نسبة المشاركة : رهان انتخابات 2021

يبدو أن سنة 2021 ليست بعيدة بالنسبة لبعض الأحزاب السياسية، خاصة تلك التي تراهن على أن تلعب دورا أساسيا في الساحة السياسية المغربية، التي عرفت تحولا جوهريا منذ 2011 بتزعم حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، لنتائج الإنتخابات الأخيرة وترأسه للحكومة لولايتين. هذا المعطى جعل مواجهة الحزب “الإسلامي” هما يؤرق باقي الفرقاء السياسيين، إذا أخذنا بعين الإعتبار ما يقع في بلدان المنطقة خاصة تونس ومصر والسودان.
يبدو المشهد وكأننا في مواجهة سيتحد فيها الجميع لمواجعة “خطر” الحزب “الإسلامي”، أو على الأقل الحد من تمدده كي لا يصل لمستوى الهيمنة. ولتحقيق هذا الهذف تتعدد الإستراتيجيات ويغير اللاعبون مواقعهم وتكتيكاتهم ويظهر البعض أوراقا ويخفي أخرى ويجمع هذا الحزب أنصاره هنا ويقوم حزب آخر بنفس الشىء هناك، ويتم التنافس على الأرقام المقدمة هنا وهناك، وفي الإخراج الفني المقدم لكل تجمع، كما يجتهد المتذخلون في طرق إلقاء الخطب ومضامينها، بحثا عن أنجع السبل لاستمالة المنخرطين والمتعاطفين والناخبين، كما لا تخل هذه التجمعات من محاولة تقليد بعض الأساليب الخطابية التي يعتقد أنها سر النجاح الإنتخابي. ومقارنة مع حزب العدالة والتنمية، الذي يعتبر في سياق ما قبل انتخابات 2021 الخصم الأول، يمكن التساؤل إن كانت تجمعاته الجماهيرية بداية التعبئة أم نتيجة تعبئة وتأطير سابقين داما عقودا.
تكمن قوة حزب العدالة والتنمية في قوة هيكلته التنظيمية وخطابه المستمد من الدين و التي جعلت جزءا كبيرا من المنتمين له يربطون علاقات روحية مع حزبهم ويعتبرون التصويت له “جهادا” سياسيا، لا يرتبط جزاءه بالضرورة بما يتحقق في الدنيا بل بالجزاء في الآخرة. كما أن عقود التأطير والتكوين الدعوي خلقت أسرا وعائلات منتظمة في شكل شبكة علاقات عائلية تنتمي كلها للحزب ومستعدة للتضحية بكل شىء من أجله. ولهذا، ففي الوقت الذي تعرف فيه الإنتخابات المغربية نزوعا نحو العزوف عن التصويت فإن حزب العدالة والتنمية يضمن دائما العدد الكافي ليتزعم النتائج، وهي أصوات تربت في حضن الإطارات الموازية له وخاصة الجمعيات الثقافية والمساعدات الإجتماعية المستمرة والتي جعلت الحزب قريب من المواطنين. فالشعب الذي لم يتجاوز بعد المطالب الخبزية لا يمكن إقناعه بخطابات فكرية ونظرية لا يرى وقعها في معيشه اليومي.
إن مواجهة حزب العدالة والتنمية رهين بارتفاع نسبة المشاركة في انتخابات 2021، وقدرة الأحزاب السياسية على إقناع الناخبين بذلك، رغم وضعية الضعف التي تعاني منها أغلبية الأحزاب التاريخية خاصة اليسارية. وهنا لابد من الأخذ بعين الإعتبار للقدرة التعبوية الكبيرة لحزب العدالة والتنمية وتعاطف جزء من الإسلاميبن المنتمون للتيارات الإسلامية الأخرى. وهو ما يجعل إمكانية تصدر البيجيدي للإنتخابات للمرة الثالثة أمرا واردا أمام غياب أي مؤشرات بإمكانية ارتفاع نسبة المشاركة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد