فرحات مهني و أمازيغية مشروعه السياسي

أثارت مقاطع مسجلة من محاضرة قد تكون قديمة لفرحات مهني جدلا بين رواد الفايسبوك بخصوص قوله بأن الأمازيغية الموحدة غير موجودة وهي عبارة عن خطاب تمويهي وفي المقابل يدافع عن “تاقبايليت” ويعتبرها لغة قائمة الذات مثلها مثل “تاشلحيت” أو “تاريفيت”…قد تكون منحذرة من نفس الأصل مثلما انحذرت الفرنسية والايطالية والبرتغالية… من نفس الأصل اللاتيني، ولا أحد ينزع عنها صفة لغات قائمة الذات. ولا بد أن أشير إلى أن موقف فرحات مهني هذا ليس بجديد ولا علاقة له بتطور الأوضاع بالجزائر بعد الحراك الأخير المضاد للعهدة الخامسة لبوتفليقة وما آل إليه بعد انتخاب الرئيس الجديد، بل موقف ينسجم والاختيار السياسي الجديد لفرحات مهني الذي يتزعم منذ 2005 حركة استقلال منطقة القبائل(MAK ) وأنشأ لها حكومة مؤقتة في فرنسا (GPK) ووضع طلبا بهذا الشأن لدى الأمم المتحدة. فالمشروع السياسي لفرحات هو “الشعب القبائلي الذي يسكن منطقة القبايل ويتحدث لغة تاقبايليت”. صحيح أن الوحدة النظرية للغة الأمازيغية ثابتة منذ الدراسات اللسنية التي قام بها الفرنسيون منذ أواخر القرن الثامن عشر عشر مع فونتير دوبارادي Venture de paradisصاحب “المنجد المختصر للغة الأمازيغية Dictionnaire abrégé de la langue berbère”، المنشور سنة 1844, أي بعد بداية احتلال فرنسا للجزائر، ولم يميز فيه الباحث بين كلمات تاقبايليت التي جمعها بالجزائر “العاصمة” و كلمات تاشلحيت التي جمعها من أفواه “تاروا ن سيدي حماد أوموسى” بباريس بل اعتبرها معجم لغة واحدة كما يتضح من عنوان كتابه، وهو ما أثبتته كل الدراسات اللسنية اللاحقة. لكن في المقابل ومن منطلق علمي دائما يعتبر سالم شاكر، الأكاديمي المعروف، منظر “الاستقلال اللسني autonomie linguistique” لمنطقة القبايل، وهو ما استنذ عليه فرحات مهني ليدعو أيضا للاستقلال السياسي. ففي احدى المحاضرات بباريس أكد فرحات ما يلي “حين تقول أنا أمازيغي فلا أحد يعرف من أي منطقة بشمال افريقيا تنحذر، وحين تقول أنا “قبايلي” أو “أشلحي” أو “أريفي” فالجميع يعرف أنك أمازيغي”. فالمشروع السياسي لفرحات مهني هو الذي يفسر موقفه من اللغة الأمازيغية الموحدة، لأن هذه الأخيرة مرتبطة نظريا بمشروع أوسع لكل شمال افريقيا في حين تاقبايليت مرتبطة بمشروع مهني الساعي لاستقلال منطقة القبايل. وفي هذا النقاش يتداخل العلمي الأكاديمي بالسياسي، فما يقوله فرحات يجد مبرراته في بعض الدراسات العلمية والذين يعارضونه أيضا سيجدون في العلم ما يشفي غليلهم. وتبقى السياسة جوهر النقاش.

      

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد