تجربة الفنان الحسين الوردي: كم هي عظيمة عيون الأمهات! (معه فيديو)

 بقلم ذ.الفنان عمر أيت سعيد//

 

الحياة في مجملها يمكن أن تلخص في قصة لقاء أو لوحة أو لحن أو أغنية وجب إنشادها. الحياة كفاح تواصل وايمان بالذات المبدعة هكذا عبر صديقي الفنان الحسين الوردي الذي أبهرنا بلوحاته التشكيلية التي تتخد من العيون و الوجوه عالما للتعبير و الإبداع .

قابلنا الفنان في عدة محطات وكانت لنا معه عدة حوارات ونقاشات فنية استفدنا منه الكثير كيف لا و هو الإنسان المبتسم ، الصبور والفنان تلخيصا للأوصاف .نشأ الفنان في بيئة ” دادس” تلك الواحة العظيمة بألوانها وورودها وقصباتها وتفاصيل حقولها المعطاء . تنشئة زودته بالكثير من مستلزمات الجمال والإبداع ألا وهي الفصول المتنوعة بألبستها الطبيعية و ألوانها المختلفة عبر الفصول . كما الدراسة وأيامها الجميلة التي تبني ملامح الشخصية والاصدقاء الذين يعطون معنى وبريقا للحياة .

هو الفنان ” الحسين الوردي ” الذي يحمل لقب ”’ LHOUART  ” و كلمة LHOU ” تعني الحسين  نسبة للفنان نفسه أما ART  فتعني الفن  . ولد بقرية الكومت سنة 1968 تلك القرية أو القبيلة المعروفة بجمالها وبالقصبات المنتشرة على ربوعها وسكانها الكرماء ، قرية تتسم بالهدوء والسكينة.

تدرج الفنان الحسين في أسلاك  التعليم  الى حدود المستوى أولى بكالوريا سنة 1986 ليقف عن الدراسة لظروف حالت دون تمكنه من متابعة دراسته الثانوية  . لكن عزمه وارادته القويتان جعلتاه يتابع في مدرسة الحياة تلك المدرسة التي تعلمك بقسوة ، دون رحمة ، فكل تجربة فيها تعد إنجازا سواء أكانت ناجحة او فاشلة .

يقول الفنان LHOU ART’’  ‘’: ” عرفت الفن و خبرته منذ نعومة أظافري لكن موهبتي لم تجد لها عاشقا ولا مشجعا لكون الفن لم يكن في يوم من الأيام من أولويات البسطاء الفلاحين المزارعين في الواحات، تلك الموهبة المضيئة بقيت كطفلة يتيمة في صدري وعقلي مدة سنوات لم تجد أذانا صاغية ولا عيونا عاشقة فضلت كنجمة تعيش بين السطوع والأفول الى حدود سنة 2014  حيت شاءت الاقدار و الأرزاق أن تجمع بين روحي وروح الفنانة العظيمة ” فاطمة ملال ”  التي كان زواجي منها بداية إشراقة شمس ابداعي حيت أحيت بذور الفن في حياتي من جديد .

وأمام الوضع الجديد احتضنتني أسرتي و إخواني وأصدقائي الفنانون منهم وكان فضل الصديق  الفنان”موحا ملال “” كبير جدا على مساري الجديد حيت واصلت الإبداع و الرسم بشكل مستمر بفضل توجيهاته و دروسه القيمة التي رفعت من إدراكي لعدة تقنيات في التشكيل و الإبداع . تعرفي على أسرة ”أيت ملال ”  هاته الأسرة الغيورة على ”دادس ” التي قدمت الشيء الكثير للفن في الواحة فتحت أمامي عالما من الجمال و حفزني ذلك لولوج عالم التشكيل من بابه الواسع …”.إنتهي  كلام الفنان الحسين .

وفي محاولة عاشقة لقراءة  بعض لوحاته ونحن نتأملها بعين فنية لا تدعي الأكاديمية ولا العلمية في التناول و النقد نلاحظ ان لوحات الفنان LHOUART   ترتكز كثيرا على رسم الوجوه وفي كل وجه نكتشف أنه يمرر إحساسا و تعبيرا يدل على شعور وعاطفة معينة . ونحن نزعم ان جل اللوحات عبر وجوهها  يركز فيها الفنان على العيون ، فالعيون عالم من الأسرار بوحدها، يستطيع المرء أن يكتب قصائد وروايات من خلال فهمه وتحليله للعيون وايحاءاتها. العيون لوحات تشكيلية بحد ذاتها، تلك العيون التي تسافر بك عبر   مساحات من الخيال والحلم ، فناننا   LHOUART  يرسم عيونا في مجملها تظهر حزينة ربما لتعكس معاناة النساء و الأمهات في هذه البقاع ، ومن منا لا يدرك كم تعاني الأمهات ؟ كم  تصبر الأمهات لنحيي حياة رغيدة ؟ كم هي عظيمة عيون الأمهات ؟

الفنان الحسين يستعمل عدة تقنيات في منجزه الفني، منها الترميد واحترام نقط التلاشي و الأبعاد … ويرسم وفق وضعيات مختلفة ومتنوعة. تطغى الألوان الرمادية والصفراء والحمراء على بعض أعماله. أما الوجوه الدالة على الشيوخ فربما تعكس الذاكرة والتاريخ المثقل بأحداثه كالمقاومة والكفاح من أجل الوجود والبقاء ،أما الدالة على الأمهات و النساء فلا غرو ولا عجب أنها ترمز الى الصمود والتربية والحب والحنان والعطاء اللا مشروط .

قام الفنان بعرض لوحاته بشكل رسمي وفي معرض وطني بالرباط بمعية جمعية بيتي التي اشتغل معها لمدة أربعة شهور ليتوج التعاون مها  بتقديمها له المساعدة والمساهمة في انجاح معرضه الوطني الأول .

تعد تجربة ”الحسين الوردي ” من التجارب الراقية التي تعطي قيمة للإنسان في التناول التشكيلي من خلال الاشتغال على تيمة وموضوع العيون وإعطاؤها مساحات واسعة في عالم التشكيل. فإذا كان الجسد لوحده مدرسة وتوجه في عالم الإبداع والتشكيل فإن العيون تظل جوهره وكنهه التي تعطيه معنى ودلالة أكثر عمقا وتعبيرا .

واصل صديقي الحسين فالأجيال تمر والمواسم تمر وتبقى الصور و الرسومات وحدها شاهدة على التاريخ فعيونك على اللوحات تحمل بين طياتها صرخات الأمهات الأمازيغيات والمغربيات والشيوخ عموما في الجبال والسهول فتلك العيون توثق للذاكرة لا محالة للحاضر والماضي وتمرر رسائل للقارئ القادر على الغوص في معاني العيون وجمالها .

ذ.الفنان عمر أيت سعيد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد