حنداين : معركة الأمازيغية لم تنته بعد؟ (حوار حصري)

بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة 2970 أجرى الموقع أزول بريس حوارا حول راهن الأمازيغية اليوم بعد الدسترة، وتلكؤ الحكومة في تنفيذ مقتضيات القانون التنظيمي على علاته،  مع الدكتور محمد حنداين رئيس كونفدرالية الجمعيات الامازيغية بالحنوب المغربي (تامونت ن يفوس) وعضو لجنة لغات الشعوب الاصلية باليونسكو- باريس، هنا تفاصيل أجوبة حنداين ردا على أسئلة الموقع: 

حاوره الحسن باكريم 

السؤال الأول: مرت السنة الأمازيغية مرة أخرى دون أن توفي الحكومة بوعدها وترسيم السنة الأمازيغية.. وعمت الحفلات ربوع المغرب وخارجه ما تقييمكم لهذه الوضعية الشادة علما ان امر ترسيم هذه السنة أصبح عاديا في الجزائر وليبيا.

لقد كان المغرب سباقا الى المبادرة في شمال افريقيا بخصوص الشأن الامازيغي، فقد سبق للمغرب ان رسم الامازيغية قبل الجزائر و اسس المعهد الملكي قبل الجزائر، لكن اصبحت المبادرة الان بيد الجزائر، اذ اقرت  ترسيم السنة الامازيغية في السنة الماضية, فأصبحت المبادرة فيما يخص الامازيغية خارجة من يد المغرب. لذلك اصبح امر ترسيم السنة الامازيغية بالنسبة للمغرب امرا داخليا لا يمكن تسويقه كحدث مهم في العلاقات الدولية او على الاقل في شمال افريقيا. سيرتبط ترسيم السنة الامازيغية باحداث اخرى   داخلية ربما نرتقب ان يكون الترسيم في السنة المقبلة.

السؤال الثاني: في  خضم الاحتفالات بالسنة الأمازيغية نزل خبر المادة 51 من مرسوم إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية كالصاعقة المادة التي تقر بالحفاظ على استقلالية معهد التعريب مقابل اقبار المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ما رأيكم.. الا تتحمل الحركة الامازيغية قسط من المسؤولية بعدم احتضانها للمعهد والدفاع عنه..

تتبعت الحركة الامازيغية اطوار القانونين التنظيمين ولعبت الجمعيات الامازيغية بالجنوب المغربي (تامونت ن يفوس) دورا تنسيقيا مهما مع المنسق الوطني للامازيغية الى جانب بعض النواب البرلمانيين المعروفين: الاصدقاء ازوكاغ الحسين النائب البرلماني لاشتوكن و الاخ الغازي عبدالله النائب البرلماني من تزنيت وكذلك المناضل الامازيغي عضو المكتب السياسي لحزب الاحرار الصديق عبدالرحمان اليزيدي من اجل اخراج القانون التنظيمي للامازيغية. وكانت معركة شرسة للحفاظ على حرف تيفيناغ و كذالك المكتسبات التي حققتها الامازيغية ضد التيار المعارض لكل ما هو امازيغي. لم يكن امام الحركة الامازيغية اي خيار لمقاومة هذا التيار الا الاعتماد على مناضلينا داخل الاحزاب السياسية التي تفاعلت مع مطالب الحركة الامازيغية. وهو تقليد اتبعته الحركة الامازيغية لتحقيق اهدافها مع الحفاظ على استقلاليتها وتوجهاتها التحريرية للشعب المغربي. ولابد ان نشكر هذه الفعاليات السياسية وكدالك الحركة الامازيغية على تفانيها واستماتتها في التشبث باهدافها. و نحن نهئء الشعب المغربي على اخراج هذا القانون باجماع اعضاء البرلمان.

لكن المعركة لم تنته بعد، فبعدما استبشرنا خيرا بذلك الاجماع على القانون التنظيمي، استمر معارضو الامازيغية  في المناورة الخسيسة للالتفاف على مكاسب الامازيغية، وذلك باقبار المعهد الملكي للثقافة الامازيغية والحاقه بالمجلس الوطني للغات مع الحفاظ على معهد التعريب. لابد من الاشارة الى اننا لسنا ضد الحفاظ على معهد التعريب، لكن في اطار المساواة بين اللغتين الرسميتين نطالب بإحداث الى جانبه معهد التمزيغ لان القضية هي تمزيغ المجتمع لكي يتقن جميغ المغاربة لغتهم الرسيميتين الامازيغية والعربية.

اما المعهد الملكي فهو مؤسس بظهير ملكي وحسب فقهاء القانون الدستوري لا يمكن ان ينسخه الا ظهير أخر، ومن جهة اخرى فهي مؤسسة ملكية استشارية غير مرتبطة بالحكومة. لذلك فالمعركة المقبلة هي الترافع لدى  المحكمة الدستورية للطعن في القانون المنظم للمجلس الوطني للغات و الثقافة المغربية. اما مسالة المسوؤلية  فهي مشتركة بين المعهد و الحركة الامازيغية, فبالنسبة للحركة الامازيغية ارتكبت اخطاء اولا بخروج بعض اعضاء من المجلس الاداري احتجاجا على سوء تسيير الامازيغية من طرف الحكومة، وقد اشرنا الى انه سوء تقدير كبير، وثانيا  ان بعض الجمعيات كانت ضد المعهد وطريقة تسييره. هذه اخطاء ولابد من الاشارة الى ان اغلب الجمعيات المنضوية داخل كونفدرالية الجمعيات الامازيغية بالجنوب المغربي (تامونت ن يفوس) كانت  تدعم  المعهد الملكي باعتباره مكسبا نضاليا امازيغيا، و لكونه احد مطالب ميثاق اكادير. وللتاريخ فان الكونفدرالية كانت من الجمعيات الامازيغية المشاركة في لجنة اعداد دستور 2011 و رافعت من اجل ترسيم المعهد الملكي شانه شأن المجلس الوطني لحقوق الانسان، لكن مع الاسف لم يتم ذلك.

بخصوص مسوؤلية ادارة المعهد فاننا نتفهم الاكراهات الادارية و السياسية لادارة المعهد. مسوؤلية جسيمة غير سهلة فقد قام المعهد باعمال مهمة من اجل اعداد اللغة الامازيغية للترسيم. وقد عملت لسنوات مع المعهد كمسؤول عن الخلية الجهوية لتدريس اللغة الامازيغية بحهة سوس ماسة درعة انذلك, وقمنا باعمال جليلة حيث اصبحت جهة سوس نموذجية في مجال تدريس اللغة الامازيغية، وللتاريخ كان الدكتور بوكوس شخصيا يشرف على هذا العمل بكثير من الحماس و الاحترافية، غير ان ذلك لم يستمر في عهد الوزير خشيشن. واستمر تراجع تدريس اللغة الامازيغية.

الى جانب هذه الاعمال المهمة لابد من الاشارة الى  ان ما يعاتب المناضلون الامازيغ والجمعيات الامازيغية الجادة بسوس على ادارة المعهد هو ان هنالك عدم اعتراف المعهد بتضحيات المناضلين الاوائل في سوس الذين ناضلوا مع مسوؤلي المعهد في خندق واحد، حيث شعروا بنوع من الغبن والتنكر، ويحضرنا هنا اسم الاستاذ لحسن كاحمو مؤسس الجامعة الصيفية باكادير الذي ناضل الى جانب المرحوم ابراهيم اخياط و احمد بوكوس ومجاهد الحسين. و كذالك الاخ جغايمي جامع، و ابراهيم اوبلا و محمد اكوناض وعبد الله بليليط  والحسين اجكون وغيرهم كثير، كل هؤلاء يستحقون تكريما من المعهد لكن مع الاسف لم يتم ذلك، ولم يتم ادماجهم في المجلس الاداري السابق شان اخوانهم في الرباط و الدار البيضاء ليمثلوا جهة سوس في ذلك العمل الهام. وحتى اولئك الذين تم تكريمهم من طرف المعهد مؤخرا يعترفون ان هؤلاء اولى بالتكريم اكثر منهم. لم نفهم ذلك الى حد الان. كل ذلك جعل حماس الدفاع عن المعهد يخبو والتباعد بين الجمعيات والمعهد يزداد. لكن بالرغم من كل ذلك من الضروري الدفاع على المعهد  كمؤسسة امازيغية بغض النظر عن الاخطاء التي تقع عادة في مثل هذه المجالات.

السؤال الثالث: يجري نقاش هام داخل الحركة الامازيغية حول الانتقال إلى العمل السياسي.. ما رأيكم في هذا النقاش وما هي سبل انتقال الحركة  إلى العمل الحزبي السياسي؟

هذا النقاش لم يكن جديدا كان دائما يواكب عمل الحركة الامازيغية. فمنذ سنوات اقترح المناضل حسن ايدبلقاسم نظرية العمل بجناحين: الجناح الجمعوي و الجناح السياسي واقترح تأسيس الجزب الديموقراطي الفيدرالي، وقطع خطوات مهمة لكن احداث جديدة ظهرت أوقفت هذه المبادرة تتمثل في اقدام المناضل احمد الدغرني على تأسيس الجزب الامازيغي وكان من اللازم ان نوقف مبادرة الحزب الدمقراطي الفدرالي, وكانت تجربة  الحزب الامازيغي ستستمر لولا عملية الحل التي تقدم بها وزير الداخلية لحل هذا الحزب، وستكون هذه التجربة في السجل التاريخي لنضال الامازيغ من اجل الممارسة السياسية. كما ان مناضلي الحركة الامازيغية يناضلون داخل الاحزاب السياسية كل في موقعه لان المناضل الامازيغي الحقيقي سيناضل اينما كان ,اعتقد ان هذه هي قوة الحركة الامازيغية.

اما الان بعد ترسيم اللغة الامازيغية و اخراج القوانين التنظيمية الاوضاع تغيرت، لابد من وقفة لمناضلي الحركة الامازيغية لتحديد ما يجب القيام به. ما العمل؟ على حد قول لينين: امام تداول هذه الافكار قرر مكتب كونفدرالية الجمعيات الامازيغية بالجنوب المغربي  (تامونت ن يفوس)  ان تعقد لقاء وطنيا يجمع مناضلي الحركة الامازيغية على الصعيد الوطني و الدولي لمناقشة ميثاق جديد يجمع الحركة الامازيغية على الاقل في الحد الادنى. فكما حدث بالنسبة لميثاق اكادير، نفكر باخراج ميثاق جديد يحافظ على روح المقاربة التي بداها المرحوم ابراهيم اخياط في ميثاق اكادير، وذلك خلال منتصف سنة 2020 حتى تتوفر الحركة الامازيغية على بوصلة جديدة.

السؤال الرابع:  وما رأيكم حول وضعية الامازيغية بجهة سوس ماسة؟ 

الحركة الامازيغية بجهة سوس ماسة وسوس الكبير حركة نشيطة وان اغلب اللقاءات الوطنية و الدولية حول الامازيغية تعقد بهذه الجهة, وان اغلب القرارات حول الامازيغية جاءت من سوس. وجاء ذالك نتيجة للتفاعل الايجابي بين هذه الجمعيات مع الجماعات و البلديات بهذه الجهة. ومع ذالك فلابد من الاشارة الى ما يتداوله نشطاء الامازيغ بهذه الجهة ، ويتعلق الامر هنا بالتهميش و الحصار الذي يعانون منه من طرف المسوؤلين اد لا يتم ادماجهم في المؤسسات الموازية الرسمية و الغير الرسمية. فالمهرجانات الرسمية واللقاءات الثقافية الرسمية لا يتم استشارتهم او حتى دعوتهم للحضور، او ادماجهم للمشاركة في القرارات. فمهرجان تيميتار ومهرجان Tolérance  لا يتم استشارتهم، كما ان المجلس الوطني لحقوق الانسان غير ممثلين فيه، اضافة الى انهم غير ممثلين في الجمعية المرتبطة بالجهة ” وهي مركز سوس ماسة للتنمية الثقافية” فالجمعيات الامازيغية غير ممثلة فيه. خلاصة القول  مازال هنالك  تحفظ كبير تجاه الامازيغية وتجاه العاملين فيها رغم الدسترة و رغم القانون التنظيمي.

وبمناسبة ذكر مركز سوس ماسة للتنمية الثقافية وهي جمعية بأموال ضخمة لتنمية الثقافة بسوس و بالرغم من المجهودات التي تقوم بها  لتنمية الثقافة بالجهة،لابد من الاشارة الى ان العديد من الجمعيات الامازيغية تشتكي من اقصائها من الدعم بدون ذكر الاسباب. لذلك لابد من عقد لقاءات لتبديد هذا التحفظ, واملنا ان يتم ذالك خدمة للثقافة بالجهة التي نامل ان تصبح نموذجية في تدبير التنوع اللغوي و الثقافي.

حاوره الحسن باكريم 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد