بقلم : د . عبد الله عبد المؤمن//
إنه لمن دواعي الخيبة ما يثيره البعض من تشويش للرأي العام على قضايا حساسة، يضعون من خلالها اليد على المخالفة ومحض الخلاف، ويركبون متن عمياء، ويخبطون خبط عشواء ولا يقدرون الأمور بمقاديرها لا الشرعية ولا العقلية…
فحين تدعو إلى ضرورة فتح المساجد ومخالفة رأي العلماء فهل تدرك أنك:
_ تدعو لنفسك مكابرة ورياء أنك أصدق الناس قيلا وأقوم سبيلا وأن الجميع مدبر وأنت لوحدك مقبل على نفسك لا على ربك…
_ أنك تخالف رأي العلماء الذي بنوه على أصول شرعية وقواعد مرعية تسند ما يطلبه الحال من الحماية وحماية الحماية.
_ أنك تثير فتنة القول بين عموم الناس وتزرع فتيل الفرقة والشذوذ عن الجماعة، وداعي التشويش هذا ليس فيه مصلحة الدين ولا البلاد والعباد.
_ أنك تشكك في مصداقية الرأي الشرعي الذي يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال، وأنت ملزم بما يقتضيه فقه بلدك وأحواله..
_ أنك تدعو بالمقابل إلى تدابير احترازية وإجرائية تجاوزت فيها الفقه والطب والاجتماع وعلم الواقع..، وأنى لك ذلك؟!
_ أنك توظف أصلا عظيما في الدين وهو الاجتهاد وأنت لست من أهله لزعزعة الدين وبلبلة الفقه، بل توظف أوعر مسالكه (القياس) فتعبث وأنت تعتقد الصواب:
1_ حين تقيس ضرورة فتح المساجد على فتح الأسواق وما شابهها
2_ حين تقيس مساجد بلدك على بيت الله الحرام
ولو لم يكن إلا ترك مثل هذه الأقيسة لأربابها لكفى، فكيف والفارق بينها بعيد!!
* فعلة المنع في المساجد أقوى من غيرها، للضرر الغالب من الاجتماع، والقرب والالتحام، وكلها ذرائع لانتشار العدوى وتفشيها..
* وقياس المساجد على بيت الله الحرام، يشوبه خلاف حال، وحقيقة الفتح وسياقاته وكيفياته وأحواله، وليس الأمر بداع لمثل ذلك، وقد كفانا ما نحن فيه من فقه يدرك كل من تبصر أنه أسلم حكما وأتبع تأصيلا وأحكم تنزيلا..
_ أن الفقهاء استعملوا الظن والظن الغالب والظن الكثير لا الغالب ولا النادر في بناء الأحكام الشرعية؛ سيما في رفع الضرر ودفعه قبل رفعه، وهذا باب عظيم تقديره، تحفه قرائن وشبه ومخايل حال لا يتقن النظر فيها إلا أهلها…
_ أن الوباء عام وضرره محدق والوقاية منه لازمة، ولا يتعلق الأمر بمصر أو بلد دون غيره، وراي العلماء له وزنه واعتباره وخطورته، ولا مجال للهوى هنا لا في حيثياته وظروفه ولا في نقده وتجاوزه، وإنما هو محض تدبير وقائي مقبول شرعا وعقلا، والدين مبني على التبصر، والسلام.
_ أن الحرية في نشر أي شيء علق بذهنك مسؤولة بمعرفة ما تنشره، وعلمك به، وتقديرك لظروفه وملابساته، وتخصصك فيه، فلم لا تنشر اعتراضا على قضايا طبية واقتصادية وبيئية وغيرها، ويتجاوز ذلك كله إلى قضايا الاجتهاد والفقه، فهذا منتهى الجناية على أعظم باب جعل أهله بعمق نظرهم الناس فيه على مرتبتين ودرجتين إما مجتهدون أو مقلدون، فاختر أي الطريقين تختار، واترك لكل ذي حق حقه.
التعليقات مغلقة.