رحلة التشافي من فيروس كورونا: من مسؤولية الدولة إلى المسؤولية الفردية

الملك محمد السادس نصره الله أظهر الكثير من الرحمة والتعاطف و النبل في خطته لمواجهته فيروس كورونا. إنسانيته تفوقت على أعرق الديموقراطيات العالمية. فما من بلد ضحى باقتصاده بالكامل من أجل شعبه. و لكن ملك المغرب فعلها.

و الأفعال التي تنبع من القلب تصل مباشرة إلى القلوب. وهكذا وصلت الرسالة للشعب المغربي و للعالم أجمع بدون إلقاء خطبة واحدة.
هذا الفعل لم يوحد المغاربة مع ملكهم فقط، و لكن قوى روحهم المعنوية. لأول مرة، لا توجد معارضة. و الجميع يثمن بحب ووعي ما تقوم به الدولة لمواجهة كورونا.
ليس هذا فقط، و لكني كمغربية أصبحت مليئة بالحماس والرغبة لننتصر على معركة كورونا، أريد أن يرى العالم أجمع ماذا يعني أن تكون مغربيا. و أعتقد أن هذا شعور الكثير الكثير من المغاربة في مختلف المعمور.
و لهذا، وعدت نفسي بأنه بعد أن قامت الدولة بمسؤوليتها، فمن الواجب علي ألا أتملص من مسؤوليتي الفردية. فمن الجحود أن يضحي الملك ليحمي أرواحنا و نحن نستهتر بهذه الأرواح و نعرضها للخطر و التلف و نعرض أرواح المحيطين حولنا أيضا.
و هكذا قررت أن أنفض الغبار من داخلي، غبار الخوف والقلق من فيروس كورونا لأستبدلها بطاقة القوة والتحدي والحب.ففيروس كورونا ليس أكثر من تمرين من تمارين الحياة، الذي سينتهي كما بدأ، و لكن علينا أن نستفيد منه لنصبح أكثر قوة ظاهريا و باطنيا.
فانظروا إلى ما فعلت الصين، بعد أن كانت في أكبر ورطة، استطاعت بعد أشهر أن تحولها إلى فرصة ذهبية و هاهي اليوم ترشح نفسها كالمنقذ الوحيد للعالم. لماذا؟ لأنها واجهت بشجاعة امتحان كورونا. لم تخف، لم تستسلم، لم تتراجع، و انضبط الشعب.
قد يدعي البعض بأن الصين دولة متقدمة و لها إمكانيات، و لكن أوروبا و أمريكا أيضا متقدمتين و لهما إمكانيات وهاهما يتخبطان مع كورونا. فبعض المعارك لا تحتاج إلى القوة الظاهرة، و لكنها تحتاج إلى القوة الباطنة، إلى قوى الأنفس. تحتاج إلى الالتزام، الانضباط، الإيثار، التضحية، التسامح، الحكمة، الصبر، التعاون، قوة التبشير و زرع الأمل بدل التنفير و السلبية، حب الحياة، العطاء، الإخلاص، الطمأنينة و السكينة، الإيمان و الثقة…
و هذه أشياء لن تمنحها آلات طبية و لا أجهزة علمية و لا منتوجات استهلاكية فهي نابعة من الإنسان نفسه و فقط من الإنسان. فهذه الأشياء هي بالضبط ما يميز الإنسان عن باقي الكائنات.
و لهذا معركة كورونا هي معركة من نوع خاص. ففي كل المعارك و الأزمات، الإنسان كان يتهرب من نفسه ليلقي اللوم على الآخر: الحكومات، الأنظمة، الأشخاص، الجيران، الطبيعة، الأحداث،…
و لكن في معركة كورونا، لم يعد هناك فرصة للوم الآخر. ففي معركة كورونا عدوك هو نفسك هو أنت، فوصفة النجاة واضحة “اضبط نفسك و ابق في دارك تسلم”.

أمل مسعود.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد