إلى حامي الدين : ليس سهلاً أن تكون رجل دولة.. وليس صعباً أن تكون ثرثاراً

لست هنا للدّفاع عن الفقيذ المجاهد الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي.. فالموضوع أكبر منّي بكثير.. معرفة وأخلاقاً.. ولن أستحضر ذلك الشاب الذي يتابع كمؤتمر أشغال المؤتمر الخامس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تحت رئاسة الفقيذ المجاهد سنة 1989…
لكنّي كمواطن مغربيّ يتقاسم معك بعض الأحداث الوطنية الكبرى تجعلني أقف وباستغراب كبير أمام هذا الإقحام الفج لشخصية أمينكم العام السابق ورفعه إلى درجة التسّاوي مع هذا الوطني والأممي الكبير.. ففي ذلك سخرية تختزلها إحدى النكت المغربية بشكل بليغ (. أنا والقايد كنشدّو مليون.)
لكن خطورتها هو هذا الخلط في الأوراق وتزوير الحقائق والتاريخ..
ولن أسرد مساره التاريخي الذي بدأ حتّى قبل ولادتنا بسنوات وسنوات..
لكن الذي أنقذ المغرب من السكتة القلبية هو الفقيذ المجاهد.. وفي لحظة حرجة وظرفية جد دقيقة ومنعرج قد يصعف بالبلاد والعباد..لقد كان الفقيذ جسراً مثينا لعملية الانتقال السلس للعرش.. وأوّل مدني حقوقي يوقّع على وثيقة البيعة…من أجل استقرار الوطن أوّلاً… حتّى أنهم قالوا في حقّ المجاهد الفقيذ وقتها.. ( بنصف الرّئة تنفسّ الوطن).. وقتها أيضاً لم نسمع قط كمغاربة عن اسم عبد اللّه بنكيران…
نعم.. الوطن أوّلاً.. لم يكن شعاراً للاستهلاك والثرثرة واللغو..كما عشنا قبل سنوات بل حقائق ملموسة وواقعية منها أن أكثر من 48 بلد ومن مختلف القارات وخاصّة أمريكا اللاثينية سحبت اعترافها بالجمهورية الوهميّة نتيجة هذا الأعتبار الأممي الذي يحضى بها المجاهد الفقيذ عند رؤساء دول العالم…ليعتبر هذا المجهود الوطني قاعدة صلبة لكل التطورات الايجابية التى عرفتها قضيتنا الوطنية…ولأذكركم فقط بأنّ المجاهد تنازل عن تعويضات سفرياته كرئيس الوزراء بالخارج كما بالداخل.. هل تستقيم المقارنة في الفعل كما في هذا الموقف الأخلاقي.. لا أعتقد -سيدي- بالرغم من استحضاركم لرياح ماسميّ بالربيع العربي وركوبكم على انتفاضة شباب 20فبراير كي تروّجوا لشخصية الزعيم الذي أنقذ البلاد من الفوضى الخلاّقة.. كشعار لذلك الربيع الذي تحوّل إلى خريف في تدمير بلدان عربية وإلى الآن..
هل هذه زعامة وطنية أم انخراط في الأجندات الخارجية العالمية..
هل تستقيم المقارنة بين من يهدّد البلاد والعباد بأن الربيع لم ينتهي بعد.. وهو في كرسيّ المسؤولية… وبين من أنقذ مؤسسات وطنية كبرى من الإفلاس وأطلق الترقيات الاستثنائية لجميع الموظفين..
أليس في المقارنة إجحاف في حق الفقيذ المجاهد الذي أنقذ صندوق التقاعد وأدى قسط الدولة.. وبين من أجهز على تقاعد الموظفين كي يرتكن الان إلى معاه السمين بدون أي حقّ..
أبداً لذلك أحليكم إلى كتاب مدرسي لأحمد بوكماخ تحت عنوان ( الثرثار ومحبّ الاختصار)..ومنه تعلّمنا أن نميز بين عظماء هذا الوطن أمثال عبد الله ابراهيم.. محمد بوستة.. المهدي بنبركة على يعتة عبد الكريم الخطابي عبد الرحيم بوعبيد. وغيرهم رضوان عليهم جميعا..
هذا هو الجيل الذهبي لتاريخنا الوطني الحديث.. ولا يدخله اليه إلاّ الصادقون..المرابطون لإعلاء كلمة الله في وطن مستقر وآمن.. المتعففون عن أكل مال بيت المسلمين.. ظلماً وبهتانا..
للأسف لأ أجد أثرا لزعيمكم في صفحات هذا التاريخ المشترك وبهذه الحمولة الأخلاقية والمعرفة التى المجاهد عبد الرحمان اليوسفي..
آخرها هو هذا الاحترام البليغ لوعد قطعه مع المرحوم الحسن الثاني سمي آنذاك ( بالمصحف بيننا..) وهم الآن في دار الحق كما يقال دون أن يفشي السّر…
ليس سهلاً أن تكون رجل دولة..
وليس صعباً أن تكون ثرثاراً…

هذا هو الفرق الذي يسقط أية مقارنة..
لذلك حين نقبّل يد ملوكنا… فملوكنا أيضاً ينوبون عنّا.. في تقبيل جبين عظماء ورموز هذا الوطن..

بقلم : يوسف غريب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد