عيد بلا عناق ولا نفاق

 بقلم: الفنان عمر أيت سعيد//

حل العيد، عيد ليس ككل الأعياد ، لن يتمكن ”موحا” من معانقة أمه ولن يستطيع تقبيل رأسها كما ألف ذلك كل عيد ، لن يعانق إخوته ولا أصدقائه ، لن يشم رائحة البخور المنبعثة من المنازل عبر الأزقة المجاورة لبيته ، لأن كرونا احتلت الشارع والمسجد والمصلى . لن يسمع لابتهالات المصلين الجماعية ولن يشم عطورهم. لن يستمع لخطبة الفقيه الصباحية التي تكون مفعمة بالخطابات المؤثرة والناصحة بالوحدة والأخوة، لن يستطيع المصافحة ولا تحية الأصدقاء الذين يحجون للمصلى بالمئات ، لن يرى هؤلاء الأصدقاء وهم يلبسون أحسن الثياب والماركات ويطلقون العنان لابتسامات مشرقة، لن يتمكن من سماع كلامهم المعسول ، لن يستطيع المشي بروية لكي لا تتسخ ملابس العيد  …

لكن موحا قرر أن  يتصالح مع عادته التي يحن إليها وهي أن يرتشف قهوة الصباح التي ألفها منذ سنوات. في بيته بمعية أولاده وزوجته سيصنع عالمه ، سيجعل من بيته مصلى ومسجدا ومسرحا وشارعا وواحة ودولة …بيته يتسع للقلوب وللفنون جميعها سيتنعم بالعيد داخل الجدران، سيعانق أبنائه وزوجته ،سيصلي بهم وسيدعو الله ان ينقد العالم من لجام كرونا وويلاتها تم سيعزف على قيثارته ويملأ الدنيا ألحانا وجمالا  .

صحيح أنه سيستقبل على هاتفه سربا من الرسائل منها الصادقة ومنها التي تنبعث منها رائحة النفاق والتصنع والجفاف العاطفي لكنه سيجيب كعادته على جل الرسائل وسيعتبر العيد عيدا.

سيبقى موحا في بيته ، يقرأ قصصه ليصنع عوالم جديدة تبعده عن عالم كورونا ولو قليلا ، ولن يخرج من بيته ولن يغامر أبدا بحياته ولا حياة أبنائه ، فالعيد الحقيقي هو سلامته وسلامة ابنائه وسلامة العالم وخلو الأبدان من الأسقام . سيكتفي موحا بسماع صوت امه الحنون وبحتها على الهاتف النقال وسيستقبل العالم على الأثير لأنه عيد افتراضي ، فعيد كرونا هو عيد السلامة أما العناق فسياتي وإن طال الفراق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد