الحنين لميثاق أكادير

الحسين بويعقوبي //

أثناء كل حديث عن ضرورة تجديد خطاب و آليات عمل الحركة الأمازيغية بالمغرب يتحدث البعض عن ضرورة تجديد ميثاق أكادير الصادر سنة 1991, أو إنتاج وثيقة جديدة على شاكلة هذا الميثاق …والحال أن قوة وشهرة ميثاق أكادير مرتبطتين بالمضمون الجديد الذي حمله الميثاق وبسياق إنتاجه وليس بتسميته. ولذلك حين تم إصدار بيان جديد حمل إسم “ميثاق أكادير 2” لم يلق نفس النجاح والتأثير على الحركة الأمازيغية والساحة الثقافية المغربية عموما، كما تم إصدار “نداء أكادير” بنفس المنطق ولم يلق نفس الاشعاع والتأثير، وظل ميثاق أكادير يذكر وحيدا في الأبحاث والنقاشات إلى اليوم ولا يتم ذكر باقي الوثائق. ونفس الشىء يمكن قوله عن وثائق كثيرة ثم إصدارها بحس سياسي، في شكل “موضة الوثائق”، لكنها بقيت حبيسة رفوف مؤلفيها ولم تلق الاقبال المنتظر.
فالحنين لميثاق أكادير، الذي لم يوازيه في التأثير إلا “بيان من أجل الاعتراف بأمازيغية المغرب” الصادر في فاتح مارس 2000، لمكانة محمد شفيق محرر صيغته النهائية، قد يكون تعبيرا عن العجز في تجديد الخطاب والآليات، والإعتقاد بأن الأفضل موجود دائما في الماضي، وهو ما نجده في خطابات أخرى تموقع عصرها الذهبي في الماضي، سواء في الفن أو الرياضة أو السياسة…
إن كل رغبة في تجديد وتطوير خطاب وآليات عمل الحركات الأمازيغية لايمكن أن تؤسس على استنساخ الماضي، بل يجب أن تبنى أساسا على فهم عميق للتحولات الداخلية التي عرفتها الحركات الأمازيغية نفسها وطنيا وإقليميا، في ربطها بالتحولات العالمية، ثم التغير الحاصل في علاقة الدول والفاعلين السياسيين بشمال افريقيا بملف الأمازيغية منذ مطلع القرن الواحد والعشرين، وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الحركات الأمازيغية، باختلاف توجهاتها في السياق الحالي وتحدياته.
ما عدى ذلك، ستكون الحركة الأمازيغية قد انتهت بعد أن قامت بنجاح بدورها التاريخي في إعادة بوصلة السياسيين والمثقفين بالمغرب (شمال افريقيا عموما) لذواتهم والاعتزاز بانتمائهم لشمال افريقيا وفي صلبها الأمازيغية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد