يونس العلوي الخبير في علم الإشارة : هناك من يسمع بعينيه

لا يكاد عقرب الساعة يقترب نحو السادسة مساء من كل يوم حتى يعمّ الصمت المطلق فناءات منازلنا استعداداً لتتبع النشرة المسائية الخاصة بتطورات الوضع الوبائي ببلادنا.. من خلال الأرقام والمعطيات التى تنجزها مديرية الأوبئة.. ذات الصلة بالمستجد اليومي إن على مستوى عدد الإصابات.. و المعافات مقابل الوفيات.. ويكاد هذا الموعد أن يتحوْل إلى طقس يوميّ تفتح بعده نقاشات وتساؤلات بل وتخوفات كلمّا لوحظ تصاعد في هذه الأرقام والإحصائيات…

بل تعتبر هذه النشرة الإخبارية المصدر الوحيد والرسمي للمعلومة في هذا الجانب كخدمة تواصلية لللمواطنين الذين يسمعون عبر آذانهم فقط.. حيث يلاحظ الغياب التام للغة الإشارة بالنسبة للأشخاص المصابون بالصمم…خصوصا وأننا أمام تدابير وإجراءات تهمْ بالأساس الحياة اليومية للمواطنين بما في ذلك حالة الطوارئ الصّحية التى تعرفها بلادنا… وكيف يمكن أن يعرف هذا الشخص الصْم أنّ قراراً مثل إغلاق محلات البقالة حدّد في الساعة السادسة مساءا… وقرارات أخرى تنظيمية..

للأسف لم يتًم الانتباه إلى هذه الفئة التى تسمع بعيونها عبر استحضار متخصص في لغة الإشارة كي يرافق هذه النشرة التواصلية كل يوم.. وهو ذات الانتباه الذي دفع أحد الخبراء في علم الإشارة وبادر إلى تحويل إحدى غرف بيته إلى شبه محطّة تلفزيونية يقوم من خلالها بإعداد نشرة تواصلية مباشرة بعد النشرة الرسمية..

وذلك بأخذ المعطيات فور الاعلان عنها والقيام بتقديمها للصم مع التذكير بالارقام لثلاث ايام ماضية ثم يقدم المعطيات الجديدة على المستوى العالمي من خلال عدد الحالات المسجلة وعدد الوفيات والمقارنة مع اليوم السابق .حتى آخر ماقدّمه البارحة وهو في اتصال مباشر مع الجريدة.. النقطة المرتبطة بتعويض الاسر حاملي بطاقة راميد..

نعم بامكانيات بسيطة.. وفي استثمار جيّد لهذه التكنولوجية الرقمية استطاع هذا المناضل المدني أن يخلق منصة تواصلية إخبارية لمايفوق 900 متفاعل بالمغرب وخارجه.. يتداولون في كل ما يرتبط بهذه الحالة الاستثانية التى يعيشها المغرب والعالم….

وإذا كانت هذه المبادرة وبكل ما تحمل من بعد وطني وأخلاقي اتجاه هذه الفئة المقصية من المعلومة وخاصة في هذا الظرف العصيب.. فإنّ ذلك لا يمنعنا من أن نؤكد على أهمية الانتباه إلى هذه الفئة مستقبلاً و الاعتراف بلغة الإشارة واحترام ثقافة الأشخاص الصم، والحق فى الحصول على الترجمة الإشارية.بل والتشاور مع الأشخاص الصم وضعاف السمع والمنظمات التي تمثلهم للوصول إلى تفسير مهني للغة الإشارة في استخدام الخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية أو التعليم أو نظام العدالة..

أوكما عبّر عنه الاستاذ يونس العلوي الخبير القضائي المحلف فرع لغة الإشارات مدرس لغة الإشارات الإيمائية لفئة الصم… مع تجربة لمدة 20 سنة في مجال الترجمة بلغة الاشارة. ومدير مركز حماية ورعاية الصم بأكادير في اتّصال معه :

لا وقت الآن للحديث عن الاقصاء هذه الفئة وغيرها.. بل الانخراط إلى جانب مصالح الدولة والمؤسسات في هذه التعبئة الوطنية ضد هذا الوباء العالمي.. من هناك أعتبر ما أقوم به من تواصل مع هذه الفئة واجبا وطنيّاً وأخلاقياً مطلقاً من هذا الشعار الذي علينا جميعا أن نستوعبه

( كلماتنا عبارات.. وكلماتهم إشارات… بعيوننا نسمعهم…)..
نعم بمثل هذه السواعد.. وفي مجالات متعددة لن يهزمنا هذا الوباء
أبداً..

   يوسف غريب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد