

  • [1]- االتنمية البشرية آفاق سنة 2025.  إطار العيش وتنمية الإمكان الطبيعي الفصل الخامس

  • ABH- SM , 2005.  Le renforcement de la recharge artificielle de la nappe du Souss Massa .Rapport 9p.

  • Dijon R , 1969.  Etude hydrogéologique et inventaire des ressources en eau de la vallée du Souss, N. M, S, G, H, Rabat n° 214, 300p.

  • DRH-SMD, 1998.  Note sur l’évaluation de la recharge artificielle de la nappe du Souss à partir du barrage d’Aoulouz, SRPE, 64/00/33, Avril 98, 16p.

  • Hnaka A, 2007. l’armature des villes et centres du souss mécanismes de formation et système de fonctionnement, du réseau urbain du Sud marocain. Thèse d’état, Université Ibn Zohr, Agadir, 1010p.

– Hnaka A, 1987. Taroudant et Ouled Teima. Bi pole urbain du Souss. Thèse de doctorat en géographie. Université de Tours 422 p

– هوامش:

[1]– التنمية البشرية آفاق سنة 2025.  إطار العيش وتنمية الإمكان الطبيعي الفصل الخامس

[2]– نفس المرجع السابق.

*طالب باحث في سلك الدكتوراه، كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة ابن زهر – أكادير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد