احمد ارحموش لجريدة الصباح : البجيدي أهان الأمازيغية

في سطور
– ولد سنة 1963 بأكادير
– قاطن بهرهورة
– متزوج وأب لطفلة
– رئيس الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية
– ناشط في الدفاع عن الأمازيغية
– محام مقبول للترافع لدى محكمة النقض
– حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
– مؤلف عدة كتب

رئيس الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية قال إن مكتسبات الأمازيغيين تراجعت مع حكم حزب العدالة والتنمية

أكد أحمد أرحموش، منسق الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، أن اللغة والثقافة الأمازيغية من ثوابت الأمة المغربية، مضيفا أن الدارجة هي لغة التقاضي في المغرب وليس اللغة العربية، معتبرا أن هناك أحكاما قضائية صدرت تفتقد إلى معايير المحاكمة العادلة بسبب جهل بعض المواطنين بلغة القضاء.
وقال أرحموش أن منتخبي “بيجدي” حققوا رقما قياسيا في منع الأسماء الأمازيغية، وشدد على أن تدريس الأمازيغية شهد تراجعات خطيرة، كما اعتبر أن تحقيق المكتسبات الأمازيغية بسرعة يفرض على الحركة الدخول إلى العالم السياسي.
أجرى الحوار: عصام الناصيري – تصوير: (عبد المجيد بزيوات)

< هل سجلتم أن مشروع القانون يكرس نوعا من التمييز بين العربية والأمازيغية؟
< الصيغة التي وضع بها مشروع القانون، تحيل على أن المشرع الذي وضعه، هو مشرع في برلمان بغداد أو سوريا، وليس في المغرب، لأن الطريقة التي تعامل بها مع الأمازيغية تظهر نوعا من الاحتقار والدونية. والمذكرة التي رفعناها إلى غرفتي البرلمان تسعى إلى احترام الوضع الجديد الذي أعطىته الوثيقة الدستورية للأمازيغية، ونعتبر أن أي شخص أراد السباحة ضد التيار، فإنه يكرس لما كانت عليه الأمازيغية في دستور 1996، وبذلك فهو يسيء إلى الوطن وللأمازيغية باعتبارها جزءا من ثوابت الأمة . عندما أحيل مشروع القانون على مجلس النواب، قمنا بمذكرة ترافع لدى الفرق البرلمانية في الحكومة السابقة ولم تأخذ بوجهة نظرنا، والآن النص أمام الغرفة الثانية، ونحن بدورنا مستمرون في عملية الترافع وإخبار الرأي العام بخصوص هذا القانون الذي يسيء للأمازيغية.

< هل تعتقدون أن مرفق العدالة جاهز اليوم لاعتماد الأمازيغية لغة للتقاضي وإصدار الأحكام، في حين أن نسبة كبيرة من القضاة والمحامين ومرتفقي العدالة لا يفهمون الأمازيغية؟
< (يعقب) كما لا يفهمون اللغة العربية الفصحى وليس الدارجة، من غير الممكن معالجة الأمور بهذه الطريقة، لأنه ببساطة من يتابع الشأن القضائي، يعلم أن جميع مراحل التقاضي تتم بالدارجة، سواء تعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين أوالاستماع إلى المتهمين، وكذلك المرافعات والاستنطاقات وغيرها، إلا إذ استثنينا المساطر الكتابية.
وأقول لكم إننا توصلنا بشكايات في فدرالية الجمعيات الأمازيغية تكشف أن مواطنين لم يتمكنوا من ممارسة حقهم في الولوج إلى القضاء، والاستفادة من حقوقهم، بسبب ما يكرسه التشريع من تمييز عنصري ضد الأمازيغ، وميز لغوي ضد الأمازيغية. هناك أحكام قضائية صدرت تفتقد إلى أبسط معايير المحاكمة العادلة، إذ هناك مواطنون اعتقلوا واستنطقوا بلغة لا يعرفونها، وضابط الشرطة القضائية غير ملزم بإحضار ترجمان، ويحرر المحضر على هواه ويقوم المعتقل بإمضائه، كذلك النيابة العامة والقضاة لا يبذلون مجهودا في هذا الباب. وعندما يقعون في ورطة مع شخص لا يفهم الدارجة، يقومون بتعيين “شاوش” ـ هكذا يسمى في المحكمةـ، ونحن نعلم خطورة الترجمة، وهكذا يصبح المتهم في ورطة، فهو ربما مهدد بالحكم عليه بخمس سنوات أو بعشر سنوات أو الإعدام، وتتحمل الدولة مسؤولية ما يقع، إذ من الواجب عليها حماية حقوق مواطنيها أيا كانت لغتهم.

< ما تصوركم للغة التي تطالبون باستخدامها داخل المحاكم، هل اللغة المعيارية أم اللهجات المحلية؟
< هذا سؤال لا يعترف به المشرع، لأنه لا يدخل في التفاصيل، على عكس المراسيم. ونحن بصدد الحديث حول قانون عادي يجب أن ينصف الأمازيغية، أما كيف سوف سننفذ القرار في المستقبل على الميدان فهذا شيء مختلف، واحترام التدرج في إدماج الأمازيغية وارد، ولكن في المجال التطبيقي ليس في التشريع. المشرع لا يحدد هل سنتحدث في المحاكم اللغة المعيارية أو اللهجة الريفية أو السوسية، بل يكتفي بالقول إن العربية والأمازيغية لغتان للتقاضي في المغرب. وهنا نطالب الدولة بأن تحسم تشريعا في لغة التقاضي، وأن تراعي التوزيع الجغرافي في تعيين القضاة، من خلال توفر شرط الارتباط اللسني للقاضي بالجهة التي يعمل بها، ونشدد على هذا الموضوع لأن الحق في القضاء العادل حق مقدس، وعدم ضمانه يعد اعتداء على حقوق المواطنين، الذين مازالوا يعتقلون ويسجنون ويظلمون ويخسرون منازعاتهم بسبب جهلهم بلغة التقاضي.

رؤساء “بيجيدي” منعوا الأسماء

< اشتكى عدد من المواطنين الأمازيغ من رفض بعض مكاتب الحالة المدنية تسجيل مواليدهم بأسماء أمازيغية، رغم أن وزارة الداخلية نفت الأمر، هل ما زال مشكل الأسماء الأمازيغية مطروحا في المغرب؟
< النقاش الدائر حول الاسم الأمازيغي حاليا، لم يأت من فراغ بل له ما يبرره، إذ أحصينا في البيانات الأخيرة التي أصدرناها، قرابة 49 اسما أمازيغيا رفض لدى مصالح التسجيل في الحالة المدنية، عكس ما كانت عليه الأمور في العقد الأول من القرن العشرين، الذي لم يرفض فيه حسب التقارير التي أعددناها سوى 13 اسما. وبذلك تكون الحكومة الحالية والسابقة قد حطمتا رقما قياسيا في منع الأسماء الأمازيغية، ويرجع سبب هذا إلى مرجعية منتخبي الحزب الذي يقود الحكومة، الذين يحتلون المركز الثاني من حيث عدد الجماعات المحلية التي يترأسونها. وتشير المعطيات الميدانية إلى أن جميع الجماعات التي منعت فيها الأسماء الأمازيغية تسير من طرف العدالة والتنمية، وهنا أقول أنه ليس من حق أحد التدخل في الشؤون الشخصية للمواطنين.

الحكومة وضعت قانونا على هواها

< فتحت الحكومة السابقة أمام فعاليات الحركة الأمازيغية باب التقدم بمقترحات متعلقة بالقانون التنظيمي للأمازيغية، وقاطعتم هذه المبادرة، وعندما أخرجت الحكومة الصيغة الأولية للقانون أقمتم الدنيا لماذا؟
< من حسن الحظ أن جميع فعاليات الحركة الأمازيغية قاطعت ذلك الحوار، لأن الديمقراطية التشاريكية تعني التحاور بشكل مباشر، ليس عبر البريد الإلكتروني من جهة، ومن جهة ثانية كانت الحكومة ترغب أن نتقدم لها بملتمسات أو طلبات. نحن لا نطلب، لأن الحكومة وجب عليها الاستماع إلى وجهات نظر المجتمع المدني، لأن الديمقراطية التشاركية لا تعني التشاور بل التحاور والأخذ والرد.
والشكل الذي تعامل به رئيس الحكومة السابق مع ملف الأمازيغية فيه إهانة كبيرة للأمازيغية والأمازيغ، لأنه كان بالإمكان أن يتم تعيين لجنة متخصصة لإعداد القانون التنظيمي للأمازيغية، كما هو الشأن بالنسبة للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، لكن رئيس الحكومة انفرد بالإعداد للقانون التنظيمي للأمازيغية رفقة خبرائه الحزبيين الذين يوظفهم في ديوانه، ووضعوا قانونا على هواهم، وهذا يمس كثيرا بمفهوم الديمقراطية التشاركية، لهذا فطبيعي أن نرفض الشكل الذي طرح به رئيس الحكومة الحوار.

مهاجمو بيتي يرومون إذلالي

< تعرض بيتك، أخيرا، لهجوم بالحجارة. بالنسبة إليك، ما سبب هذا؟ ومن يقف وراءه؟ وهل تشعر أنك مستهدف من جهة ما بسبب مواقفك؟
< بداية شكرا على الدعم والمرافقة. ما تعرضت له ليلة الأربعاء 17 يناير الجاري، في اعتقادي، وفي انتظار ما ستسفر عنه تحريات الشرطة القضائية هو رسالة ثانية في ظرف أسبوعين. أعتقد أنه يروم إذلالي إن لم أقل تدمير مساراتي الاجتماعية والحقوقية ذات الصلة بحياتي الخاصة وحياتي الجمعوية.
الحادث في حد ذاته، وبقراءة لزمانه ومكانه، أرى أن له دلالات وأهدافا جعلتني، إلى الآن، في لحظة عصيبة، أعمل على تجاوزها بمرافقة من الأطباء.
قد يكسب الفاعل أو الفاعلة أو الفاعلون المعركة، لكن لن أتركهم يربحون هذه الحرب. وسأعود إلى نشاطي حال ما أغادر المصحة التي أقضي بها فترة نقاهة إلى حدود الساعة.
الأحكام باللغتين الرسميتين

< سينال حتما اعتماد الأمازيغية لغة للتقاضي رضى الأمازيغ، لكن فيما يخص الوثائق والأحكام التي ستكتب بحرف تيفناغ وبلغة معيارية، هل تعتقد أن الأمازيغ نفسهم يشاركونكم نفس الرؤية؟
< خصوم الأمازيغية عندما يريدون التقليل من شأنها يدخلون في تفاصيل نحن في غنى عنها، لأننا عندما نقول إن اللغة العربية والأمازيغية لغتان رسميتان للقضاء، فذلك يستوجب أن تصدر الأحكام وتقدم الوثائق باللغة العربية والأمازيغية، وحينها يختار المواطن اللغة التي يشاء. سأعطي مثلا، سويسرا لديها أربع لغات رسمية، ومن المفروض أن تتوفر الوثائق للمواطن لولوج القضاء والمرفق العام وغيره باللغات الأربع، إذن يجب توفير المجال للمواطن وله حرية الاختيار، وهنا أقول إننا ناضلنا من أجل ترسيم الأمازيغية وسنناضل من أجل تفعيلها في الميدان.

< من ضمن الجهات التي وجهتم لها مذكرتكم نجد الفرق البرلمانية، هل ترى أن الأحزاب السياسية المغربية اليوم يمكن أن تساهم في الدفع بملف الأمازيغية إلى الأمام؟
< هنا يجب أن نميز بين أمرين، جانب المسؤولية المؤسساتية التي تتحملها الفرق البرلمانية والأحزاب السياسية داخل البرلمان، ومن المفروض أن تسمع لنا في إطار الديمقراطية التشاركية. لكن التقدير السياسي شيء آخر. صحيح أنه في هذا الإطار هناك ضعف كبير لدى بعض الأحزاب السياسية، التي لم تستوعب بعد أن التحول الحاصل على مستوى الدستور في ما يخص الأمازيغية، ربما أن البعض يشده الحنين إلى ثقافة كانت سائدة قبل 2011، والبعض الأخر متأثر ببعض الإيديولوجيات الأصولية العروبية المستمدة من المشرق، لهذا فمجموعة من الأحزاب ليست لها الإرادة في التكريس لمجتمع متعدد، بل ويكرسون لمنطق مغرب يمشي برجل واحدة وثقافة واحدة.

رأس السنة لن يكلفنا ميزانية

< رفع التجمع العالمي الأمازيغي رسالة إلى الحكومة من أجل إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، هل تعتقد أنه مطلب ملح مقارنة بباقي الصعوبات التي تواجه تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؟
< بالمناسبة المطالبة بإقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا هو مطلب قديم منذ التسعينات، ويتجدد حوله النقاش كل سنة، وقد ساهم هذا النقاش في بروز وعي حول أهمية هذه المناسبة، وهذا بفضل مكونات الحركة الأمازيغية، ونهدف من خلال نضالنا أن يصل هذا الوعي إلى المؤسسات والمشرع، ونقول للدولة في هذا السياق أن الاعتراف برأس السنة الأمازيغية لن يكلفها ميزانية، لأنه حينما نناقش مع البرلمانيين سبل الرقي بالأمازيغية يطرح نقاش التكلفة المالية، عكس هذا المطلب الذي لن يكلف سوى أربعة أسطر في مرسوم يوقعه رئيس الحكومة، من أجل الاعتراف على الأقل بتاريخ مواطنين عاشوا فوق تراب هذا الوطن لمدة 33 قرنا من الزمن، والتكريس لمجتمع متعدد الهويات يفرض ترسيم هذا العرف عيدا وطنيا.
تدريس اللغة عرف تراجعات خطيرة

< كيف تقيمون مسلسل تدريس الأمازيغية منذ 2003 إلى اليوم؟
< يمكن أن نقسم هذا المسار إلى مرحلتين، الأولى تمتد من 2003 إلى 2009، وطبع هذه المرحلة قرار مهم وجريء في ما يتعلق بالإدماج التدريجي للأمازيغية في المنظومة التربوية خصوصا في السنوات الابتدائية، وكانت هناك وعود بأنها ستعمم على جميع درجات المستوى الابتدائي، وكانت خطابات تبشر ببروز نفس جديد.
ولكن الطامة الكبرى كانت في مرحلة ما بعد 2009، لأنها عرفت تراجعات كبيرة، إذ ألغيت اللجنة المشتركة بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية، وهذا أثر على عدد المستفيدين الذي كان إلى حدود 2012 يصل إلى 547 ألف تلميذ، وانخفض إلى ما يقارب 317 ألف تلميذ حسب أرقام الوزارة. عدد المفتشين كذلك انخفض من 315 إلى 80 مفتشا. أما بالنسبة إلى عدد مدرسي الأمازيغية فقد انخفض بدوره بنسبة 45 في المائة، إذ أسندت لهم مهمة تدريس اللغة الفرنسية أو العربية في السنوات الأخيرة، وإذا لم يتم توفير الإمكانيات اللازمة للأمازيغية في التعليم فإننا سنصل إلى مرحلة ستتعرض فيها للتدمير.

< ألا يحسب لسعد الدين العثماني أنه أصدرا قرارا بتدريس الأمازيغية بعدد من المدارس والمعاهد العليا؟
< صحيح، وهذه نقطة تحسب له، وسبق أن نوهنا بالمبادرة، وقلنا إن قرار رئيس الحكومة القاضي بإدماج اللغة الأمازيغية في خمسة معاهد عليا هو قرار مهم، لكن للأسف بعد ثلاثة أشهر من إصدار المراسيم، لم تجد بعد الأمازيغية طريقها للتفعيل داخل هذه المعاهد، ونبهنا إلى هذا الأمر، وأخشى أن يكون مصير هذا القرار مشابها للمسار الذي أخذه القانون التنظيمي، لأننا نشرع القوانين ولا ننفذها.

< لاحظ عدد من المتتبعين غياب الحركة الأمازيغية عن ساحة النضال، ما دفع البعض إلى وصفكم بأصحاب المناسبات؟
< وماذا عن الأدوار التي قمنا بها في حراك الريف، وما قمنا به عند مقتل الفتاة “ايديا” في تنغير والنواحي، والوقفات التي ننظمها كل ثلاثة أشهر أمام البرلمان، ومسيرة التضامن مع الريف في الرباط التي كنا حاضرين فيها؟ كيف يمكن أن نسمي هذه المحطات أليست نضالا؟ بالعكس نحن نزاوج بين النضال الميداني والمؤسساتي، هناك مناضلون ونخب قوية في الترافع على المستوى المؤسساتي قادرة على هزيمة خطاب الحكومة، وبالمقابل هناك مناضلون حاضرون في الميدان سوء تعلق الأمر بالدفاع عن الأمازيغية، أو الانخراط في دينامية الحراك الذي يعرفه المجتمع.

لا مانع من الدخول إلى العمل السياسي

< هل من الممكن أن تتحول الحركة الأمازيغية إلى لون سياسي يدافع عن مطالبه من داخل المؤسسات؟
< وما الذي يمنع حدوث ذلك، لا يستطع أي أحد منعها من الدخول إلى الميدان السياسي.
هل هناك نية لدخول العمل السياسي؟
أنا مقتنع أنه بدون العمل السياسي، لا يمكن تحقيق المكتسبات سريعا، لأنه رغم الأهمية القصوى للعمل المدني إلا أنه يجب أن تتم مزاوجته مع العمل السياسي المباشر، لأنه ما انتزع منا بقرار سياسي لا يمكن استرجاعه إلا بقرار سياسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد