صفية أولت تلوات صفاء نحو الخلود

كتب ع.بوشطارت//

صفية أولت تلوات : صفاء نحو الخلود، الموهبة لا تموت؛ الإبداع لا يفنى؛ أما النظم والشعر فهما سر الوجود..والفن هو الحياة الأبدية والازلية…صفية أولت تلوات لم تمت ولن يستطيع النسيان محوها في دروب الزمن. وإن سجل التاريخ وفاتها يوم أمس الأربعاء 10 ماي 2017، كما سجل لنا يوم ولادتها ذات يوم من سنة 1946، إلا انها تبقى الروح الصافي والخالد للفن الامازيغي البديع والاصيل ، والكلمة الصادقة في الشعر ، ذات الحنجرة الذهبية في أطاليس احوايش عبر التاريخ…صوتها الجميل هو نبرة خفيفة من جمالها المتدفق الذي حباه بها الله..كما جميع نساء الجبل.
الجمال الذي اختارت ان تعبر عنه بقصيدتها الرائعة التي اهتزت بها قلوب الناس وحناجرهم رجالا ونساء في أفراحهم ومنازلهم، ب تاونزا…عقودا من الزمن..لا أدري ان كانت قصدية أخرى حفظها الناس وتعلقت في ذاكرتهم مدة طويلة مثل واسيييح اتاونزا التي نظمتها وغنتها المبدعة الخالدة صفية…لا أدري أيضا ان كان فوق الأرض من يحفظ ويغني هذه القصيدة دون ان تتملكه القوة الشاعرية والجذبة الروحية التي تهز الشعراء في ميادين احوايش. .اسوياس…وهو شعور لا يمكن ان يوصف. .
قصيدة تاونزا بصوت المرحومة صفية…هي ليست قصيدة عادية، ومن يقول عكس هذا، ما عليه إلا ان يعود ويستمع لها..حتى يتذوق السماع الأمازيغي الأصيل بحروف الإبداع الفطري والموهبة الأزلية. ..بكل صدق هي قصيدة أسطورية.
واسيح اتاونزا …هي عسل الشعر الامازيغي الرومانسي وقشدة الغزل….هي عنوان الحرية تناشدها صفية للمرأة داخل محيطها الثقافي، وتدعوها الى كسر القيود والاغلال …هو سفر الحب المقدس اللامحدود “مع اجديك امي نتوركا”داخل سحر الطبيعة…
الفنانة صفية لا تصنع الشعر، ولا تصبغ الكلام، وإنما تنظمه بتلقائية كما يخرج الماء من صلب العين…قالت ذات مرة في حياتها..أنها داخل المنزل تفكر… وتقول الشعر داخل أسايس.
لا يمكن حصر تاريخ العطاء والإبداع لصفية في سطور او مقالات مقالات محدودة، وهو تاريخ زاد عن نصف قرن من الفن والإنتاج. ..وهي شاهدة عن أيام حكم الباشا الكلاوي الذي حكم كل الناحية الجنوبية من العاصمة مراكش..وانتشر حكمه وسلطانه إلى مناطق شاسعة شملت نصف المغرب…واذا كان الباشا قد بصم على مجد تاريخي عظيم لقبيلته ايكلوا، التي تنتمي إليها الفنانة صفية، فإن هذه الأخيرة نجحت في جعل قريتها الصغيرة تلوات علما مشهورا في سماء الفن وجعلته لقبها الذي تحمله معها في كل مكان وزمان…واذا كانت قصبة الحاكم القوي المرعب الباشا الكلاوي اليوم يأكلها الخراب من كل أطرافها. ..فإن صفية خلدت إسم قريتها تلوات بالإبداع الحي والفن الجميل…
الفنانة المرحومة صفية، توفيت في صمت وحملت معها معاناتها والامها إلى قبرها إلى الأبد. ..في تراجيديا قل نظيرها. ..لم يتذكرها أحد من المغرب الرسمي..لأنهم لا يعرفونها…وهذه حقيقة مؤلمة ومزعجة لنا نحن صراحة..ولجميع الفنانين الأمازيغ الذين يضحون ويبدعون ويسعدون الناس والجماهير باشعارهم والحانهم واصواتهم….
هل صفية اولت لوات ليست مغربية؟ الا تستحق العناية ؟ الا يستحق اسمها ان يكتب رسميا على أبواب مؤسسات الدولة وشوارع مدنها تخليدا لها ولعطاءها…
داءما نرى أشكال التمييز يعاني منها الفنان- والفنانة الأمازيغ في عقر دارهم…لا يستفيدون من نفس الحقوق والهبات والعطايا والاهتمام الذي يحظوا به فنانين آخرين. ..والفرق بينهم هو اللغة التي ينظم ويبدع بها الفنان او الفنانة…وهذا دليل على أننا نعيش داخل مغارب في المغرب.
اولت تلوات وهي لا تطلب أحدا ولا تستجدي…قالت لكم أنها عاشت أيام الحكم والازدهار والاهتمام والعناية داخل قريتها الصغيرة فوق جبال الأطلس حين كان الكلاوي ابن قبيلتها حاكما على الجنوب…
لترقد روحك في سلام…ايتها الصافية صفية..
شمس الإنصاف والعدل …لابد أنها ستبزغ يوما على ثقافتك ولغتك الامازيغية المقاومة والصامدة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد