دلالات الإحتفال بالذكرى الأربعين لجمعية الجامعة الصيفية لأكادير

إن الإحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيس الجامعة الصيفية لأكادير ( 1979-2019) ليس مناسبة لتمجيد الذات والبقاء سجيني الماضي، بل هو فرصة للقيام بوقفة من أجل تقييم المسار والمنجزات واستشراف المستقبل. فأربعون سنة في حياة الشعوب قليلة جدا، لكنها في حياة جمعية مدنية مهمة جدا، وقلما نجدها في مسار الإطارات الجمعوية.

وبهذه المناسبة لابد من تذكر كل اللذين ساهموا في بناء هذا الصرح الجمعوي العتيد، رجالا ونساء، منذ إكراهات التأسيس سنة 1979، إلى عشرية المنع خلال الثمانينات من القرن الماضي ثم العودة القوية خلال عشرية التسعينات ثم التطور كما ونوعا وكيفا منذ بداية القرن الواحد والعشرين. مسار حافل بالإنجازات والصعوبات والإكراهات والتحديات والآمال والآلام، تمكنت الأجيال المتعاقبة على تسيير الجامعة الصيفية من تجاوز اكراهات كل مرحلة بما يقتضيه ذلك من صبر وحنكة وتبصر. ولذلك من حقنا في أكادير وفي جهة سوس ماسة والمغرب عموما أن نفتخر بجمعية الجامعة الصيفية التي ساهمت خلال مسارها الطويل في الدفع إلى الأمام بالنقاش الديمقراطي حول التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب وحول أهمية طرح الحقوق الثقافية في النقاش الديمقراطي.

وما الأربعة عشرة مؤلفا التي بحوزتها إلا دليل على الأهمية المعرفية التي تتميز بها الجامعة الصيفية مند تأسيسها، كما كان لها دور محوري في التنسيق بين المكونات المختلفة للحركة الأمازيغية وطنيا ودوليا وكذا في إنتاج المفاهيم والشعارات والوثائق.

بعد مرور أربعين سنة تحققت مكتسبات أهمها الإعتراف الدستوري بالأمازيغية لغة رسمية للدولة المغربية في دستور 2011, لتبدأ مرحلة جديدة على الجامعة الصيفية أن تلعب فيها الدور الأساس كما لعبته في الماضي. مرحلة من سماتها الأساسية مأسسة الأمازيغية، أي انتقالها من الهامش اللا مفكر فيه إلى مركز الإهتمام المؤسساتي. وهنا يظهر تحدي بناء اللغة وتخصيص الإمكانات المادية والبشرية لتحقيق ذلك لكي تلعب دورها لغة للدولة. فإذا كانت الأربعين سنة الماضية خصصت للترافع من أجل إقناع الجميع بعدالة المطلب الأمازيغي فإن الأربعين سنة المقبلة بعد الإعتراف حاسمة في تحديد مستقبل هذه اللغة : إما أن تحيا وتتطور أو تستمر في التراجع وتنقرض.

والجامعة الصيفية تحتفل بمرور أربعين سنة على تأسيسها لابد من الترحم على من غادرنا من المؤسسين وندعوا بطول العمر والصحة العافية لمن لازال على قيد الحياة ولمن لازال يناضل داخل هذا الإطار العتيد الذي أصبح “مرجعا” حسب تعبير الصحفي سعود العمالكي. الشكر موصول أيضا لكل المؤسسات الداعمة للجامعة الصيفية طيلة الأربعين سنة الماضية، ولابد من التفكير بشكل جماعي وبتعاون الجميع في تطوير هذا الإطار الجمعوي ليكون مركزا ثقافيا ذات مقر دائم للتأطير والتكوين وليكون مقصدا لكل المهتمين بالإشكالات.المرتبطة بتدبير التعدد الثقافي و اللغوي والقضايا المرتبطة بالعدالة اللغوية إن على المستوى الوطني أو الدولي. وما ذلك بعزيز إن توفرت الإرادات الحسنة.

الحسين بويعقوبي: رئيس جمعية الجامعة الصيفية لأكادير 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد