الأمازيغية وحراك الجزائر

باريس : الحسين بويعقوبي //

يبدو أن حراك الجزائر والذي دخل أسبوعه الأربعين قد جعل الأمازيغية من جديد في قلب النقاش. من خلال ملاحظة عامة لساحة الجمهورية وسط باريس والتي تعرف وقفات كل يوم أحد مند بداية الحراك تبين المكانة التي تحتلها الأمازيغية في الحراك الحالي الذي يصعب التكهن بمآلاته. فالأمازيغية حاضرة من خلال مجاورة العلم الأمازيغي لعلم الدولة الجزائرية كما تحضر حروف تيفيناغ في كتابة اللافتات أكثر من الحرف اللاثيني، ذي التراكم المهم في منطقة القبايل. فحمل العلمين في نفس الوقت والدعوة لتنظيم مسيرة كبيرة بأعلام أمازيغية يحملها الجميع في الجزائر العاصمة دليل على أن الشعب الجزائري يحاول تجاوز الصراع الهوياتي الذي من شأنه أن يضعف الحراك وبذلك يتجه لانتاج خطاب وحدوي يقبل جميع مكونات الهوية الجزائرية سعيا لتقوية الصف وتحقيق الهذف الذي يلخصه شعار الحراك “يتنحاو كاع”، الذي أصبح يوحد الأغلبية. وفي المقابل سيحس دعاة استقلال القبايل بانحسار أفق خطابهم أمام عودة الخطاب الوحدوي المبني على قبول التعدد والإختلاف بعدما كان مؤسسا منذ الإستقلال على ثنائية العروبة والإسلام. فاعتراف الدولة الجزائرية بالأمازيغية لغة رسمية منذ 2016 لم يشفع لها في توجيه مجريات الأمور لصالحها، كما أن السعي لفتح جبهات جانبية باعتقال حاملي الأعلام الأمازيغية لكسر الحراك من الداخل لم يحقق المطلوب إذ التف الجميع، سواء كان ناطقا بالأمازيغية أو غير ناطق، حول العلمين الأمازيغي و الوطني، لمواجهة عدو مشترك.
الأكيد أن موقع الأمازيغية في جزائر ما بعد الحراك الحالي يتحدد اليوم ومن داخل الحراك نفسه وحسب درجة انخراط مناضليها في الحراك وقدرتهم على التفاوض وجعل موازين القوى لصالحهم في إطار المصلحة العليا للحراك نفسه.
لا زال الموضوع يتطور ولا أحذ يستطيع التكهن بما سيقع، فكل شيء ممكن في هذا البلد الجار الذي لم تنذمل بعد جراح عشريته السوداء. فمن مصلحة المنطقة ككل أن يتمكن الشعب الجزائري من الخروج من أزمته الحالية.
(الصورتين من وقفة الأحد 17 نونبر 2016 بساحة الجمهورية، وسط باريس).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد