الدخول المدرسي.. تغييرات مهمة لتحسين جودة المنظومة البيداغوجية

تتعدد التحديات التي تطرح على قطاع التربية بالمغرب مع كل دخول مدرسي، غير أن موسم 2019-2020 يختلف عن سابقيه لكونه يأتي بعد المصادقة على القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين من قبل البرلمان، وكذا بالنظر للتغييرات التي سيشهدها والتي تركز بشكل أساسي على تحسين جودة المنظومة البيداغوجية وخصوصا من خلال تجديد المناهج الدراسية تنزيلا للرؤية الإصلاحية 2015-2030.

وتهم التغييرات المرتقبة بالخصوص تحيين مناهج مواد اللغة العربية واللغة الفرنسية والاجتماعيات والرياضيات والعلوم طبقا لمقتضيات المشروع رقم 7 من الرؤية الإصلاحية والمتعلق بتطوير النموذج البيداغوجي، والذي تم في إطاره الانتقال المتدرج في تجديد المنهاج الدراسي للمستويين الثالث والرابع من السلك الابتدائي، بعد أن تم تطوير محتويات برامج وطرق تدريس وكتب مواد المستويين الأول والثاني في شتنبر 2018.

أما بخصوص اللغات الأجنبية، فسيتم استكمال حلقات مراجعة منهاج اللغة الفرنسية الذي انطلق في شتنبر 2017 بالسلك الإعدادي والسنتين النهائيتين من السلك الابتدائي، بتعميم المقاربة العملياتية على المستوى الثالث والرابع، إذ سيعرف الدخول المدرسي الجديد تكييف 26 كتابا مدرسيا معتمدا مع المنهاج الجديد بالنسبة للسنتين الثالثة والرابعة.

وسيمكن المنهاج الجديد من تحقيق التكامل بين مكونات مادة الاجتماعيات الثلاثة (التاريخ والجغرافيا والتربية على المواطنة) وانسجامها الداخلي، وكذا انفتاحها على باقي مكونات مجال التربية على السلوك المدني، وتدرج موضوعاتها بشكل يساير النمو العمري والعقلي والاجتماعي للمتعلم.

وقد عرفت مادة الرياضيات مستجدا هاما يتعلق بإضافة “تنظيم ومعالجة البيانات” إلى المكونات الثلاثة المطبقة حاليا، وهي الأعداد والحساب والهندسة والقياس. وبالنسبة للعلوم إضافة م كو ن التكنولوجيا إلى جانب إعادة هيكلة المضامين الدارسية المطبقة في مادة النشاط العلمي، لتضم مكونات علوم الحياة والأرض والعلوم الفيزيائية والفضاء والتكنولوجيا. ومن التغييرات التي طالت البرامج الدراسية رصف المنهاج الوطني للغة العربية للسنوات الأربع الأولى للتعليم الابتدائي مع المنهاج الافتراضي للتقويم الدولي (PIRLS)، وكذا المنهاج الوطني للعلوم والرياضيات مع المنهاج الافتراضي للتقويم الدولي ( TIMSS) بحيث سيتمكن التلاميذ المغاربة من محتويات دراسية تواكب التطورات البيداغوجية على المستوى الدولي.

وفي هذا السياق، قال مدير المناهج بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، السيد فؤاد شفيقي، إن الدخول المدرسي لهذه السنة يعد استثنائيا بالنظر للمصادقة على قانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين ونشره في الجريدة الرسمية في شهر غشت الماضي، واعتبارا لكون صدور هذا القانون يعد بمثابة إعلانا عن حزمة من الإجراءات التي ستمتد في الزمن وستستمر إلى غاية 2030.

وأكد السيد شفيقي، في حديث لوكالة المغرب المغرب العربي للأنباء بمناسبة الدخول المدرسي الجديد، أن “المشاريع التي تشتغل عليها الوزارة مستمدة أساسا من الرؤية الاستراتيجية، حيث لم تكن الوزارة بحاجة لانتظار صدور قانون الإطار ما دام أنه كان هناك إجماعا حول كل النقط التي هي بصدد تنفيذها، ومنها المراجعة الشاملة للبرامج”، مبرزا أن القانون الإطار جاء بمستجدات في هذا المجال سيتم على ضوئها تكوين لجنة وطنية دائمة لكي تتولى الإشراف على عملية مراجعة البرامج وتحيينها، والاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية في هذا المجال.

واعتبر السيد شفيقي أن التحضير للإصلاح ومراجعة المناهج قد بدأ سنة 2014، حيث قامت الوزارة بعدد من الاستشارات التي تهم حاجيات المواطنين وكذا الأطر التربوية فيما يتعلق البرامج الدراسية، وخلصت إلى أن هذه البرامج وبعد تطبيقها لمدة حوالي 16 سنة وهي مدة طويلة قياسا للمعايير المعتمدة دوليا في هذا المجال، أبانت عن عدد من الاختلالات، منها طول البرامج الدراسية، خصوصا في السلك الابتدائي، وكذا وجود تفاوت بين برامج العلوم والرياضيات مع برامج العلوم والرياضيات للتقويمات الدولية التي يشارك فيها المغرب، إضافة إلى التطور الذي عرفته التكنولوجيا الرقمية خلال العشرين سنة الأخيرة.

وأوضح، في هذا السياق، أن المنهاج الدراسي هذه السنة يواصل الارتقاء بتدريس اللغة العربية عبر تنزيل مبادئ القراءة المبكرة بالسنتين الثالثة والرابعة من التعليم الابتدائي، باعتبارهما جسرا تربويا طبيعيا يضمن التدرج السلس والمتأني للمقاربة البيداغوجية المعتمدة، من خلال الاستمرار في جعل م ك و ن الاستماع والتحدث مدخلا للتعلم ومواصلة العمل بمبدأ الإضمار في تناول الظواهر اللغوية المبرمجة في السنة الثالثة، والتصريح بالقواعد والتدرب على مهارات التعبير الكتابي في السنة الرابعة مع الاستمرار في اعتماد مشروع خاص بكل وحدة دراسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد